تشهد الأوضاع الاجتماعية في تونس خلال الأشهر الأخيرة حالة من التوتر الذي اخذ يتصاعد مؤخرا وخاصة بعد إعلان الاتحاد العام التونسي للشغل عن تبنيه لمقترح الإضراب العام على خلفية تواصل الأزمة السياسية وما حملته من تعقيدات على كل المستويات. تونس الشروق: سيناريو 26 جانفي 1978 لم يعد بعيدا عن بعض الأذهان سواء التي هي على علاقة بما يحصل في الساحة السياسية او المتتبعين للوضعين الاجتماعي والسياسي فالأزمة السياسية التي ألقت بظلالها على كل الاطراف وعلى مختلف المجالات يواجهها اليوم تصعيد من المنظمة العمالية التي تعتبر ان الوضع لم يعد يحتمل المزيد من الصمت. كثيرون من أصبحوا اليوم إما يلوحون أو يتوقعون ذلك السيناريو السيئ الذي لجأت فيه حكومة الهادي نويرة الى استعمال العنف والتدخل في الشأن الداخلي للاتحاد العام التونسي للشغل من أجل تمرير مقترحات كانت القيادة الشرعية برئاسة الحبيب عاشور ترفضها وتعتبرها ضد مصلحة الشعب. اليوم نعيش أزمة مماثلة على المستويين الاقتصادي والسياسي وحتى الاجتماعي كما نعيش على وقع ما يمكن ان نصفه بهروب إلى الأمام من قبل الحكومة التي إما ترفض تنفيذ الاتفاقات المبرمة مع المنظمة الشغيلة في عدة قطاعات او تتفادى التفاوض الجدي في مجالات أخرى منها مفاوضات الزيادة في الاجور أو مفاوضات قطاعية مثل مفاوضات الشركة التونسية للملاحة التي شهدت اضرابا قبل أيام. مثل تهديد الاتحاد العام التونسي للشغل بالمرور الى الإضراب العام في القطاع العام او في المنشآت العمومية محاولة لحلحلة حالة الجمود في الأزمة السياسية ويعتبر موقفه الداعي الى رحيل الحكومة بمثابة الحسم النهائي في قدرتها على إدارة الشأن العام ودفعا للأطراف السياسية للتحرك في هذا الاتجاه. كما عبر الاتحاد عن اقتناعه بالعديد من التهم الموجهة خاصة الى رئيس الحكومة يوسف الشاهد ومنها العمل على الاستعداد للاستحقاق الانتخابي في 2019 أكثر من عمله على حل مشاكل البلاد اضافة الى تعبيره عن قناعته بان الاخير يستغل امكانيات الدولة لتصفية حساباته ولعل آخرها قضية اقالة وزير الطاقة خالد بن قدور حيث اكد نور الدين الطبوبي ان الاقالة ليست على خلفية شبهة فساد وانما تصفية لشخصية مرشحة للحصول على مكان الشاهد. لم يعد أي ملف يسير في الخفاء كما كانت الأوضاع سنة 1978 كما ان حرية التعبير التي أصبح المواطن التونسي عموما يتمتع بها جعلت من المستحيل على أي طرف ان يزيف الحقائق او يحشد الرأي العام بالمغالطات وهو أهم فارق بين ما يحصل اليوم وما حصل قبل أربعين سنة. ما يمكن ان يلاحظه الجميع اليوم هو ان الحكومة ورئيسها مازالوا متمسكين بمواقعهم ومواقفهم بل وماضون في تنفيذ برامجهم دون اعارة أي انتباه للوضع الاجتماعي والسياسي بالبلاد وفي الجهة الاخرى هناك الاتحاد العام التونسي للشغل الذي يستعد للتحرك من اجل وقف النزيف فهل تحصل المواجهة ام تتدخل الاحزاب لتفاديها؟