رغم ما تمثله الخدمة العسكرية من تعبير عن حب الوطن والولاء له في ظل تحديات داخلية وخارجية تعيشها تونس، إلا أن ظاهرة العزوف عن أداء الواجب الوطني قد ارتفعت خلال السنوات الأخيرة. تونس (الشروق) كشف وزير الدفاع الوطني عبد الكريم الزبيدي خلال جلسة في البرلمان أنه وخلال سنة 2017 لم يتقدم غير 506 من الشباب من بين أكثر من 31 الفا تم استدعاؤهم لأداء هذا الواجب أي بنسبة 1.65 بالمائة، فيما يبلغ عدد المعنيين بالخدمة العسكرية سنويا 60 ألف شاب. وتوجد ملفات لنحو 200 ألف شاب لم يؤدوا الواجب العسكري لدى القضاء العسكري الذي طلب من وزارة الداخلية توجيه دعوات لهؤلاء الشباب لتسوية وضعياتهم. كما تؤكد مصادر من المراكز الجهوية للتجنيد والتعبئة ارتفاع نسبة العزوف عن الخدمة الوطنية في السنوات الأخيرة. وبينت مصادر مطلعة من وزارة الدفاع ل"الشروق" أن القانون الذي طرحه وزير الدفاع في البرلمان والذي يسعى إلى مقاومة ظاهرة العزوف عن أداء الخدمة الوطنية لم يأت من فراغ، حيث قامت الوزارة بدراسات ميدانية وسبر آراء لمعرفة آراء الشباب في الخدمة الوطنية وللوقوف على أسباب عدم الإقبال على أداء الواجب الوطني بصفة تطوعية. أسباب العزوف يعود عزوف الشباب عن الخدمة الوطنية إلى أسباب عديدة منها عدم دراية المواطن بمفهوم هذه الخدمة. وعدم إلمامه بمختلف أشكالها، كما طرح الشباب ضرورة الترفيع في المنحة الشهرية للمجندين حسب ما بينته دراسة قامت بها وزارة الدفاع مع مكتب دراسات تولى عملية سبر الآراء. من جهتها بينت وزارة الشباب الرياضة والشباب في دراسة لعيّنة من 1002 شاب أن 7 شبان من 10 لا يرغبون في تأدية الواجب العسكري. ويرفض 64 في المائة من الشبان تأدية الخدمة العسكرية، في حين أن 32 في المائة مستعدون للقيام بها. واعتبر رئيس جمعية إنصاف قدماء العسكريين محسن الميغري أن السبب الرئيسي للعزوف عن الخدمة العسكرية هو أن «الدولة لا تشجع على أداء الواجب الوطني، وهي أهم نقطة». ويتمثل التشجيع في العمل على عودة كل من يقوم بتأدية الواجب الوطني إلى عمله سواء في القطاع الخاص أو العمومي، كما كان يتم سابقا. فمع ارتفاع موجة البطالة، أصبح من يغيب يخسر عمله، باعتبار أن الدولة لا تضمن العودة للعمل، ولا تساند «المجند». أما النقطة الثانية، حسب محدثنا، فهي عدم تحمل الدولة لنفقات من يقوم بالخدمة العسكرية، ودعا إلى وضع مكافأة مالية تشجيعية محترمة للشباب. و اعتبر أن المناخ العام بعد الثورة والتهديدات التي تواجه البلاد من ارهاب وغيره قد شكلت بصورة غير مباشرة نوعا من الحملات التحسيسية لأداء الواجب الوطني، لكن لا بد من تحسيس إضافي، ولا بد من توعية الشباب بخطر الإرهاب والأخطار الأخرى التي تواجه الوطن. كما من الضروري أن تحسن الدولة من رد فعلها وكفالتها لعائلات الشهداء والمتضررين في الحرب على الإرهاب، فالشاب التونسي يحب المؤسسة العسكرية حسب محدثنا لكن ينقصه التشجيع. امتيازات وتشغيل جولة في الشارع التونسي كشفت جهل عدد من الشباب بالامتيازات التي توفرها المؤسسة العسكرية للمتطوعين في أداء الخدمة العسكرية. وحسب مصادر من وزارة الدفاع الوطني يتمتع المجندون بامتيازات عديدة منها المعنوي والقيمي مثل شرف الدفاع عن حوزة الوطن، والمساهمة في نشر السلم في العالم، والمشاركة في التنمية الشاملة للبلاد، إضافة إلى التمتع بالأولوية في الانتداب في مناظرات المدارس العسكرية، والتنفيل في السن القصوى للانتداب بالمدارس العسكرية، وإمكانية متابعة التكوين المهني في عديد الاختصاصات أثناء أداء الواجب الوطني. ومنحة شهرية قدرها 200 دينار للمجندين المتحصلين على شهائد عليا وكذلك الذين تلقوا تكوينا مهنيا مشفوعا بشهادة تقني سام، و100 دينار للمجندين غير المتحصلين على شهائد عليا.وعادة ما يدخل المتكون سوق الشغل بسهولة فهم «مطلوبون» نظرا لتمتعهم بالكفاءة والجدية والانضباط والمسؤولية. مشروع القانون الجديد الخدمة الوطنية واجب حسب الفصل 9 من الدستور و هي تهدف إلى إعداد المواطن للدفاع عن الوطن واستقلاله ووحدة ترابه و المشاركة في التنمية الشاملة للبلاد و المساهمة في نشر السلم في العالم. وتساهم في تعزيز حب الوطن و تنمية روح المواطنة والوحدة الوطنية والروح النضالية والدفاع عن الراية الوطنية واحترام مقدسات البلاد والمبادئ التي يقوم عليها المجتمع. ويتضمن مشروع القانون الجديد الذي استلهم بعض المبادئ والنقاط الأساسية من القانون عدد1 لسنة 2004 المنظّم لعملية تأدية الواجب الوطني، نقاطا تشجع على تأدية الخدمة التطوعية المدنية، وحافظ مشروع القانون الجديد على إجبارية التجنيد، بالإضافة إلى إحداث خدمة عسكرية مباشرة وخدمة مدنية مقابل إلغاء التعيينات الفردية. ويتحصل كل من يؤدي الواجب الوطني على الأولوية في التشغيل في الوظيفة العمومية، والأولوية في الحصول على قروض بالنسبة إلى باعثي المشاريع، وضرورة تسوية الوضعية العسكرية إزاء الخدمة الوطنية لكل مترشح للانتخابات أو لوظيفة وحتى للعمل أو الانتصاب في القطاع الخاص، والترفيع تدريجيا في نسبة المجندات من النساء في إطار الخدمة العسكرية في إطار المساواة بين الجنسين وفي انتظار تحسين البنية الأساسية. أرقام ودلالات 1.65 بالمائة فقط من الشباب يقبلون طوعيا على الخدمة العسكرية. 64 بالمائة من الشباب عبروا عن رفضهم أداء الخدمة العسكرية حسب دراسة لوزارة الشباب. 200 ألف ملف لدى القضاء العسكري لشباب لم يؤدوا الخدمة العسكرية.