صدرت الآعمال الكاملة لعزالدين المدني في أربعة أجزاء وهي في الحقيقة ليست كل الاعمال الكاملة بل الجزء المتعلق بالقصة فقط. تونس «الشروق» كتب نورالدين بالطيب: في حوالي ألف وخمس مائة صفحة صدرت عن الدار العربية للكتاب وبدعم من وزارة الشؤون الثقافية الأعمال الكاملة لعزالدين المدني في مجال القصة كتابة وتنظيرا وتحقيقا في انتظار أن تصدر الأعمال المسرحية الكاملة والنقدية ومقالاته الصحفية فعزالدين المدني من أغزر الكتاب التونسيين عطاءا وتنوعا في الاهتمامات إذ جمع بين القصة والرواية والتنظير والنقد الفني وتحقيق أعمال رواد القصة التونسية مثل تقديمه لأعمال علي الدوعاجي ومساهمات في الصحافة الثقافية سواء ككاتب في عدد من المنابر أو كمشرف على ملاحق ومجلات ويكفي أن نتذكر الملحق الثقافي لجريدة العمل ومجلة قصص ومجلة الحياة الثقافية وجريدة الأسبوع الثقافي ومجلة فنون. فعزالدين المدني لم تمنعه المهام الإدارية التي تولاها سواء في وزارة الثقافة أو بلدية تونس من الانتظام في الكتابة وهو نموذج فريد في تونس تؤكد أعماله الكاملة هذا العطاء الغزير الذي يجهله الكثير من كتاب هذه الأيام الذين لا يعلمون أن المدني كان من رواد التجريب وهو كاتب إشكالي أستفاد من التراث العربي الذي نهل منه كما استفاد من آخر نظريات النقد الأدبي في أوروبا فهو مثقف بلسانين وقبل ذلك كاتب عصامي لم يتحوّل إلى كاتب بعد أن نال الدكتورا ولا بعد أن تولى المناصب الأكاديمية. هذه المجلدات الأربع تؤكد أن الكتابة عند عزالدين المدني هي جهد يومي وهي كد وسعي لا يتوقف. الأعمال الكاملة في الحقيقة هي الأعمال الكاملة لا تغطي إلا جانبا فقط من مسيرة عزالدين المدني وتحديدا في مجال الكتابة القصصية فقد خصص المجلد الأول الى المجموعة القصصية خرافات التي صدرت قبل خمسين عاما ونالت انذاك عام 1968 الجائزة التشجيعية للقصة في حين خصص المجلد الثاني لكتابي من خرافات هذا الزمان والحمال البنات الذي كتب كما يقول عزالدين المدني في تذييله في النصف الأول من السبعينات الذي اعتمد فيه على محاكاة أسلوب ألف ليلة وليلة أما المجلد الثالث فاحتوى على مجموعة من القصص القصيرة معظمها لم ينشر سابقا ويفسر المدني عدم نشره للكثير مما كتبه خلال مسيرته الأدبية بقوله «معظم ما يحتويه المجلد الثالث هو غير منشور من قبل، فهو بكر بسبب عدم إهتمامي بالنشر والتعريف به لدى الجمهور ولا أخفي استيائي المر من النشر والتوزيع» وخصص المجلد الرابع لاكتشافاته في مجال القصة وبعض النصوص التنظيرية في مجال كتابة القصة ومقدمات كتبها لبعض الأعمال التجريبية مثل نسور وضفادع للطاهر قيقة ومجموعة الصمت لنافلة ذهب ومقال عن زمن الزخارف لسمير العيادي ومقال لسمير العيادي عن حكايات هذا الزمان. المجلد الرابع تضمن أيضا «أضواء عن بداية القصة التونسية» مثل الساحرة التونسية للصادق الرزقي وقصة فيدورة لمحمد العربي الجلولي وفظائع المقامرة لأبراهيم فهمي بن شعبان وعلي الدوعاجي كيف ومتى عرفته وتقديم مجموعة سهرت منه الليالي. كاتب منشق يمكن اعتبار عزالدين المدني كاتب منشقا فقد خرج عن السبل المسطورة وهو جيل بمفرده إذ اختلط بالزيتونيين وبخريحي الجامعات الفرنسية من بناة الجامعة التونسية ولم يعبىء بتحصيل الشهادات العلمية رغم أنها كانت في متناوله وجعل من نصوصه القصصية والمسرحية نصوصا تحرّك السواكن لذلك منعت بعض نصوصه وما لم يمنع منها أثار حفيظة الأوساط الدينية والسياسية مثل نص الانسان الصفر او الزنج أو الحلاج او تعازي فاطمية. صدور الجزء الاول من الأعمال الكاملة لعزالدين المدني هو تكريم مستحق لكاتب عصامي أعطى الكثير للمكتبة العربية وليس التونسية فقط، وفي انتظار استكمال إصدار أعماله الكاملة ننتظر ان تواصل وزارة الشؤون الثقافية نشر الأعمال الكاملة للكتاب التونسيين في حياتهم وليس بعد أن يتغمدهم الله برحمته والذين رحلوا أيضا ومن الكتاب الذين نتطلع لقراءة أعمالهم الكاملة محمد العروسي المطوي رحمه الله وحسن نصر وعبدالقادر بالحاج نصر والبشير بن سلامة وغيرهم.