من الواضح أن جامعة الكرة مُرتبطة بعقد طويل المدى مع إثارة المشاكل وصِناعة الجدل حتّى أن هذا الهيكل "المُتغوّل" لا يكاد يخرج من "أزمة" ليدخل في أخرى. فبعد الضّجة الكبيرة حول مشاركتنا المونديالية المُخيّبة للآمال والصراع الجانبي مع الوزارة سيشعل وديع الجريء معركة قانونية على هامش الجلسة العامّة المُرتقبة اليوم في ضاحية قمرت وذلك بحضور الأندية الناشطة في مُختلف الجهات والرابطات. ولن يخلو هذا "التجمّع" الكبير من التحفّظات والاحترازات وهو حال أغلب الجلسات التي يُديرها مكتب الجريء المُتهم ب"تفخيخ" مؤتمر قمرت بجملة من المقترحات التعديلية والنصوص القانونية لِيُحكم قبضته على الكرة التونسية ويُوجّه صفعة قوية لكلّ الأصوات المعارضة للدكتاتورية على غرار زملائه الأربعة الذين شقوا عصا الطاعة ورفضوا السكوت على سياساته الاستبدادية. وَيُعدّ الأستاذ محمّد الحبيب مقداد واحد من "الرباعي المتمرّد" على النظام الذي عاقب المُعارضين دون أن ينجح في إخماد "ثورتهم" ومنعهم من الكلام في فضاءات الإعلام الحرّ والمؤمن بالرأي والرأي الآخر وهو أمر مفقود حسب الأستاذ مقداد في "فلسفة" الجريء الذي يريد من وجهة نظره أن يصبح الحاكم الفعلي والوحيد للّعبة عبر مشروع التنقيحات الذي سيطرحه على الجمعيات في جلسة اليوم. مُخطّط جَهنمي من منطلق تَخصّصه القانوني يُقرّ الأستاذ محمّد الحبيب مقداد بأحقية المكتب الجامعي وبالأحرى البقية الباقية منه بعد معاقبة أربعة من أعضائه بعقد الجلسة العامّة الخارقة للعادة في قمرت. وفي المقابل يَعتبر الأستاذ مقداد أن مشاريع القوانين التي سيعرضها الجريء على الأندية المشاركة في فعاليات هذه الجلسة ستكون "كَارثية" على مُستقبل الكرة التونسية بما أن "الرئيس" سيعمل على تمرير تنقيحات جديدة ليحصل على صلاحيات اضافية بطريقة تجعل اللّعبة تحت سيطرته ودون أن ينازعه أيّ طرف في الحكم وقد يستغني مستقبلا عن مُباركة الجمعيات عبر الأوراق الخضراء للرؤساء الموالين وسيقتصر دور الأندية على المشاركة في الجلسة الانتخابية للجامعة والمصادقة على التقارير الأدبية والمالية ليجلس بذلك "الرئيس" المُتغطرس على العرش وبين يديه "كارت بلانش" يسمح له بالتصرّف في الكرة التونسية كما يحلو له. حيلة ذكية يقف الأستاذ مقداد عند الفصل (30 مكرّر) من القانون الأساسي ليشير إلى أمر آخر خطير في مشروع وديع ل "التَحايل" على النظام وتعزيز سياسة "التغوّل" ويؤكد مُحدّثنا أن إصرار رئيس الجامعة على الترفيع في عدد أعضاء الجامعة من 12 إلى 15 ليس بريئا بل هو إجراء مدروس الهدف منه غلق المنافذ على الأعضاء الراغبين في تقديم الاستقالة بشكل يجعل الجامعة القائمة في خبر كان. ويضيف الأستاذ مقداد أن المشروع الجديد سيجعل الجامعة تتكوّن من 12 عضوا منتخبا مع ثلاثة أعضاء "مُعيّنين بالصّفة" الشيء الذي سيمكّن الجامعة من الشعور بالاطمئنان بحكم أن إسقاطها في هذه الحالة سيكون رهن 8 استقالات وهو أمر صعب المنال وذلك على عكس الوضع الحالي حيث تكفي 5 انسحابات لحلّ المكتب ويعتقد مُحدّثنا أنّ "تمرّده" على سياسة الجريء بمعيّة ثلاثة من رفاقه وهم بلال الفضيلي وسنان بن سعد وحنان السليمي ضاعف مَخاوف "الرئيس" ودفعه الى المُبادرة بتقديم هذا المشروع لتحصين عَرشه بعد أن أصبح على كفّ عفريت. ويؤكد الأستاذ مقداد أن هذه "المُبادرة" تندرج في سياق تكريس الاستبداد وهو من الصّفات المُتّفق عليها في مناهج الجريء الذي جهّز خطّة أخرى لمجابهة "المُتمردين" من الداخل وذلك من خلال مشروع قانون يمنحه الصلاحيات لحلّ المكتب القائم لطرد "الثائرين" ومواصلة فترته النيابية وكأنّ شيئا لم يكن. هذا وبوسع "الرئيس" أن يقترح تعويض العضو الجامعي الذي غادر منصبه لأي سبب من الأسباب ويُعرض هذا الطلب على "المؤتمر الوطني" الذي سيتركّب من رؤساء الرابطات والذي سيتمتّع بصلاحيات واسعة منها التسريع بالقوانين والانتخاب والتَقييم. ظلم صارخ يتوغّل الأستاذ مقداد أكثر في "الخندق" الذي يَحفره الجريء لضرب الخصوم وتقوية "مَنظومته" ويؤكد مُحدّثنا أنّ الفصل (72) من القانون الداخلي سيثير بدوره الكثير من الحبر خاصّة أن رئيس الجامعة سيبيح لنفسه مستقبلا تكييف العقوبات والحكم على "المُخطئين" سواء تعلّق الأمر برؤساء الرابطات أو أعضاء الإدارة الفنية أو الإدارة الوطنية للتحكيم كما أن "التَتبّعات" ستشمل أعضاء الجامعة الذين انتخبتهم الأندية والذين لا يُعقل حسب الأستاذ مقداد عِقابهم خارج إطار الجلسات العامّة أي دون مُوافقة الجمعيات. ويذهب الأستاذ مقداد أبعد من ذلك ليشير إلى أن سلّم العقوبات ضدّ الجهات المذكورة يتضمّن اجراءات جائرة خاصّة إذا عرفنا أن العقوبات تبدأ بالإنذارات لتصل إلى الشطب مدى الحياة ويخشى مقداد أن يكون هو وبقية زملائه المُنشقين من المُستهدفين بهذا "المُخطّط" ويضيف مُحدّثنا أنّ العقوبة التي أصدرها الجريء في حقّهم يوم 18 جويلية الماضي والمُتمثّلة في الايقاف المُؤقت عن الناشط لمدة شهرين غير قانونية وَيُشدّد مقداد على أن الجامعة وضعت تنقيحات على المقاس لتصلح هذه الهفوة الجسيمة وتُضفي الشرعية الضرورية على قرار ابعاد الرباعي المُتكوّن من مقداد والفضيلي والسليمي وبن سعد. «جامعة مُوازية» وسلطة مُطلقة يَستند الأستاذ مقداد - وهو رجل القانون - على المزيد من الأدلة والبراهين التشريعية ليثبت "النوايا" الحقيقية لرئيس الجامعة في جلسة قمرت ويؤكد مُحدّثنا أن الجريء يحلم بتمرير مشروعه الخطير للحصول على سلطة مُطلقة بدليل أن التنقيحات المُرتقبة تمنحه الصلاحيات لتعيين الكاتب العام للجامعة (الفصل 46) علاوة على إكساب "لجنة الطواىء" صبغة تنفيذية لتصبح أشبه بالجامعة "المُوازية" للمكتب الأصلي (الفصل 36). ومن المعلوم أن هذه اللّجة تتركّب من رئيس الجامعة ونائبه وأمين المال ومعهم العضو المُشرف على اللّجنة المَعنية بموضوع النقاش. لحظة تاريخية يَعتبر الأستاذ مقداد أن جلسة 24 أوت 2018 في قمرت تُعدّ محطّة مِفصلية في مسيرة الجامعة الحالية ويؤكد مُحدّثنا أن هذا "التجمّع" قد يصبح من "التواريخ المَفاتيح" في الكرة التونسية بالنّظر إلى خطورة هذه التنقيحات وتأثيراتها السلبية على مستقبل اللّعبة في بلادنا وَيُذكّر مقداد بسيناريو مُشابه عندما تمّ في وقت سابق إلغاء اللّجوء إلى هيئة التحكيم الرياضي (الكناس) لفضّ نزاعات كرة القدم وما ترتّب عن ذلك القرار من فراغ على مستوى التقاضي بعد أن أخلف المكتب الجامعي وعده لتشكيل هيكل في الغرض ويعتقد مقداد أن "المُبادرة" الجديدة هي امتداد لسياسة احتكار الصلاحيات والاستفراد بالرأي من قبل الجريء. ويظنّ مقداد أن الكرة في مرمى الجمعيات فإمّا أن تنتفض وتُجهض هذا "المُخطّط" الخطير أوتقبل بالخضوع وتدفع في مرحلة موالية الثمن الذي سيكون غاليا جدا. نقطة تنظيمية من المنتظر أن تدور الجلسة العامة الخارقة للعادة في قمرت بمشاركة الأندية التي وافقت الجامعة على تجديد انخراطاتها للموسم الرياضي 2018 / 2019 (القائمة موجودة على موقع الجامعة وتضمّ أسماء أندية من الرابطتين "المُحترفين" الأولى والثانية علاوة على الفرق الهَاوية من المستويين 1 و2 فضلا عن جمعيات كرة القدم النسائية والرابطات الجهوية). تنظيميا، لا بدّ من حضور ثلثي الجمعيات المَدعوة لترى هذه الجلسة النّور وفي صورة لم يكتمل النّصاب فإن هذا "التجمّع" يُؤجل لمدّة 15 يوما لتنعقد الجلسة ويُناقش مشروع القوانين الذي سيطلق تماما "اليد الطّويلة" للجريء ليتصرّف كما يشاء ودون حسيب ولا رقيب خاصة أن الرجل "تَغوّل" بشكل جعله "يتمرّد" على الجميع بما في ذلك مؤسسات الدولة كما هو شأن وزارة شؤون الشباب والرياضة التي أراد "تورطيها" مع الرأي العام بعد أن أوهم الناس بأنها تحشر نفسها في شؤون الجامعة (قضية التذاكر) في حين أن سلطة الإشراف من حقها توزيع جزء من تذاكر المقابلات بصفة مَجانية على الشباب في كلّ الجهات كما تسمح لها القوانين والأعراف بمراقبة نشاط جامعة الكرة التي يزعم صاحبها أنها بمنأى عن السياسة في حين أنه "مُتورّط" في اللّعبة السياسية بدليل استضافاته الشّهيرة للسفراء الأجانب ورسالته المعروفة للغنوشي والكلام طبعا للأستاذ مقداد الذي سيتابع فعاليات الجلسة العامّة عن بُعد بفعل قرار التَجميد الناجم عن عدم طاعته ل"السّلطان المُعظّم".