تعتبر الرقمنة الإطار الأمثل للقضاء على الجمود في الإدارة التربوية عبر تنويع التطبيقات والبرامج الرقمية ذات البعد التربوي على غرار التسجيل عن بعد او الإدارة الإلكترونية ومنظومات التراسل الالكتروني وبرامج تخزين المعطيات ومعالجة الميزانية ومتابعة الرصيد العقاري والممتلكات عن بعد الى جانب كل ما يتعلق بالحياة المدرسية من برامج ومعطيات فضلا عن متابعة الموارد البشرية وهي عوامل من شأنها ان تدفع الى تحسين الخدمات الإدارية في الميدان التربوي. يستدعي هذا المشروع التسلح بما يلزم من الخبرة وتقديم الخدمات التي ينتظرها المتقبلون من أولياء وتلاميذ ومربين وغيرهم. وهو تمش انخرطت فيه وزارة التربية بتونس منذ مدة وجيزة بالاعتماد على كفاءات عالية التكوين. ان المعلومة أضحت تماثل العملة في إطار التبادل الاجتماعي وهو أمر يكرس الانتقال تربويا من "الحاجة " الى "الاشباع" أي من الحاجة الى المعلومة الى القدرة على توفيرها بالانسيابية الممكنة وبالدقة اللازمة. مع العمل على تعديل صيغ الخطاب العلمي التربوي والانخراط في مسار الإدارة التربوية الذكية وفق نزعة إنسانية تركز على الانسان في جوهره كفرد وفي علاقاته التواصلية والتفاعلية مع الاخرين. تتكون المنظومة الرقمية التي تعمل وزارة التربية على تركيزها من مجالين: المجال الأول: يتضمن المؤسسات والتنظيمات والهياكل المحتكرة للمعلومات والمعطيات والمتحكمة في تدفقها على غرار مؤسسات البريد والبنوك وغيرها. المجال الثاني: يعتمد على المستهلكين الدائمين للمعلومات والذين يرتبط مصيرهم وقضاء شؤونهم اليومية ومسارهم الدراسي والعلمي بالقدرة على الوصول السريع الى المعطيات والمعلومات. تمارس وزارة التربية في هذه الحالة، في علاقة بمستهلكي المعلومات، دورا تعديليا متوازنا وهي تعمل وفقا لذلك على اثبات جدوى المشروع الرقمي والمعلوماتي الذي تبذل الجهود المضنية لإرسائه. وبالتالي فإن البرامج الإعلامية والمعلوماتية التي تطرحها وزارة التربية في إطار اصلاح المنظومة التربوية مدعوة الى تحقيق نتائج إيجابية وقابلة للتقييم الموضوعي. أما حركية المعلومات التربوية فهي مرتبطة بنوعية التطبيقات الإلكترونية ووضوح الشروط الإدارية لنقل المعلومات وتبادل المعطيات. وتبقى مع ذلك النتائج في حاجة الى توافر الهياكل المؤطرة والمحتضنة وهي هياكل سياسية بالضرورة يشترط فيها الاقتناع بالقدرات الضخمة التي تمنحها المعلوماتية للإدارة التربوية وفاعليتها في احداث التغيير المطلوب. استراتيجية ذكية للعمل: إن استخدام أنظمة إدارة معلومات التلاميذ عن طريق استخدام برامج التسجيل عن بعد سيسمح للمؤسسة التربوية بوضع خطة مستقبلية لعملها، ومعرفة كيفية تحقيق ذلك، وأيضاً رصد ومُتابعة النتائج. فهذا، سوف يُسهل العمل والإدارة الذكية لشؤون التلاميذ وفق نزعة تؤكد قيمة التلميذ الإنسان وتحترم قدراته واختلافاته وحدوده. تجميع كافة المعلومات في مكان واحد: عندما يتصل التلميذ بالمؤسسة ويجد أن كافة المعلومات الخاصة به مُجمعة في مكان واحد ومحينه وقابلة للاستخدام الفوري، حينها ستتغير طريقة تعامله مع هذه الإدارة نحو مزيد من الثقة والاحترام إمكانية اتصال الأولياء بالمدرسين والحصول على كافة المعطيات الخاصة بمنظوريهم رقميا عن بعد. وتساعد أنظمة الاتصال الذكية كذلك على إقامة شراكة دائمة بين المؤسسات التربوية وتمكنها من تبادل المعلومات والمعطيات الإحصائية والخبرات التنشيطية والثقافية عموما. وتختص الإدارة التربوية والتعليمية على مختلف المستويات بتوفير القوى البشرية والإمكانيات المادية للإدارة المدرسية حتى تستطيع تأدية وظائفها وتحقيق أهداف المدرسة. ان الارتباط الذكي للمؤسسات التربوية بالعالم يمكن من سرعة التفاعل مع الاخرين وحسن استثمار المعلومات بكفاءة من خلال توظيف خبرات المؤسسات الوطنية المتخصصة صناعة البرمجيات وتركيب الأجهزة الرقمية وبما تقدمه من دعم فني للمدارس الذكية ينشط ويسرع اقتحام المدرسة التونسية لمجال صناعة البرمجيات وأدوات التكنولوجيا الفائقة في المجالين التربوي والبيداغوجي تشكل قيمة مضافة عالية ومساهمة نوعية في التنمية البشرية. أمن المعلومات وسلامتها: يُعتبر عنصر السلامة المعلوماتية أحد أهم العوامل الأساسية التي ينبغي توفيرها في إدارة معلومات التلاميذ وذلك من خلال حمايتها من كل الاختراقات والفيروسات وكل عوامل الاتلاف وتساعد على العودة اليها وتحيينها. تمثل الإدارة المدرسية عنصراً مهماً من عناصر العملية التربوية لأنها تعمل على تحفيز بقية العناصر الأخرى المادية والبشرية، وتنشيطها وهي تتغلغل في جميع اوجه النشاط التربوي والانساني، وتهدف التغييرات المقترح إدخالها من قبل وزارة التربية راهنا الى تغيير مفهوم الإدارة التربوية من المفهوم التقليدي حيث كان ينظر إليها على أساس انها ترتكز على الخبرة المقومات والسمات الشخصية التي يمتلكها الإداري وان وظيفتها التقليدية هي ضمان استمرارية المرفق التربوي و الاضطلاع بمختلف المهام الإدارية( اعداد جداول الاوقات ، وتسجيل الغيابات الخاصة بالمدرسين والتلاميذ والإداريين والعملة ، وصولا الى الوظائف الجديدة التي تعتبر الادارة مجالا حيويا وسيلة لتنمية شخصية الانسان والتفاعل الإيجابي مع احتياجاته، وبالتالي عليها-أي الإدارة- أن تقوم على الابعاد العلمية والابداعية والفنية من ناحية وأن تكون ذات مضامين إنسانية من ناحية اخرى. ورغم ان رقمنه الإدارة التربوية هي تعبير عن طموح مجتمعي نحو الأفضل أكثر منها ترفا وبهرجا وذلك بالنظر الى ما كانت عليه الإدارة من ضعف في درجة الإنتاجية والكفاية وغياب التدابير المحفزة على المشاركة الاجتماعية الواعية في بناء نماذج إدارية تربوية وهو امر ينجر عنه عدم تثمين الجهود التي يبذلها الاداريون التربويون مركزيا وجهويا ومحليا من أجل ضمان جودة العملية التعليمية والتربوية اقترنت رقمنه الإدارة التربوية اليوم بنشأة وعي سياسي بالعالم وبالإنسان وهي تواكب التغيرات السياسية والاجتماعية التي تمر بها تونس. وبالتالي فان انجاحها يستوجب استحداث عديد التطبيقات و.يمكن النظر الى اللغة المستعملة فيها والمعطيات المتعامل معها وكيف أنها تطرح مسائل معقدة في سياق التراتيب الإدارية المعمول بها. ينشأ اجتماعيا نوع من الرضا عن المنجزات المعلوماتية التي تعدى عنصرا مركزيا في اصلاح الإدارة التربوية لان الرهانات المطروحة اليوم تتمثل في القدرة على إعادة حصر وضبط كل ميكانيزمات التخطيط الإداري وفق قاعدة الحوكمة وحسن التصرف في الموارد المادية والبشرية. هذا يعني أن الربط بين الإدارة التربوية والمعلوماتية يستجيب لضرورة مجتمعية منطقية خاصة عندما ندرس قواعد المجتمع ونوعية التنظيمات الإدارية في إطار إصلاحي تربوي لا سيما وان المعلوماتية أضحت قادرة على تقديم مساعدات ذات أهمية في مجال التسيير الإداري ومن الأكيد أن مبادرات ادماج تكنولوجيا المعلومات والاتصال في مجال التعليم ستؤدي دون شك إلى زيادة فرص الوصول إليه وستساهم في خلق مجموعة من الأطر الجديدة التي بإمكانها أن تساعد على رفع مستوى نوعية التعليم وجودته، من خلال ما توفره من أساليب مبتكرة، بإمكانها ان تساهم في تحسين نتائج العملية التعليمية وفي تحسين أداء إدارة المؤسسات التربوية وعقلنة التصرف في الموارد تقوم الإدارة الذكية على توجه استراتيجي أساسه الكفاءة في تقديم الخدمات الإدارية وسرعة إنجازها بجودة عالية لفائدة الأولياء والتلاميذ والمدرسين الذين يرغبون في الاستفادة من هذه الخدمات، لذلك فان للإدارة الرقمية أهداف كثيرة تسعى إلى تحقيقها. علما بان القرارات الإدارية الناجعة لا تعتمد على المعلومات فقط بل تقوم كذلك على القدرة على التحليل والبحث عن الحلول المثلى عبر أجهزة المعلوماتية وتقنياتها، حتى تتسنى الزيادة في فاعلية المنظومة التربوية وتتمكن من التفاعل مع المستجدات ومواجهة الصعوبات والصمود في وجه الازمات. بالإضافة إلى تحليل تكوينيات المنظومة التربوية ومجالاتها الحيوية وشروط التواصل الفعال بين الأفراد، من أجل حماية الفاعلين التربويين من سوء استخدام المعلوماتية. نشأت عن هذا التحول أثار كبيرة على المستوى التقني والإداري والتنظيمي داخل المؤسسات اعتبارا الى ان هدف نظم المعلومات هو المساهمة في إدارة المؤسسات التربوية بصورة فاعلة، وترشيد عملية اتخاذ القرارات لهذه المؤسسات، وزيادة إمكانيات وقدرات المؤسسات في التعامل مع المعلومات ومعالجتها وتخزينها وبثها وتنظيمها في ملفات إن الحديث عن: "المدرسة الرقمية" وما يحمله هذا المفهوم من الدعوة إلى تجديد التعليم وتطويره كي يصبح أكثر اعتماداً على الوسائط الرقمية لن يستقيم دون الحديث عن الإدارة الذكية بمختلف أبعادها ومضامينها وتنوع الفاعلين فيها واختلافهم، وما يعني ذلك من نشأة المسارات التفاعلية الرقمية وزيادة فعالية الاتصال والتنسيق بين الوحدات التنظيمية في المؤسسات، وزيادة سرعة ودقة وسرية تبادل المعلومات.). ويعتبر التمشي الإداري التربوي الجديد في تونس متجاوبا مع خصوصيات الثورة المعلوماتية بعد أن تم التخطيط بعمق لتجاوز المركزية في مستوى تخزين المعطيات وتوزيعها ويمكن بذلك لكل جهة (مندوبية جهوية للتربية وما لحقها من مؤسسات تربوية) مستقلة نسبيا في ضبط معلوماتها واستثمارها بالتنسيق المحكم مع الإدارات المركزية لضمان تجانس العمل. والجدير بالملاحظة ان التغييرات الكبرى التي تعرفها الهياكل الإدارية التربوية في بلادنا لن تظهر نتائجها الان باعتبار انه يجب النظر الى التجربة من وجهة نظر مختلفتين فمن ناحية هي عملية تستوجب ادارتها موارد مالية ضخمة، الامر الذي يفرض بعث هياكل تقييم لتصبح التجربة قادرة على التكيف مع المحيط الاجتماعي للمؤسسة التربوية. ومن ناحية أخرى هي تجربة وليدة اختيارات سياسية ناضجة فرضها الواقع التونسي اليوم. وهو ما يفسر حرص وزارة التربية على تنمية الموارد البشرية، وتأهيلها وتدريبها لتواكب المستجدات الرقمية والمعلوماتية وحتى تكون قادرة على إدارة العملية التربوية. ولا يقتصر مشروع الإدارة التربوية الذكية على تزويد المؤسسات بما تحتاجه من أجهزة الكمبيوتر وملحقاته ليعتاد الاداريون والمدرسون والتلاميذ على استخدام الأجهزة الرقمية والتفاعل معها. بل الرهان الأكبر والاشمل والاعمق اليوم يتمثل في توظيف هذه الأجهزة الرقمية من اجل التجديد البيداغوجي والارتقاء بالبرامج التعليمية ووضع برامج تدريبية حديثة تكون قادرة على تطوير منظومة التعليم. وتأتي خطوات إنشاء الإدارة التربوية الذكية في تونس لإحكام التواصل بين أطراف العملية وبين الفاعلين التربويين والمخططين التربويين وأصحاب القرار وفق الاحتياجات لتيسر ترابط تشبيك العملية التعليمية وضمان الاستفادة من الموارد الرقمية المتاحة.