بداية من 6 ماي: انقطاع مياه الشرب بهذه المناطق بالعاصمة    الأطباء الشبان يُهدّدون بالإضراب لمدة 5 أيّام    خبر سارّ: العشرية الثانية من شهر ماي مُمطرة    الرابطة الأولى: الاتحاد المنستيري يتعادل مع البقلاوة واتحاد بن قردان ينتصر    نابل: رفع 219 مخالفة اقتصادية خلال شهر أفريل المنقضي    القصرين: قافلة صحية متعددة الاختصاصات تحلّ بمدينة القصرين وتسجّل إقبالًا واسعًا من المواطنين    نادي ساقية الزيت يتأهل لنهائي الكأس على حساب النجم    كلاسيكو اوفى بوعوده والنادي الصفاقسي لم يؤمن بحظوظه    ماراطون لندن يستقبل رقما قياسيا لطلبات المشاركة في سباق 2026    سامي بنواس رئيس مدير عام جديد على رأس بي هاش للتأمين    طقس الليلة: الحرارة تصل الى 27 درجة    وزير النقل يدعو الى استكمال أشغال التكييف في مطار تونس قرطاج استعدادا لموسم الحجّ وعودة التّونسيين بالخارج    منوبة: 400 تلميذ وتلميذة يشاركون في الدور النهائي للبطولة الاقليمية لألعاب الرياضيات والمنطق    "براكاج" يُطيح بمنحرف محل 26 منشور تفتيش    إحالة رجل أعمال في مجال تصنيع القهوة ومسؤول سام على الدائرة الجنائية في قضايا فساد مالي ورفض الإفراج عنهما    غدا.. قطع الكهرباء ب3 ولايات    دقاش: شجار ينتهي بإزهاق روح شاب ثلاثيني    بداية من الاثنين: انطلاق "البكالوريا البيضاء"    بعد منعهم من صيد السردينة: بحّارة هذه الجهة يحتجّون.. #خبر_عاجل    البنك الوطني الفلاحي: توزيع أرباح بقيمة دينار واحد عن كل سهم بعنوان سنة 2024    الكلاسيكو: الترجي يحذر جماهيره    في اليوم العالمي لحرية الصحافة: نقابة الصحفيين تدعو لتعديل المرسوم 54    عاجل/ سرقة منزل المرزوقي: النيابة العمومية تتدخّل..    "البيض غالٍ".. ترامب يدفع الأمريكيين لاستئجار الدجاج    وزير التربية يؤدي زيارة إلى معرض الكتاب بالكرم    الحج والعمرة السعودية تحذّر من التعرُّض المباشر للشمس    سوسة: القبض على شخص مصنف خطير وحجز مواد مخدرة    دراسة جديدة: الشباب يفتقر للسعادة ويفضلون الاتصال بالواقع الافتراضي    البطولة العربية للرماية بالقوس والسهم - تونس تنهي مشاركتها في المركز الخامس برصيد 9 ميداليات    الحكومة الإيرانية: نخوض المفاوضات مع واشنطن لأننا لا نرغب في نزاع جديد بالمنطقة    هند صبري: ''أخيرا إنتهى شهر أفريل''    عاجل/ ضحايا المجاعة في ارتفاع: استشهاد طفلة جوعا في غزة    جندوبة: استعدادات لانجاح الموسم السياحي    المأساة متواصلة: ولادة طفلة "بلا دماغ" في غزة!!    وفاة وليد مصطفى زوج كارول سماحة    بطولة الكويت : الدولي التونسي طه ياسين الخنيسي هداف مع فريقه الكويت    قبل عيد الأضحى: وزارة الفلاحة تحذّر من أمراض تهدد الأضاحي وتصدر هذه التوصيات    سعيّد يُسدي تعليماته بإيجاد حلول عاجلة للمنشآت المُهمّشة    التلفزيون الجزائري يهاجم الإمارات ويتوعدها ب"ردّ الصاع صاعين"    صُدفة.. اكتشاف أثري خلال أشغال بناء مستشفى بهذه الجهة    الموت يفجع الفنانة اللبنانية كارول سماحة    افتتاح مهرجان ربيع الفنون الدّولي بالقيروان    الولايات المتحدة توافق على بيع صواريخ بقيمة 3.5 مليار دولار للسعودية    السلطات الجزائرية توقف بث قناة تلفزيونية لمدة عشرة أيام    الاستعداد لعيد الاضحى: بلاغ هام من وزارة الفلاحة.. #خبر_عاجل    ترامب ينشر صورة بزيّ بابا الفاتيكان    غارات إسرائيلية عنيفة تستهدف مواقع مختلفة في سوريا    جلسة عمل بين وزير الرياضة ورئيسي النادي البنزرتي والنادي الإفريقي    تونس: مواطنة أوروبية تعلن إسلامها بمكتب سماحة مفتي الجمهورية    تونس تستعدّ لاعتماد تقنية نووية جديدة لتشخيص وعلاج سرطان البروستات نهاية 2025    ملكة جمال تونس 2025 تشارك في مسابقة ملكة جمال العالم بمشروع مدني بيئي وثقافي    مقارنة بالسنة الماضية: إرتفاع عدد الليالي المقضاة ب 113.7% بولاية قابس.    سليانة: تلقيح 23 ألف رأس من الأبقار ضد مرض الجلد العقدي    الأشهر الحرم: فضائلها وأحكامها في ضوء القرآن والسنة    أبرز ما جاء في زيارة رئيس الدولة لولاية الكاف..#خبر_عاجل    خطبة الجمعة .. العمل عبادة في الإسلام    ملف الأسبوع.. تَجَنُّبوا الأسماءِ المَكروهةِ معانِيها .. اتّقوا الله في ذرّياتكم    أولا وأخيرا: أم القضايا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مقدمات للمطر :الطفل والوزير.. ما صار وما يجب أن يصير!
نشر في الشروق يوم 01 - 08 - 2018

ربما تمتد بي رحلة العمر التي أعرف متى بدأت تقريبا وليس تحديدا.ولكن لا أحد منا يعرف متى تكون نقطة النهاية. لو امتدت الرحلة فإنني سأفي «محمد الطرابلسي» الإنسان والمسؤول حقه،شهادة تاريخية.هي نتاج صداقة قديمة مقيمة امتدت على أكثر من ثلاثين سنة ،وعلاقة تعايش يومية عمرها قاربت العامين .
عندما أغادر مهام «المستشار» لوزير الشؤون الاجتماعية «محمدالطرابلسي»سأكتب عن محمد الطرابلسي الانسان،والوزير. سأكتب عن سجاياه وكرمه وأريحيته،وسعة أفقه وميزات هذه الشخصية الثقافية والإنسانية. سأكتب عن الصديق الذي عرفته في تونس وعن رفيق السفر الذي جمعتني به عواصم الدنيا بدءا من القاهرة وصولا إلى باريس...
لقد عشت مع محمد الطرابلسي أوقات سعيدة ينيرها الصفاء والتلقائية والبهاء.. كما جمعتنا في كنف المسؤولية وحب الوطن أوقات أخرى، قاسية، صعبة. لا أحد يعلم كيف تمت مجابهتها وعبور عواصفها إلى شاطئ الأمان .. كل ذلك بفضل حكمة الرجل وهدوئه وحب الناس له.
أما ما أردنا أن نتوقف عنده اليوم في هذه المقدمات، فيكمن في ملابسات حادثة العار ليوم الخميس 26 جويلية من سنة الخير 2018.
طبعا لقد أصبحت الحادثة معلومة. وقد أسالت من الحبر مدادا وتجاوز صداها حدود الجغرافيا الوطنية ليصل أصقاعا بعيدة.. أما أبطالها فهم الطفل» ياسين» صانع بائع الخضار في ضاحية صفاقس «ساقية الزيت» ومحمد الطرابلسي، الإنسان أولا والوزير ثانيا والمواطنان بائع الخضار وشقيقه ولمن فاتته الأحداث نذكر بالمختصر المفيد:
كان الوزير متجها إلى مدينة صفاقس لحضور مناسبة عائلية لايمكن أن يكون غائبا عنها.. وكعادته، توقف قبل أن يحط الرحال ببيت العائلة بساقية الزيت لشراء ما يلزم من الفاكهة والخضار ليفاجأ بصاحب المحل نازلا ضربا ولكما في الطفل ياسين فتدخل الوزير سائلا هل هو إبنك..؟
فجاء الجواب هو الصانع. وأنت ماهو دخلك؟ وأمام هول المشهد حاول الوزير أن يسحب الطفل من الجلاد. وبادر الطفل مرعوبا أن يحتمي بالوزير. ولكن الوضع ازداد تعقيدا بدخول شقيق البائع الحلبة بتعنيف الطفل لتصل ضربات طائشة باتجاه الوزير... وبقية القصة أصبحت معلومة وأخذت مجراها العدالة.
الحادثة أشعلت في حينها وسائل الاتصال الاجتماعي. وفي متابعتنا لما نشر هنا وهناك تبين لنا أن من تدخلوا وعلقوا أو عقبوا يجهلون تماما الواقع الاجتماعي والثقافي والقانوني لوضعية تشغيل الأطفال في تونس.. وانطلاقا من رمزية الحادثة وإسهاما في نشر ثقافة التصدي لهذه الظاهرة المشينة نورد في ما يلي معطيات أساسية حول هذه الظاهرة فنقول: ظاهرة تشغيل الأطفال في تونس قبل الثورة كانت من الظواهر المسكوت عنها وتبعا للتقريرالسنوي لوزارة العمل الأمريكية حول أسوإ أشكال تشغيل الأطفال في العالم والذي يعتمد أربع درجات لتصنيف هذه الدول ... فإن تونس كانت تصنف في الدرجة الثانية.
بعد الثورة ارتقت تونس إلى الدرجة الرابعة ليصنفها التقرير ضمن الدول الباذلة لمجهودات متقدمة في مجال الحد من ظاهرة تشغيل الأطفال الذين يبلغ عددهم حوالي مائتين وخمسة عشر ألف طفل وتشير للإحصاء دراسة استقصائية أعدتها اليونيسيف بالتعاون مع المعهد الوطني بأن نسبة 3°/°من الأطفال البالغة أعمارهم بين 5 و14 سنة هم من المشغلين اقتصاديا وأن هذه النسبة تتفاوت بشكل واضح بحسب الجهات والمناطق لتسجيل مستويات تنبئ بخطورة تفشيها ببعض الجهات كالجنوب الشرقي (7°/°)أو ببعض الولايات كالقصرين التي تسجل أعلى نسبة عمل الأطفال(10°/°). وتشير الدراسة إلى العلاقة المباشرة بين عمالة الأطفال وظروف مزاولتهم للتعليم وتزايد احتمالية وقوع ذلك في حالات التسرب والانقطاع المدرسي الأمر الذي قد ينبئ بخطورة المسألة اذا ما اعتبرنا الحجم السنوي للانقطاعات المدرسية لسنة 2014 والذي تجاوز حسب إحصائيات وزارة التربية 100 ألف تلميذ هم في حقيقة الأمر مهددون باللجوء إلى سوق العمل بعد ابتعادهم الاختياري أو القسري عن مقاعد الدراسة كما تربط الدراسة بين الظاهرة وارتفاع نسبة الفقر وعوز العائلات.
المجالات والقطاعات ذات التشغيلية الكبيرة للأطفال وتفاوتها بحسب الجهات والمناطق هي الفلاحة ورعاية الماشية وتجميع القوارير وغسل السيارات وتنظيفها وبيع التبغ والتسول المنظم والعمل المنزلي والعمل لدى ورشات الميكانيك والتجارة...
ومما زاد الطين بلة، استقطاب بعض الأطفال القاطنين بالمناطق الحدودية إلى التهريب والتجارة الممنوعة.
عمليا تم منذ سنة 2016 السنة التي تولى فيها الوزير الحالي مقاليد وزارة الشؤون الاجتماعية إعداد مخطط وطني لمكافحة عمل الأطفال للفترة 2015 - 2020 عن طريق لجنة قيادة مكونة من الجهات الحكومية (مختلف الوزارات المعنية) وغير الحكومية (الأطراف الاجتماعية ومنظمات المجتمع المدني) بالتعاون مع منظمة العمل الدولية. وللعلم فإن رئيس هذه اللجنة الوطنية هو الوزير المعنف.
ويرتكز هذا المخطط على المبادئ التي وضعتها اتفاقية العمل الدولية رقم 182 بشأن حظر أسوإ أشكال عمل الأطفال والإجراءات الفورية للقضاء عليها واتفاقية العمل الدولية رقم 138 بشأن الحد الأدنى لسن الاستخدام. وقد وقعت تونس على الاتفاقيتين. كما حدد الدستور الجديد موقفا واضحا من الظاهرة.
ويهدف المخطط إلى وضع التصورات والآليات العملية الكفيلة بالحد من التحاق الأطفال بسوق العمل. وتعلقت المحاور الأساسية والأهداف النوعية لهذا المخطط بالعمل على تجانس النصوص القانونية ذات العلاقة بمسألة التصدي لظاهرة عمل الأطفال وإحداث وتصور هياكل وطنية وجهوية تعنى بمسألة مكافحة عمل الأطفال وخلق إطار مندمج وتشاركي بين مختلف الهياكل والإدارات المعنية بمسألة عمل الأطفال وإيجاد منظومة معلوماتية متكاملة تمكن من إنارة الرأي وتقريب المعلومة لطالبيها وتنمية القدرات المؤسساتية والتقنية لمختلف المتدخلين والإسهام في الوقاية وحماية الأطفال الأكثر عرضة للاستغلال الاقتصادي من خلال ضبط وتصور برامج موجهة لاستئصال ودواعي عمل الأطفال.
- وضع إستراتيجية اتصالية على أوسع نطاق لغاية التحسيس والتوعية بمخاطر تشغيل الأطفال.
وفي إطار تنفيذ هذا المخطط الوطني لمكافحة عمل الأطفال بتونس للفترة 2015 - 2020، تم إجراء مسح وطني حول عمل الأطفال في تونس قصد توفير معطيات إحصائية دقيقة حول هذه الظاهرة وخصائصها الجغرافية والقطاعية والديمغرافية. وشمل هذا المسح عينة ب12800 أسرة
وفي إطار أيضا تنفيذ هذا المخطط الوطني وبطلب من الحكومة التونسية،يدعم مكتب شؤون العمل الدولية وبالتعاون مع منظمة العمل الدولية، مشروع التابع لوزارة العمل الأمريكية( ) تعاون اطلق عليه اسم»كلنا ضد عمل الأطفال في تونس». وينجز هذا المشروع في الفترة الممتدة بين جانفي 2017 وماي 2020.
ذلك ما صار.. أما ما يجب أن يصير فيؤسسه المجتمع المدني والإعلام وثقافة التصدي للظاهرة... وطبعا قياديون من طينة محمد الطرابلسي الوزير القريب من الناس لأنه رجل من أبناء هذا الشعب العظيم الكريم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.