جَميل أن تكون الكرة جِسرا للتقارب والتعاون بين كلّ العرب من المحيط إلى الخليج ولاشك في أن اتّفاقية الشراكة بين الجامعتين التونسية والمصرية لتبادل الطّواقم التحكيمية «الدُولية» من شأنها أن تساهم في تعزيز الصِّلات الأخوية بين الشعبين وتدعم العلاقات الرياضية بين اتحادي الجريء وأبوريدة. لكن نجاح مثل هذه الشَراكات الاقليمية والتي قد تشمل مُستقلا بقية اتّحادات شمال افريقيا مثل الجزائر وليبيا والمغرب مشروط بتوفّر جملة من العوامل على رأسها تكريس الشفافية وتغييب الحسابات الخَفية خاصّة في ظل القيل والقال عن الأسباب الحَقيقية التي دفعت جامعتنا «المُصغّرة» (بفعل مَوجة الاستقالات) إلى الاستبسال في تَبنّي هذه «المُبادرة» وفتح الباب للحكّام العرب لإدارة مقابلاتنا المحلية بعد أن أكدت كلّ الجهات المُشرفة على السلك بأن عصر الحكم «الأجنبي» ولّى وانتهى. اتّهامات يَعتقد الكثيرون أن جامعة وديع الجريء (وهو رئيس اتّحاد شمال افريقيا أيضا) اتكأ على هذه «المُبادرة العَربية» الهَادفة في الظّاهر و»المَلغومة» في الباطن ليظفر بصافرة خارجية تتكفّل بإدارة بعض المقابلات التقليدية والمُواجهات المَصيرية على مستوى تفادي النزول وهو ما من شأنه أن يساعده في السيطرة على «ثَورة» الجمعيات الغَاضبة على حكّام «المَنظومة» القائمة والمُتّهمة إيّاهم ب»الفَساد». ويظنّ أصحاب هذا الرأي أن رئيس الجامعة استفاد من مَوقعه الرّفيع في اتّحاد شمال افريقيا لتمرير هذا القرار «المُفخّخ» وقد نجح في دفع الأشقاء المصريين إلى تَبنيه مع العمل على تَعميمه مُستقبلا على بقية الجيران ويَحسب أصحاب هذا الموقف أن الجريء استخدم هذه «الحيلة» الذكية ليضرب عُصفورين بحجر واحد بما أن الشراكة التحكيمية مع دُول شمال افريقيا سَتُتيح للجنة التعيينات برئاسة هشام قيراط الفُرصة لمُجابهة احتجاجات بعض الأندية و»اسكاتها» بصافرة خارجية من المفترض أن يتوفّر فيها الحدّ الأدنى من «الحِيادية» والكفاءة خاصّة أنّها مُنتمية إلى القائمة الدولية ولا صِلة لها ب»حِسابات» بطولتنا المحلية. أمّا العصفور الثاني الذي «سيصطاده» الجريء بفضل «المُبادرة العربية» فإنّه يكمن في فتح «باب الرّزق» لحكّامنا ومُساعدينا الدوليين بعد تمكينهم من إدارة المُباريات في البطولة المصرية وربّما في بقية الدوريات المَغاربية في ظلّ المجهودات الحثيثة لتوسيع اتفاقية الشراكة مع مصر والتي صَادقت عليها جامعتنا بتاريخ 17 سبتمبر الجاري. وقد ذهب البعض أكثر من ذلك ليؤكدوا أن السّفرات الخارجية والامتيازات المالية المُندرجة في نطاق الشراكة العربية ستكون من نَصيب «القُضاة» المُوالين والمُدلّلين في الجامعة التي لم تكن حسب ثلّة من المُتابعين «أمينة» في تحديد اللائحة الدولية للحكّام. الرأي الآخر لئن اعتبر البعض عودة التحكيم الخارجي إلى الدوري التونسي قرارا «مَشبوها» وخُطوة إلى الوراء حتى وإن اقتصر الأمر على جلب حكّام من المنطقة العربية فإن المسؤولين في الجامعة لهم رأي آخر وجب احترامه. وَيَتبنّى المسؤولون عن الصافرة التونسية النظرية القائلة بأن الحدود الجغرافية بين البلدان العربية «وَهمية» وبناء عليه فإن جلب الطواقم التحكيمية المصرية أوالمَغاربية لإدارة بعض لقاءات البطولة المحلية لا يندرج أبدا في خَانة التعويل على الصّافرة الأجنبية. ويعتقد قادة تحكيمنا أنّ المُراهنة على الصافرة المصرية في بطولتنا المحلية ستكون «مُقيّدة» وستكون تحت إشراف الإدارة الوطنية للتحكيم والجامعة التي ستحدّد قائمة المُباريات التي تحتاج فعلا إلى حكّام من الخارج (من مصر وربّما من الجزائر التي يُشاع بأنها قريبة من الانخراط في اتّفاقية الشراكة، ولاشك في أن الجامعة ستنتقي أسماء الحكام بالتّنسيق مع الأندية حتى وإن أعلنت في الظاهر بأنها سيّدة القرار). ويؤكد المشرفون على السلك التحكيمي أنّ «قُضاتنا» المحليين سيستفيدون كثيرا من هذه «المنافسة» العربية لتطوير مَردوديتهم كما أن حكّامنا الدوليين سينتفعون رياضيا وماديا من إدارة المُقابلات في الخارج. وسيظفر هؤلاء بعائدات مَادية جيّدة (حوالي 500 دولار لحكم السّاحة عن اللّقاء الواحد) والأهمّ من المال أنّهم سينشطون تحت الأضواء ويَتذوّقون حَلاوة الانتشار العَربي وهو مضمون في مصر التي سطعت فيها الكثير من «النجوم» التونسية في «التكوير» والفن والتمثيل وربّما في مجالات أخرى. فاقد الشيء لا يُعطيه أعلنت الجامعة عن قرار المُصادقة على اتفاقية الشراكة التحكيمية مع مصر يوم 17 سبتمبر وفي اليوم ذاته دشّن حكمنا الدولي «المثير للجدل» المُعاهدة التونسية - المصرية بإدارة لقاء «المُقاولون العرب» و»بيراميدز» الذي ملأ الدنيا وشغل الناس ل»ثرائه» وبسبب «ثورته» الكروية في مستهلّ النسخة الحالية من الدوري المصري. وَبما أنّ السالمي من النّوع الذي «يكسر صَحنا ويَصنع مشكلا» في كل مكان فإنه فجّر «أزمة» حقيقية في الأوساط المصرية وذلك ليس نتيجة مردوديته في المباراة فحسب وإنّما أيضا بفعل الصّورة «الرّمادية» التي سَبقته إلى «القاهرة» حتى أن الأشقاء أكدوا بصفة علانية أنّه «حكم مُخالفات وضربات جزاء» وبلغة أوضح «رجل مَهمّات خاصّة» والوصف للمدرّب السابق للمتلوي محمّد الكوكي. والطّريف أن الطاقم التونسي كان يضمّ في صفوفه أيضا المُساعد «الظّاهرة» يامن الملولشي «المُعاقب» محليا (دون تَشهير) والمُتواجد في مباراة الأشقاء التي انتهت بفوز «بيراميدز» بهدف لصفر وسط ضجّة كبيرة بسبب الاعتماد على صافرة تونسية. وَنَختم بالقول إن هذه الشراكة لن تكون مُثمرة للكرة التونسية والمصرية ما لم تكن على أسس سليمة وما لم يقع الرّهان على الحكام الأكفاء والنزهاء وبعبارة أدق الأسماء التي لا تَنتمي إلى «المنظومة» سواء تلك الناشطة «سرّا وجهرا» في المنزه أوتلك المُتواجدة في محيط «الجبلاية» وهي مقرّ الاتحاد المصري للّعبة.