وُجدت الأخطاء منذ نشأة «والدنا الأوّل» آدم ولا أحد مَعصوم من الوقوع في الهفوات سواء كان بَشرا عاديا أونَجما ساطعا في عالم السياسة والمال والفن أوفي دُنيا الرياضة الحَافلة بفضائح المَشاهير على رأسهم الأسطورة الحيّة «مارادونا» الذي شَغل النّاس بلمساته السّحرية وحِكاياته المُثيرة مع المنشّطات. ولا جِدال في أنّ أخطاء الرياضيين (خاصّة تلك التي لها صِبغة فنية) جُزء لا يَتجزأ من اللّعبة لكن هذا لا يعني أبدا أن نَتعامل مع كلّ الهفوات و»الزلاّت» بِمنطق القضاء والقدر وبفلسفة «لا غَالب لحكم الله» لتبرير مثل هذه التجاوزات التي كثيرا ما تعود بالوبال على أصحابها علاوة على تأثيراتها السلبية على الجماهير الرياضية وبصفة خاصّة الناشئة التي تَعتبر هؤلاء «النّجوم» قُدوتها الحَسنة. تجاوزات على كلّ المُستويات من المُؤسف أنّ فيلقا من «نُجومنا» يُقدّمون مثلا سيئا بعد أن تَورّط البعض منهم في مُستنقع المُخدّرات والمنشّطات كما حصل مع هيثم عبيد والعماري البرقوقي وزياد الجزيري وسامي هلال وأخيرا وليس آخرا بطلنا الأولمبي في «التايكواندو» أسامة الوسلاتي الذي جَنت عليه الاشادات والاغراءات ليجد نفسه تحت طائلة العُقوبات الدولية بعد أن كان يُحلّق في سماء العالمية. وَتَتجاوز فضائح «نُجومنا» المنشّطات لتشمل شُبهات التَحايل والتّدليس كما حصل خلال الساعات الأخيرة مع شكري الواعر.ويَنضاف إلى ذلك تُهمة «السّمسرة» التي تُحاصر أكثر من مدرّب شَهير و»كَوارجي» كبير مِمّن اختاروا نهج التَسيير أوالعمل في سوق اللاّعبين. وَتَزداد الصّورة قَتامة في ظلّ انخراط عدّة أسماء «ثَقيلة» في «حُروب» كلامية و»مَعارك» قانونية ضَارية مع الهياكل الرياضية كما هو شأن عزّة بسباس وأسامة الملولي الذي تَمّ تعليق نشاطه وهو ما يَتعارض مع مسيرته الكبيرة في المَسابح المحلية والدولية. وَتَتمحور هذه الصّراعات الجَانبية حول المَال بشكل يَفضح تَورّط عدّة أبطال وبطلات في فخّ «المُزايدات» للحصول على المِنح الوزارية حتّى وإن كلّفهم ذلك القيام ب»مُسلسلات» بكائية وانتاج «مَسرحيات» هَزلية يَكسبون بها تعاطف الجماهير التونسية التي كانت تَنتظر من «نُجومها» الرياضية الظّهور بصورة «مِثالية» من حيث الأداء العَالي والسّلوك السوي والخِطاب الراقي لتكون تلك الشّخصيات قُدوة جيّدة للمُحبين وللشبّان الصّاعدين الذين من المفترض أن نُعلّمهم ثقافة الهزيمة واحترام المُنافس وتقدير الحكم وتَحريم الغشّ في القسم وفي الملعب. هُؤلاء الشبان قد يَقتدون مستقبلا بنجل «تُوتي» الذي رفض تسجيل الهدف بسبب إصابة حارس مرمى الفريق الخَصم هذا في انتظار أن يَعثروا على القُدوة الحَسنة في ساحتهم المحلية التي لم تُفرز غير النماذج السيئة حتّى أن مدرّبا كبيرا مثل البنزرتي يَتشابك مع طبيب كبير أيضا وهو ياسين بن أحمد ولا تَسأل طَبعا عن سلوك «الكَوارجية» و»زَعيمهم» الذي عَلّمهم «التّخميرة» عمّار الجمل. فوق القانون قد يقول النّاس إنّ هذه الانحرافات الخَطيرة نَاتجة عن «الطّيش» ومُخالطة رفقاء السّوء وهَشاشة المُستوى التعليمي والفكري للعديد من «نُجومنا» علاوة كثرة المال الذي يُفرز «الهبال» على رأي البعض وَمِثل هذه التَحاليل صَحيحة ولا غُبار عنها لكن نظنّ أنّ هذه المظاهر السلبية تعود أيضا إلى الثقافة المغلوطة والتي يَتوهّم أصحابها أن مشاهير الرياضة فوق العِقاب وبمنأى عن الحِساب. فهم يَفلتون من الخِدمة العسكرية ولا يُؤدّون المعاليم الجِبائية ويتمتّعون ب»العَفو» «السياسي» والرياضي عندما تُسلّط عليهم العُقوبات السِّجنية والتأديبية وكلّ هذه «القرارات الاستثنائية» تجعل «نُجومنا» تَتمادى في التَهوّر والاستهتار طالما أن الأطراف الفاعلة ستتجنّد لنُصرتها عند الشدائد خاصّة إذا كان «الرياضي المُتورّط» ذات شعبية واسعة ويَنتمي إلى جمعية نَافذة أوتقمّص في يوم ما أزياء المنتخبات الوطنية. استثناءات من الواضح أن الموضوع على صِلة مُباشرة أيضا بالتَنشئة السليمة في العائلة والتَربية الصّحيحة في «المُؤسستين» التَعليمية والرياضية. ومن المفترض أن «تَتحالف» «المدارس الثلاث» مع الإعلام لإنتاج «شَخصية رياضية» مُتوازنة وقادرة على النّجاح فنيا وسلوكيا. ولاشك في أن «غَزالنا الأسمر» وبطلنا الأولمبي محمّد القمودي يُعتبر من النماذج الجيّدة في هذا المجال. ذلك أن الرّجل لم تَتآكل شعبيته رغم مرور عقود من الزّمن على «اعتزاله» للعدو الذي صَنع منه نجما فذّا ورجلا مُنضبطا مِثله مِثل العديد من الرياضيين الذين حافظوا على سُمعتهم الطيّبة رغم «مَوجة الرداءة» التي اكتسحت البلاد ومن هؤلاء نستحضر على سبيل الذّكر لا الحصر عبد المجيد الشتالي وحمادي العقربي ومحسن الجندوبي صاحب الأخلاق الرفيعة والمسيرة الكروية النّظيفة حتى أنّ «دفتره» لا يتضمّن سوى بطاقة صفراء يَتيمة. وفي زَمننا هذا لا أثر لتلك «السّلالة النّادرة» من «النّجوم» وسنكذب على الناس إن قلنا إن رياضتنا «المُنحرفة» والخارجة عن السيطرة سَتُنتج بطلا «خَارقا» و»نَظيفا» مثل القمودي لكن الأمل قائم في صِناعة أبطال «مُحترمين» «يُدمنون» النّجاحات لا المنشّطات والمال و»التَحايل» ومُمارسة فنون «الكَاتش» في المباريات المنقولة للشّعب الكريم عبر تلفزته المحلية. ومن المفروض أن لا تَغفل «نُجومنا» لحظة واحدة عن كَونها «شخصيات عامّة» أثناء فترة النشاط وبعد الاعتزال وهو ما يضعها أمام حتمية الظّهور بصورة جيّدة أداءً وسلوكاً وكلاماً وهِنداماً.