لا أدري إن كان لدى القيادات العسكرية والأمنية، مصلحة مكلفة بحفظ ملفات كل العمليات الارهابية التي حدثت منذ اندلاع الثورة الى آخر عملية وذلك بعد دراستها بشكل موضوعي وتسليط الاضواء عليها من الجوانب وتحديد الثغرات والسلبيات قصد تداركها وعدم تكرارها؟ ويبدو أنه من الضروري الأكيد إسناد هاته المهمة الى مكتب دراسات مشترك بين خبراء عسكريين وأمنيين إذ أنهم يسعوْن لتحقيق هدف واحد حماية الوطن من كل خطر ولا شك بأن هذا الهدف الواحد، يوجب عليهم توحيد خبراتهم لضبط الطرق الكفيلة بتحقيقه في أسرع الآجال. وكل الرجاء أن يجمعوا كفاءاتهم ولا يتفرقوا ويتشتتوا مثل رجال السياسة وأحزابنا المتصارعة كتصارع الديوك! أما فيما يتعلق بالعملية الارهابية الأخيرة التي حدثت بعين سلطان ، ولاية جندوبة في 872018 والتي ذهب ضحيتها ستة أعوان حرس وطني وثلاثة جرحى لم يتجاوزوا العقد الثاني من أعمارهم، فإنه يجدر طرح التساؤلات التالية: إن المنطقة التي حدثت بها هذه العملية تعتبر منطقة ساخنة حيث أفادت بعض المعلومات بأن هناك تحركات مريبة تقوم بها بعض المجموعات الارهابية. فهل تم أخذ الاستعدادات اللازمة في هذا الغرض؟ وهل أن إقحام عربتين غير مصفحتين كان إجراء مناسبا؟ وهل أن العناصر الأمنية الشابة التي استشهدت كانت تكتسب الخبرة الكافية لخوض المعارك المباغتة؟ ولماذا لم يقع تمكينهم من آليات مصفحة للتعامل الناجع مع اي خطر داهم؟ وهل لدينا هذه الآليات بالعدد الكافي؟ وهل لدينا أجهزة لكشف الألغام حتى يقع تحديد موقعها وإبطال مفعولها؟ وهل لدينا وسائل جوية استخباراتية يمكنها ضبط مخابئ الجماعات الارهابية حتى يقع القضاء عليها في جحورها فلقد مضت السنوات العديدة ولم نتمكن من التخلص نهائيا من هذه القلة المنحرفة بشكل نهائي وأغلب الظن أن الاستعانة بأهالي المنطقة العارفين بمسالك وخفايا جبالهم، سيكون عاملا حاسما في إنهاء هذه المعركة الشرسة بشكل ايجابي وسريع. يبدو أن نقص التجهيزات المناسبة هو الذي حال بشكل خاص دون ذلك فلقد أشار نواب الجهة الى هذا الأمر، كما أن مسيرة أمنية انطلقت في بعض الجهات مطالبة بتوفير مدرعات وسيارات مصفحة. كما طالبت بعض النقابات الأمنية بإحداث ثكنات للتدخل السريع على الشريط الحدودي وتمكينها من وسائل ومعدات تقنية ومتطوّرة لمواجهة الخارجين عن القانون. ترى لماذا لم تتوفر هذه التجهيزات ولم يقع انشاء هذه الثكنات الحدودية؟ وما سبب هذا التقصير الفادح جدا الذي نتج عنه سقوط العديد من الشهداء؟ فهل ان الامر متعلق بالتمويلات أم له علاقة بسوء التصرف، إذ انه تم التفطن الى وجود مبالغ مالية طائلة بوزارة الداخلية غير أنه لم يقع استغلالها لصالح قواتنا الأمنية!!؟ إن عملية «عملية سلطان» يجب ان لا يطويها النسيان. فلا بدأت ان تحدد نقاط التقصير، ويتم محاسبة المسؤولين عن ذلك بكل صرامة إذ أن دفع شبان صغار ذوي خبرات محدودة، الى ميدان خطير بدون توفير ما يلزم من معدات مناسبة وكفاءات هو بمثابة دفعهم الى الموت وتقديمهم لقمة سائغة الى ذئاب الارهاب الضارية. مع الاشارة الى أن سلك الحرس قام بواجبه في التصدي للارهاب ومن جهته أخرى هل أن عائلات كل الشهداء وجرحى الثورة والارهاب يلاقون من الدولة الرعاية وتوفير أسباب العيش الكريم؟ أم أن المصالح المعنية تكتفي بتمكينهم من الفتات والقدر اليسير من العناية والاهتمام؟ وفي هذا الغرض تجدر الملاحظة بأن قائمة شهداء الثورة لم يقع ادراجها لحد التاريخ بالرائد الرسمي. كما أن الناظر أمن أول «كمال.ب» والناظر أمن مساعد عبد العزيز. ه» اللذين واجها ارهابيا كان يخطط لاستهداف منشأة سياحية بجربة فتم الاطاحة به من طرفهما غير انه طعنهما بآلة حادة وأصابهما بجروح بليغة ولازال حاليا «كمال.ب» بغرفة الانعاش منذ أكثر من أسبوع بمستشفى الصادق المقدم بجربة ولم يزره أي مسؤول ولم تهتم به وسائل الاعلام ولم تلق عائلته اية مساندة. وقد أصدرت نقابة وحدات التدخل ال «بوب» بيانا في الغرض. وأمام هذا الوضع البائس لا يمكن للمرء الا ان يشعر بالمرارة والغضب وأن يصرخ بصوت عال إن حكومة لا تحترم عمليا من ضحوا بحياتهم من اجل الوطن ولا توفر لهم مرافق العيش الكريم لا تستحق البقاء وعليها أن ترحل بسرعة. ليعوضها رجال حكم زاهدين في المناصب والغنائم ويعتبرون أنفسهم خدما مخلصين لهذا الشعب وخاصة الفقراء منه الذين يواجهون حاليا جماعات الارهاب وقد سقط منهم العشرات من الشهداء والجرحى غير أن اصحاب الثراء والدهاء والمكر هم الذين انتفعوا بما حدث وازداد الفقراء فقرا ولا يجدون أحيانا حتى الماء الصالح للشرب!! فمتى يسود ولو بعض العدل.. متى؟