شهد تركيز المحكمة الدستورية مسارا متعثرا حيث فشل مجلس نواب الشعب في انتخاب أربعة من أعضائها من بين 12 عضوا نصّ عليهم القانون الأساسي عدد 50 المنظم للمحكمة الدستورية تونس (الشروق) ومن المنتظر ان تنعقد اليوم جلسة بمجلس نواب الشعب لانتخاب 4 اعضاء للمحكمة الدستورية وسط مخاوف من "تسييسها "وضرب استقلاليتها، وتفصيلها على المقاس في إطار المحاصصة الحزبية خاصة وان تركيز المحكمة الدستورية عرف "خرقاً فاضحاً وتأخيراً متعمدا " . وتتزايد المخاوف من المحاصصة الحزبية في تركيبة المحكمة الدستورية، خاصة في الأعضاء الأربعة، الذين سيعينهم رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي. استقلالية المحكمة الدستورية يجب النأي بأعضاء المحكمة الدستورية عن كل التجاذبات السياسية والحزبية واستقلاليتهم خط احمر خاصة امام ما ينتظرهم من مهام جسيمة وثقيلة اولها خلق التوازن بين السلطات وتنقية كل القوانين السابقة والقادمة من كل شوائب عدم الدستورية. هذا ما اكده القاضي انس الحمادي رئيس جمعية القضاة التونسيين في حديثه مع «الشروق» واضاف ان من اكبر الضمانات كي تقوم المحكمة الدستورية بمهامها على اكمل وجه واعلى قدر من الحرفية ان يكون اعضاؤها مستقلين بأتم معنى الكلمة ويكونوا محرزين على اكبر قدر من التوافق بين كل الكتل داخل مجلس الشعب. واوضح الرئيس الحمادي ان التنصيص في قانون المحكمة الدستورية على ان عضوية هذه المحكمة تكون باغلبية ثلثي اعضاء المجلس كانت اساسا لتحقيق هذه الغاية وهي الناي بأعضاء المحكمة عن التجاذبات الحزبية خاصة وان التركيبة الحالية لمجلس نواب الشعب لا تمكن كتلة اوكتلتين من الاحراز على هذه الأغلبية وبالتالي لا يمر الا الاعضاء الذين تربطهم بهم علاقات خاصة « الولاء السياسي». ونبه الرئيس الحمادي من خطورة الاقدام على خطوة تنقيح قانون المحكمة الدستورية في اتجاه النزول بالاغلبية المفترضة في اعضاء المحكمة من الثلثين الى الاغلبية المطلقة اوالى ما دون الاغلبية المطلقة خاصة وانه سبق وان تم انتخاب احد اعضاء المحكمة باغلبية الثلثين ولا يمكن ان يتم انتخاب بقية الاعضاء بنسبة تقل عن ذلك فضلا عن ان بعض الهيئات الدستورية الاخرى التي تقل من حيث القيمة ومن حيث المهام ومن حيث المرتبة عن المحكمة الدستورية يتم انتخاب اعضائها بأغلبية الثلثين وبالتالي من المفروض ان يتم التمسك بانتخاب الاعضاء بأغلبية الثلثين وان يتم اختيار هؤلاء والتصويت لهم بناء على معياري الكفاءة والاستقلالية والاكثر توافقا بين كل الكتل . استحقاق دستوري دعا الرئيس انس الحمادي مجلس نواب الشعب الى تحمل مسؤوليته في تحقيق هذا الاستحقاق الدستوري والعبور من هذا الامتحان الكبير والنجاح في انتخاب اعضاء المحكمة الدستورية حتى نمر الى المرحلة القادمة وهي انتخاب 4 اعضاء من المجلس الاعلى للقضاء وتعيين 4 اعضاء من قبل رئيس الجمهورية حتى نتمكن في اقرب وقت ممكن من تركيز المحكمة خاصة ونحن مقبلون على سنة سياسية بامتياز (2019) فيها العديد من المواعيد السياسية والقوانين الهامة ولا بد ان تخضع تلك القوانين الى رقابة المحكمة الدستورية ومن المسيء الى تونس ان يتواصل تأخير ارساء المحكمة الدستورية خاصة وانه لم يعد اي مبرر لذلك. اذا يجب تغليب صوت المصلحة الوطنية العليا على صوت المصالح الحزبية والسياسية الضيقة حتى تحظى المحكمة الدستورية بثقة المواطن وتنجح في اداء مهامها بعيدا عن اي ضغوطات وفي كنف الاستقلالية