أصبح المنتخب الوطني الأوّل بلا مدرب بعد إستقالة أوإقالة نبيل معلول الذي أدرك أنه لن يتحمّل مستقبلا عاصفة الغَضب التي إجتاحت الجماهير التونسية بفعل الخَيبة المُونديالية. وبعد «الإنفصال» عن معلول يُطرح سؤال كبير بشأن الجهات التي لها الصّلاحيات لإنتقاء البديل الذي ينبغي أن تَتوفّر فيه جملة من الصّفات الفنية والإتّصالية لتكون الصّفقة ناجحة على كلّ المستويات. بين الموجود والمنشود لغة العقل تقول إنّ إختيار المدرب الوطني مسألة فنية بحتة وهو ما يفرض تكليف أهل الإختصاص لمناقشة ملفات المرشحين وتقديم المُقترحات بشأن هُوية الربّان الأنسب لقيادة السفينة التونسية وذلك حسب جملة من المعايير المضبوطة مثل الكفاءة وتوافق مؤهلات المَعني بهذا المنصب الرّفيع مع خصوصيات الفريق ومتطلّبات المرحلة. ومن المفروض أن تتكفّل «الإدارة الرياضية» أوالإدارة الفنية بمعالجة هذا الملف على أن تأخذ الجامعة على عَاتقتها مسؤولية القيام بالمُفاوضات والإتّفاق على الإجراءات الإدارية والإمتيازات المالية. وبما أن منتخبنا يفتقر إلى مدير رياضي فاعل وعارف باللّعبة ولا يملك أيضا مديرا فنيا قويا ونافذا فإن ملف المدرّب يُصبح بصفة آلية من مشمولات الجامعة بل من إختصاص رئيس الجامعة دون سواه على أن يقع الترويج لبعض المُحادثات الجماعية والمُشاورات الجانبية من أجل «التّمويه» وإضفاء الشرعية الضّرورية على الخَيار الصّادر عن قائد المكتب الجامعي. بالأدلة والبراهين على الورق تُعيّن الجامعة التونسية لكرة القدم الإطارات الفنية للمنتخبات الوطنية بعد التّدقيق في سِجلاتهم المهنية والتنسيق مع إدارتها الفنية لكن الواقع يؤكد العكس تماما. فقد سبق لرئيس الجامعة أن عيّن معلول كمدرّب للمنتخب الأوّل دون أن يحصل الإجماع حول هذا القرار وإستخدم الجريء من مناسبة أولى مسرحية «الكاستينغ» لمنح الثقة ل»صديقه» معلول وأقصى المرشح الثاني وهو خالد بن يحيى الذي كان محسوبا آنذاك على الوزير طارق ذياب. (الوزارة من حقّها طبعا مُتابعة ومُراقبة نشاط المنتخبات الوطنية لكن ذلك لا يسمح لها بالتدخّل في الأمور الفنية) ورغم أن «الولاية الأولى» لمعلول على رأس المنتخب انتهت بفضيحة أمام الرأس الأخضر فإن رئيس الجامعة تحدّى الجميع وأعاده إلى منصبه رغم المُعارضة الكبيرة من داخل الجامعة وخارجها. وهذه التَعيينات الخَاضعة للصّداقات والولاءات لم تَقتصر في الحقيقة على تعيين معلول بل أن العديد من الأسماء إلتحقت بالإطارات الفنية للمنتخبات الوطنية (الأكابر والشبّان) بفضل «المجاملات» لا الكفاءات وأحيانا دون الديبلومات المطلوبة كما حصل مع سامي الطرابلسي. لجنة الطوارىء من الواضح أن الجامعة لن تتخلّى عن تقاليها المعروفة في إختيار مدرب المنتخب وِفق الولاءات والحسابات الضيّقة. وكان أهل الحلّ والعقد في الجامعة قد أعلنوا عن تشكيل «لجة طوارىء» لمعالجة ملف «المهدي المنتظر» خلفا لمعلول. هذه اللّجنة تتكوّن من المدير الفني يوسف الزواوي وبعض أعضاء الجامعة مثل واصف جليل وهشام بن عمران والبوصيري بوجلال. ويعتقد العارفون بسياسات الجامعة بأن هذه اللجة شكلية واجتماعاتها صُورية لأن القرار بيد رئيس الجامعة. والأمل كلّه أن تُراجع جامعتنا «مَناهجها» لإنتقاء مدرب تتوفّر فيه الكفاءة والنزاهة ويحصل حوله التوافق وينشغل بالعمل لا بِلُعبة المَصالح والسياسة والتهجّم على الإعلام والنّفخ في صورة بعض اللاعبين وإقصاء البعض الآخر وكلّ هذه التجاوزات عشناها في عهد معلول الذي ترك أسوأ الذّكريات رغم النّجاح النسبي في البدايات.