تونس الشروق: بعد أن قتلته الإشاعة أكثر من مرة في السنوات الأخيرة وبعد رحلة طويلة مع المرض غادر الفنان جميل راتب الحياة عن عمر يناهز الاثنين والتسعين عاما. مسيرة طويلة بين القاهرةوباريسوتونس انتهت أول أمس عاش خلالها الفنان جميل راتب متعة النجاح ولذة الشهرة وهو من مواليد مدينة الاسكندرية سنة 1926 بدأ حياته الفنية في العشرين من عمره سنة 1946 وقدم خلال مسيرته الطويلة حوالي 67 فيلما عدا المسرحيات والمسلسلات وهو من الممثلين المصريين القلائل الذين مثلوا باللغات الثلاث العربية والفرنسية والأنجليزية ومن أبرز أعماله في السينما فيلم لورانس العرب . وما لا يعرفه الكثيرون عن جميل راتب أن عمته هي الناشطة النسوية المصرية هدى شعراوي وهو من أسرة أرستقراطية التحق في عمر التاسعة عشرة عاما بمدرسة الحقوق الفرنسية وسافر الى العاصمة الفرنسية باريس التي عاش فيها لسنوات طويلة وقدّم أعمالا باللغة الفرنسية في "الكوميدي فرانسيز" ومن أوائل الأفلام التي قدمها في مصر فيلم انا الشرق بطولة الممثلة الفرنسية كلود جودار وكان هذا الفيلم بداية علاقته بالكاتب الفرنسي جان جينيه وخلال مسيرته الطويلة قدم مجموعة من الأفلام والمسرحيات والمسلسلات التي رسخت في الذاكرة مثل فيلم الكرنك والكاذب وسنة أولى حب وحكاية وراء كل باب ولا عزاء للسيدات ووحوش الميناء واللعنة وغيرها من الأعمال جميل راتب فنان تونسي ! كان جميل راتب رحمه الله يعتبر نفسه فنانا تونسيا فقد تعرّف في باريس على الفنان علي بن عياد وعلى الفنان عبدالمجيد الأكحل والفنان جميل الجودي وربطته بهم علاقة صداقة عميقة وشارك في مطلع السبعينات في مسرحية من إنتاج فرقة بلدية تونس للتمثيل وإخراج الفنان السوري الفرنسي الشريف خزندار وتعرف من خلالها على الفنّانة منى نورالدين وباقي فرقة بلدية تونس من الشباب آنذاك مثل البشير الدريسي وعبدالعزيز المحرزي وغيرهم. وتواصلت العلاقة مع تونس فشارك في فيلم شيشخان في أواخر الثمانينات إخراج محمود بن محمود وفاضل الجعايبي كما شارك في منتصف التسعينات في فيلم صيف حلق الوادي لفريد بوغدير .وكان جميل راتب يعتبره نفسه فنانا تونسيا ولم يتخلف عن تلبية دعوة أيام قرطاج السينمائية والمسرحية وحظي بالتكريم أكثر من مرة في تونس وفي الكثير من الدول العربية ومن فرنسا أيضا. جميل راتب فنان استثنائي حافظ على اختياراته الفنية العميقة ولم يتورط في الإسفاف الفني ولم يتخل عن أرستقراطيته رغم تراجع المستوى العام للفن العربي مسرحا وسينما وتلفزة وبوفاته نغلق صفحة من تاريخ الثقافة العربية التي تحتضر . رحم الله الفنان جميل راتب أرستقراطي السينما العربية.