رغم الصعوبات الاقتصادية إلا أن الواضح أن فئة الشباب ما زالت لا تبخل بمصروفها اليومي للترفيه وتعيش بمنطق «اصرف ما في الجيب»، فهل يمتلك شبابنا ثقافة استهلاكية توازن بين الترفيه وبقية متطلبات الحياة ؟ تونس «الشروق» رغم أن الموسم موسم صيف إلا أن الواضح أن الشباب التونسي المعروف بحبه للسهرات والترفيه، لم يجد بعد الوجهات «الرؤوفة» بجيبه، حيث عادة ما يقوم بإنفاق مداخيله من أجل الترفيه عن النفس. ويقول محمد علي (متخرج و يعمل وقتيا في أحد المحلات)، إن متطلبات الحياة أصبحت أكبر بكثير من إمكانيات الجيل الجديد وهو ما يجعله يفكر في إمضاء يومه بشكل سلس دون تفكير في الادخار. جولة «الشروق» في الشارع التونسي كشفت عن لا مبالاة «بالغد»، واهتمام الشاب بالترفيه كل حسب مدخوله اليومي. ففي أوقات الفراغ يختلف المصروف حسب إمكانيات كل شريحة. وحسب معطيات من المعهد الوطني للإحصاء فان معدل إنفاق الشباب على الترفيه قد تراجع خلال السنوات الأخيرة. كما يشير الخبراء إلى أنه ورغم ما يبدو من أن مصروف الشباب متجه نحو الخلاعة والمقاهي والترفيه عموما إلا أن نوعية هذا الترفيه غير مكلفة باعتبار أن إمكانيات الشباب لا تسمح بأنشطة مكلفة. وتحدث عدد من الشباب عن أنهم يصرون على الترفيه ولو بالسلفة والروج أو الديون. مصروف واهتمامات قام المعهد الوطني للاستهلاك بدراسة حول اتجاهات مصروف الشباب بدراسة شملت الفئة العمرية بين 18 و34 سنة. ويختلف الترفيه بين الشباب العامل وغير العامل. أما بالنسبة لغير المشتغلين فإن مصادر أموالهم في 76 بالمائة منها فهي من العائلة، ثم في 36 بالمائة للأعمال الظرفية والموسمية، مقابل 7.5 بالمائة مصادر مصروفهم من المنح الدراسية والخطيب أو الزوج. ويعتبر 44 بالمائة من الشباب غير العامل من الشباب أن 400 دينار هو مصروف جيب كاف لهم شهريا. في حين يعتبر الشباب العامل ان الدخل المقبول هو فوق 1400 دينار لمواجهة المصاريف بأريحية. وعموما يعتبر الفايس بوك والأنترنت أول مجالات الترفيه لدى الشباب حيث يقضي كل شاب ما معدله 3 ساعات من الإبحار على الشبكة العنكبوتية. ويقضي 87 بالمائة من الشباب ما معدله 2.5 ساعات على الفايسبوك فيما يقضي 28 بالمائة منهم أكثر من 4 ساعات . ويهتم الشباب بدرجة أولى بمواقع التواصل الاجتماعي ثم بالبحث عن المعلومات وفي مرتبة ثالثة الأخبار. ويصرف الشباب ما معدله 8.3 دنانير اسبوعيا على المكالمات الهاتفية. وحول طرق الترفيه التي يتوجه نحوها الشباب أفاد البحث أنه وخلال سنة قبل إجراء الدراسة فإن 46 بالمائة من الشباب قاموا بسياحة داخلية مع الإقامة و35 بالمائة اختاروا قراءة كتاب، و31 بالمائة توجهوا للمهرجانات. ولاحظت الدراسة أن 25 بالمائة فقط من الشباب يمارسون الرياضة بانتظام أو غالبا مقابل 30 بالمائة بصفة غير منتظمة، وأغلبهم في قاعات الرياضة أو الفضاءات الخارجية، مقابل 45 بالمائة لا يمارسون اي نشاط رياضي. وكان مدير المعهد الوطني للاستهلاك قد صرح أنه من الضروري تطوير الدراسات المتعلقة باستهلاك الشباب خاصة وان طلباته في نمو مقارنة بدخله المادي المتواضع . ترفيه رغم الغصرات يحاول المستهلك التونسي دائما أن يخصص جانبا من وقته وميزانيته للترفيه، ولو بوسائل بسيطة، ولكن الوتيرة تبقى نسبيا منخفضة (مرة كل شهر). و يعتبر الموسم الصيفي، وفترة المهرجانات الكبرى، أبرز الأوقات التي يخصص فيها التونسي الوقت والمال للترفيه والثقافة. كما يحاول التونسي أن يطوع رغبته في الترفيه والثقافة، كوسيلة للتموقع الاجتماعي، حسب ميزانيته وفي حدود إمكانياته، باعتبارها ليست من الضروريات أمام الضغط المسجل على قدرته الشرائية. هذا ما خلصت إليه دراسة خبراء المعهد الوطني للاستهلاك في بحثهم عن علاقة التونسي بالترفيه والثقافة. فيما تبقى العلاقة مع المسرح والسينما والكتب علاقة مناسباتية. وخلال حديث مع الدكتور تريعة حول مفهوم الترفيه قال إن الترفيه له أصوله ومن المفروض أن يكون بعد العمل، وقال إن من يعمل ولا يعمل قد يجد ملاذه في البحر ولكن حتى البحر أصبح له مصروفه.ولاحظ أن ثقافة الترفيه عند التونسي منعدمة، فهو لا يعمل بشكل مسؤول ولا يقتصد ولا يخصص وقتا تاما للعمل يتبعه مكافأة بالترفيه فهو لا يقسم وقته. واعتبر أن الشباب يعاني من البطالة والتشغيل الهش، وهو ما يجعله يتعسف ويتحيل للحصول على أموال للذهاب للبحر أو المقهى أو المهرجان.وقال إن البحث عن الترفيه يتطلب توفير الأساسيات الحياتية. أما الشباب العامل فيعيش في مستوى عيش أكثر من طاقته. ومنهم من يخصص ميزانية للسياحة الداخلية ومن يقترض من أجل الترفيه أو السفر ويعيشون بمنطق «نعيش يوم سردوك»...كما لاحظ عدد من الخبراء أن الترفيه لفئة من الشباب هو البقاء في المقهى أو التدخين وشرب الخمور. أرقام ودلالات - 6.69 بالمائة يخصصها المستهلك التونسي من ميزانيته للترفيه والثقافة، اي معدل 36 دينارا للفرد الواحد حسب آخر الإحصائيات من المعهد الوطني للإحصاء، وهي نسبة في تراجع . - حسب دراسة حول تطور الأنماط الاستهلاكية أنجزها المعهد الوطني للاستهلاك سنة 2015، 36 بالمائة من أسر العينة يقومون بخرجات للترفيه خلال نهاية الأسبوع، و 63 بالمائة لا يخصصون وقتا وميزانية لذلك. - 53 بالمائة من العينة يقضون عطلهم خارج منازلهم، 20.8 بالمائة منهم يقومون بهذه العملية على الأقل مرة في السنة و 56 بالمائة على الأقل مرتين في السنة.