لا يمكن أن تزور شنني دون أن تقوم بجولة في واحتها الرحبة، الممتدة في قلب الصحراء، كجوهرة متلألئة بنخيلها الشامخ وصحرائها المترامية التي تحكي قصّة تاريخها الوضاء.. ما ان تطأ قدماك واحة شنني، حتى تستدرجك.. وتغريك بجَمَالها الساحر.. وجِمَالهَا التي تتهادى فوق رمالها.. وكأنها تستدعيك لتعانقك ولتقودك للقيام بجولة في درب واحة شنني.. هنا حيث تتوافد السياح من كل حدب وصوب ولسان حالهم يردّد ما قاله الشاعر أحمد اللغماني في قصيدته «حصن الواحة»: يا واحتي طفت بالآفاق ملتمسا ... حضنا كحضنك يؤويني ويحميني». الرحلة هي عبارة عن قصيدة في أحد العجائب المخبأة في الكثبان الرملية المتموجة والتي تكتمل روعتها بتلألأ أشعة الشمس على مياه الوديان التي يتحول هديلها في «صباحات الواحة» عبارة عن موسيقى تعزف إيقاعا «يغريك ويغويك» للاستمتاع بمنظر الواحة وسحرها العجيب . فالرحلة في واحة شنني سحر خاص يلمسه كل من يزورها منذ الوهلة الأولى.. تبدو الواحة بالنسبة إلى الكثيرين أشبه ب«جنة الدنيا»... يوفر فيها المكان مزيجا نادرا من التاريخ والعمارة وجمال الطبيعة البرية... بل هي هدية من فوق بفضل ثرائها الطبيعي وأرضها الخصبة وتراثها الأصيل.. وأشجار النخيل الخضراء... الصامدة في قلب الصحراء... وفي قلب رمالها الصفراء... الجولة في واحة شنني لا تقودك الى السياحة فقط بل تستدرجك أيضا للتلذذ بتمورها الرائعة ورمانها وعنبها... إنها هدية ربانية كما يصفها كل من يزورها.. ومن يزور واحة شنني لا يمكنه أن يغادرها بسهولة... ومن يغادرها لا يمكنه أن لا يعود إليها.. علامة مميّزة تظل واحة شنني علامة مميزة في قاموس السياحة برمتها وتعتبر جزءا أساسيا مكملا للمسلك السياحي بقابس بفضل ما تتمتع به هذه المنطقة من مكونات طبيعية آية في الجمال والتفرد ، شنني الحنة والملوخية والخوخ والرمان ودودة الحرير ، شنني التي اشتهرت بساحة عنبر وساحة الرحى والقهوة العالية والسد الروماني ونزل «الشيلا» والمسالك الملتوية المظللة والتي كانت أيام زمان تربط الواحة بقابس المدينة على متن «الكاليس» تلك العربة المجرورة والتي كانت تحمل علة متنها جحافل السياح في رحلة ممتعة افتقدناها اليوم .الواحة ورغم تقلص مياه الري وظاهرة البناء الفوضوي فان مكوناتها الطبيعية لم تندثر ومازالت محافظة على كيانها ، الواحة مازالت معطاءة خصبة ولادة ومازال في شنني الكثير ممن يدافع عنها ويحميها ويرويها بالماء والعرق ويرنو الى أن يراها مجددا ترفل في أبهى حلة لتستقبل ضيوفها ، واحة شنني اليوم هي جديرة بدخول سجلات التراث الطبيعي العالمي والتمتع بحماية خاصة بعد أن شهدت على مر العقود الأربعة الماضية انتهاكات بيئية وانسانية مست خصوبتها وجمالها ومنابع المياه فيها وهو ما أثر سلبا على كل مكامن الانتاج فيها . دور كبير لجمعية صيانة الواحة تأسست جمعية صيانة الواحة سنة 1995 ورسمت عديد الأهداف المباشرة منها مساندة الفلاحين وتأطيرهم واعادة اعمار الواحة وتثمين التجارب والخبرات وقد اعتمدت الجمعية مقاربة تشاركية في صياغة وتنفيذ المشاريع والمزج بين المهارات المحلية والبحث العلمي وكان من أولى اهتماماتها بعث حديقة التنوع البيولوجي ومشروع التصرف المستديم للموارد الطبيعية الذي تمثل في بعث محطة لرسكلة الفضلات بالواحة وصولا الى مشروع اعمار منطقة رأس الوادي قصد احياء الأراضي المهملة ومقاومة التصحر ونجحت فعلا في تهيئة واستصلاح عشرات الهكتارات . تواجد هذه الجمعية شكل محورا قويا نشيطا من أجل تطوير مسار التنمية المستديمة في الواحة مما يضمن حق الأجيال القادمة في حياة أفضل كما كانت فضاء رحبا لحل بعض الاشكاليات واستنباط الأطر والأفكار التي تساهم في دعم صغار الفلاحين وجعلهم يحافظون على ارتباطهم بالواحة ثقافة وانتاجا كما حرصت الجمعية على الدفاع عن مصالح الفلاحين وتحسيس كل الأطراف الفاعلة والمسؤولة بالأخطار البيئية والانسانية التي تهدد الواحة .اليوم وبعد أن تم ترسيم بلدية شنني النحال ضمن قائمة البلديات السياحية هناك مجهودات تبذلها الجمعية مع أطراف أخرى عديدة من أجل ادراج واحة شنني ضمن التراث العالمي وقد تم اعداد ملفات ودراسات تدعم هذا التوجه .