لكم اعجبتني تلك العادة الحسنة التي دأبت عليها الصريح اولاين وهي نشر صور قديمة من الزمن الجميل في مختلف المجالات ومختلف الميادين.. ولقد ذكرتني تلك الصورة التي نشرتها اليوم للبطل الأولمبي محمد القمودي وهو يعانق امه مبتسمين ابتسامة الرضاء والشوق والحنين، قلت ذكرتني بأبطال تونس في الرياضة ايام زمان الذين وهبوا انفسهم للرياضة الحقيقية بكل طواعية وجدية ولم يلتفتوا الى المنافع المادية.. لقد متعونا بعطائهم الغزير الكبير دون البحث عن جمع الذهب والفضة وملايين الدنانير لقد عاشوا حياة متواضعة عادية ولم تركبهم عقدة الغرور التي نراها في رياضيي ايامنا الحالية وممن اذكره من هؤلاء الأبطال المتواضعين الحارس الدولي الصادق ساسي المعروف بعتوقة، لقد حضر مع بقية ابطال ملحمة الأرجنتين الى قصر قرطاج في يوم مشهود ليكرمهم الرئيس الحبيب بورقيبة رحمه الله على ما صبوه من العرق وعلى ما بذلوه من المجهود ولما جاء دور عتوقة في التكريم وتسلم هديته من يد الزعيم قال له بورقيبة المعروف بلطفه وبشاشته وحضور بديهته وتنوع طرفه مع ضيوفه(انك مشهور مثلي يا عتوقة).. ورغم ان هذه الجملة لم نسمع ان بورقيبة قالها من قبل لاحد من التونسيين فان عتوقة طأطأ رأسه مبتسما بتواضع مبين وكانه لم يسمعها مثلنا في ذلك الحين كما اننا لم نسمع ايضا انه تحدث يوما عن هذا التكريم البورقيبي الفريد من نوعه عبر تاريخ التونسيين، وانني كثيرا ما اتساءل اين تربى هؤلاء الأبطال؟ وكيف بلغت اخلاقهم الى مثل هذا المستوى الذي ليس له اليوم شييه او مثال؟ وكيف نزل مستوى رياضتنا ومستوى رياضيينا اليوم الى هذا الدرك السفلي الهزيل (الحويلة الحلوزي) في النتائج وفي الأخلاق ؟وكيف اصبح المسؤولون عن الفرق الرياضية التونسية يتلاسنون ويتخاصمون على مرأى ومسمع من الناس في الاذاعة وفي التلفزيون؟.. لقد عشت ما شاء الله من السنين ولم أر المسؤولين الرياضيين في السابق يتخاصمون او يتلاسنون بل لم نكن نسمعهم او نراهم الا نادرا في الاذاعة وفي التلفزيون، اذ لم نكن نحظى برؤية طلعتهم الا في المناسبات الرياضية الكبرى كمقابلات نهائيات البطولات ونهائيات الكؤوس وكانوا يظهرون في هيبة وفي وقار وقد كان من اجل ذلك يحترمهم الكبار قبل الصغار.. ولكني ارى اليوم هؤلاء المسؤولين الرياضيين يجرون ويلهثون في الملاعب والمنصات ويبحثون عن التقاط الصور والبروز والظهور في الجرائد والاذاعات والتلفزات والقاء التصريحات بعد التصريحات ومزجها بكثير من الغضب وكثير من الصياح وكثير من العياط حتى سئمهم الناس وتجرؤوا على ان يسمعوهم ما يسوؤهم من كلمات التوبيخ والقدح والانتقادات وسيء النعوت وبذيء الصفات او لم يسمع هؤلاء المسؤولون بذلك المثل الذي يقول(عز نفسك تصيبها وكثر من العسل يمصاط)؟