بعد أن أعلن رئيس الجمهورية عن نيته إحالة مقترح المساواة في الميراث على مجلس نواب الشعب طرح كثيرون تساؤلات حول الخطوات القانونية والدستورية الممكنة لذلك. قانون أساسي... والأغلبية المطلقة في البرلمان مطلوبة هل يشمل التنقيح 68 فصلا من مجلة الأحوال الشخصية أم يقع الاكتفاء بإضافة فصل وحيد؟ تونس (الشروق) أعلن رئيس الجمهورية أمس في خطابه أمس بمناسبة عيد المرأة عن الحسم في مسألة المساواة في الميراث بالقول انه سيعرض مبادرة في الغرض على مجلس نواب الشعب. وقد ذكر رئيس الجمهورية أنّه من الضروري، في إطار التوازنات التي جاء بها دستور الدولة التونسية بين مدنية الدولة واحترام حرية المعتقد والضمير، تنفيذ التزامات الدولة تجاه مواطناتها ومواطنيها في تحقيق المساواة بينهم تكريسا للدستور ولمدنيّة الدولة، مع احترام إرادة الأفراد الذين يختارون عدم المساواة في الإرث وفقا لحرية المعتقد والضمير التي جاء بها الدستور أيضا. وقد تساءل التونسيون عن الخطوات العملية والقانونية والدستورية التي سيتخذها رئيس الجمهورية في هذا الغرض. مبادرة رئيس الجمهورية يضمن دستور 14 جانفي 2014 لرئيس الجمهورية حق المبادرة التشريعية إما لاقتراح مشاريع قوانين جديدة او لتنقيح قوانين موجودة. وينص الفصل 62 من الدستور على انه « تُمارَسُ المبادرة التشريعية بمقترحات قوانين من 10 نواب على الأقل أو بمشاريع قوانين من رئيس الجمهورية او رئيس الحكومة»، وتنقسم القوانين إلى قوانين عادية وقوانين أساسية.. وجاء في الفصل 65 من الدستور انه «تتخذ شكل قوانين اساسية النصوص المتعلقة ب(...) الأحوال الشخصية». قانون أساسي بما أن مسألة الميراث تندرج ضمن الأحوال الشخصية حيث تنظمها مجلة الاحوال الشخصية من الفصل 85 الى الفصل 152 ، فان أي تنقيح يمسها يجب أن يتم عبر تنقيح هذه الفصول المذكورة أو بعضها عبر قانون أساسي .حيث ينص الفصل 64 من الدستور على أن القوانين المتعلقة بالاحوال الشخصية يجب ان تتخذ شكل « قانون أساسي» وانه يشترط أن يصادق مجلس نواب الشعب على القوانين الأساسية بالأغلبية المطلقة لأعضائه ويضيف أيضا « لا يُعرض مشروع القانون الأساسي على مداولة الجلسة العامة لمجلس نواب الشعب إلا بعد مُضي 15 يوما من إحالته على اللجنة المختصة». أمام البرلمان وحول الخطوات العملية التي يجب اتخاذها والمدة التي قد يتطلبها الحسم النهائي في هذا الملف واصدار قانون في شأنه، فانها ستكون عبر اتباع ما ينص عليه النظام الداخلي لمجلس نواب الشعب في ما يتعلق بالنظر في مشاريع المبادرات التشريعية المعروضة عليه. مبدئيا يكون نظر مجلس نواب الشعب في المبادرات التشريعية المعروضة عليه خلال الفترة النيابية اي خلال الدورة العادية التي تنطلق حسب الفصل 6 من النظام الداخلي للمجلس خلال شهر أكتوبر من كل سنة وتنتهي خلال شهرجويلية، وبما ان الفترة الحالية هي فترة عطلة برلمانية ( من جويلية إلى أكتوبر) فانه يجب على رئيس الجمهورية انتظار شهر أكتوبر لعرض مبادرته . غير ان هذا الفصل يضيف ،انه يمكن ان "يجتمع مجلس نواب الشعب أثناء عطلته في دورة استثنائية بطلب من رئيس الجمهورية أومن رئيس الحكومة أومن ثلث أعضائه للنظر في جدول أعمال محدد" ويمكن بالتالي لرئيس الجمهورية ان يسارع بتقديم مبادرته خلال هذه الفترة ويطلب من البرلمان الاجتماع. وينص النظام الداخلي لمجلس نواب الشعب على ان تقديم المبادرة او مشروع القانون المقترح ( في هذه الحالة من رئيس الجمهورية) يتم إحالته إلى مكتب المجلس الذي يحيلها بدوره إلى اللجنة المختصة لدراستها في أجل خمسة عشر يوما من تاريخ إيداعها وهو ما ينطبق على مبادرة مشروع تنقيح مجلة الاحوال الشخصية في جزئها المتعلق بالميراث، وبعد ذلك تتم إحالتها إلى الجلسة العامة للنقاش والمصادقة. تنقيح تنظم مسألة المواريث مجلة الأحوال الشخصية من الفصل 85 الى الفصل 152 ( 68 فصلا). ويعترف رجال القانون بان قانون الميراث من أكثر القوانين تعقيدا نظرا لاحتوائها تفاصيل تقنية وقانونية متشعبة خاصة في ما يتعلق بتوزيع الميراث بين الذكر والأنثى. ومن التساؤلات التي لا تزال مطروحة هي هل سيتطلب الأمر تنقيح أغلب الفصول ام بعضها (وهو ما قد يتطلب وقتا طويلا وعملا كبيرا من خبراء القانون واللجنة البرلمانية المختصة والجلسة العامة للمجلس) ام سيقع الاكتفاء بإضافة فصل وحيد ينص على امكانية الاختيار بين المساواة او بين تطبيق الفصول الحالية. لكن هذا سيتطلب ايضا تدقيقا قانونيا كبيرا لتفادي كل التأويلات الخاطئة او المشاكل التي قد تحصل في ما بعد بين الوارثين (مثلا في صورة موافقة المُورّث ورفض الورثة أو أحدهم المساواة أو في صورة وفاة المُورّث وعدم حصول الاتفاق بين الورثة حول المساواة ام لا او موافقة بعضهم ورفض البعض الآخر..إلى غير ذلك من الفرضيات الممكنة).