كشفت عنهم وزارة المالية وتهمّ سنتي 2025-2026 .. 23 ألف معلّم وأستاذ نائب معنيون بالتسوية    معتمدية قرقنة: حافلة قديمة تُبعث من جديد    أخبار الملعب التونسي : اختبار ثقيل ضدّ الأهلي والفريق يحتاج إلى مهاجم فعّال    من الفرح إلى الموت: عندما تتحوّل المهرجانات إلى مأساة !    في ثورة المفاهيم: هل بالإمكان أن نتغيّر بالقرآن ونغيّر بعضا من نكوص وردّة هذا العالم؟    الله    زغوان: النيران تشتعل منذ ثلاث ساعات بمصنع'فريب'... والخطر يهدد مؤسسات مجاورة    مقترح قانون يهدف إلى حوكمة الزمن المدرسي والعمل بنظام الحصة الواحدة    معدلات إنتاج النفط الخام    دليل التوجيه الجامعي    تقديرات بإنتاج 8ر19 مليون قنطار حبوب في الموسم الحالي مقابل 5ر11 مليون قنطار عام 2024    الكهرباء : تونس تعتمد بنسبة 11% على الجزائر لتغطية استهلاكها    فجر الإثنين... مثلث سماوي ساحر يُرى بالعين المجردة من الوطن العربي    إلى وزارة الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري .. فلاحو النّخيل يستغيثون وبالحماية والتأمين يطالبون    استراحة شعرية: قصيدة «أنت لست سوى أنا» للشّاعر نصر سامي    قصيدة ضمير مستتر للشّاعر هشام الدمرجي    حوار أب وإبنه .. نصّ للشاعر عمران التفاحي    النادي الرياضي الصفاقسي يتعادل وديا مع النادي المصري 1-1    البطولة الافريقية للجيدو للشبان - تونس تحرز 7 ميداليات في منافسات الفردي أواسط ووسطيات    مسيرة بالعاصمة لمساندة الشعب الفلسطيني    تاريخ الخيانات السياسية (21) بين الرشيد وأحفاد علي بن أبي طالب    استراحة صيفية    مديرمجمع الشفاء بغزة: نفاذ المواد الطبية والوقود في المستشفيات وإغلاقها بشكل كامل    وزارة الرياضة: متابعة مستمرة لوضعية الرياضيين المصابين في نيجيريا وتنسيق على أعلى مستوى    مستقبل قابس يغلق جملة من الملفات    الليلة: طقس صاف والحرارة تتراوح بين 28 و37 درجة    تونس – الطقس: ليل حار مع درجات حرارة تصل إلى 37 درجة مئوية    موجة حرارة؟ رد بالك... صحتك ما تستحملش...    التهاب في الأمعاء وجفاف.. نتنياهو يتعرض إلى وعكة صحية    مرصد شاهد: جاهزية هيئة الانتخابات.. اقبال ضعيف على التصويت صباحا .. وغياب ملاحظين عن بقية الجمعيات    الخزينة العامة رفعت مبلغ 5ر8 مليار دينار من السوق المالية مع موفى جوان 2025 - وسيط بالبورصة    الكشف عن فقرات برنامج مهرجان عيد البحر بقابس    عزيز دوغاز يتوج بدورة المنستير للتنس    المرصد التونسي للاقتصاد يدعو إلى نموذج طاقي جديد يرتكز على الاستقلال والسيادة    عاجل/ فاجعة جديدة: مقتل تونسي في إيطاليا..وهذه التفاصيل..    عاجل-تنبيه/ اضطراب في توزيع المياه وانقطاع التيار الكهربائي بهذه المناطق..    إندونيسيا.. حريق يلتهم عبارة ركاب ويجبر المئات على القفز في البحر    عاجل/ بعد فضيحة الخيانة: الرئيس التنفيذي لشركة "أسترونمر" يتخذ هذا القرار..    عاجل : دعوى تطالب بإلغاء حفل فنان مشهور في الأهرامات    البطولة الأمريكية: ميسي يسجل ثنائية جديدة ويقود إنتر ميامي للفوز على ريد بولز    زلزالان قويان يضربان أقصى الشرق الروسي وتحذيرات من تسونامي    قابس : تخرج 109 مهندسا جديدا من المدرسة الوطنية للمهندسين بقابس    معالجة الإرهاق المزمن مرتبط بتزويد الجسم بحاجياته اللازمة من المغذيات الدقيقة    طبرقة: اختتام الدورة التدريبية المشتركة التونسية الجزائرية في الغوص    تونس ورّدت 11 بالمائة من حاجياتها من الكهرباء من الجزائر    حملة أمنية في سوسة لمراقبة الشريط الساحلي: تحرير 12 محضرا وحجز معدات مستغلة دون ترخيص    فيتنام.. ارتفاع حصيلة ضحايا غرق القارب السياحي    صفاقس : الدورة الثلاثون لمهرجان عروس البحر بجزيرة قرقنة من 25 جويلية إلى 7 أوت القادم    أفضل مشروب لترطيب الجسم في الطقس الحار...تعرف عليه    افتتاح الدورة 59 لمهرجان قرطاج: محمد القرفي يُحيي الذاكرة الموسيقية التونسية والحضور الجماهيري دون المأمول    الداخلية السورية: تم إخلاء السويداء بالكامل من مقاتلي العشائر ووقف الاشتباكات في المدينة    السدود التونسية تبلغ نسبة امتلاء قدرها 35,6% في منتصف جويلية: تحسن ملحوظ مقارنة بالعام الماضي    العودة الجامعية 2025-2026: وزارة التعليم العالي تكشف عن الرزنامة الرسمية    غدوة الطقس أدفأ شويّة    الجولة الأولى من البطولة: شكون باش يلعب ضد شكون؟    من الأكشن إلى الكوميديا: أحدث الأفلام الجديدة على "نتفليكس"..    كيف تبني علاقة صحية مع طفلك؟ إليك 6 نصائح بسيطة وفعّالة    قيس سعيّد: دُور الشباب تحوّلت إلى أوكار... والرياضة تحتاج تطهيرًا عاجلًا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الدكتور توفيق بكار ل«الشروق»:هذا المطلوب لإنقاذ اقتصادنا
نشر في الشروق يوم 29 - 09 - 2018

يظلّ توفيق واحدا من أهم الكفاءات الوطنية في عالم الاقتصاد والمال فالرجل تولّى الاشراف على البنك المركزي ووزارة المالية ووزارة الاستثمار والتعاون الدولي وجمع بين نظافة اليد والصرامة في التوازنات المالية.
توفيق بكّار ورغم تعرضه إلى عملية شيطنة وملاحقة قضائية فإنه لم يترك الساحة وفضّل أن يحافظ على ثوابته وأن يواصل خدمة بلاده من خلال المركز الدولي الهادي نويرة للاستشراف والدراسات التنموية وأن يقدّم النصيحة والمشورة.. «الشروق» ارتأت ان تحاوره حول أسباب ومسببات الازمة الاقتصادية الراهنة وتستجلي معه سبل المستقبل.
الإنقاذ يتطلّب تضحيات كبرى لا تقل عن 7 سنوات
ضعف الكفاءة والقطع مع الماضي وغياب رؤية مستقبلية وراء «الانهيار»
لمسنا من رئيس الدولة انشغالا كبيرا بالوضع الاقتصادي والتنموي وحرصا على إصلاح الأوضاع والاسراع في تنفيذ الاصلاحات
مطلوب تحسين نسق الصادرات والتحكّم في العجز التجاري وعجز ميزان المدفوعات لوقف انزلاق الدينار
لا بد من إيجاد حلقة إيجابية تربط بين السياسة والاقتصاد
الثقة لانعاش الاستثمار والادخار ودعم الدينار
التقيتم مؤخرا رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي وقدمتم له تقريرا حول الوضع الاقتصادي ماذا عن فحوى هذا التقرير وماهي رؤيتكم في ما يتعلق بإنقاذ الوضع الاقتصادي للبلاد؟
تطرّق اللقاء مع سيادة رئيس الجمهورية الى مختلف أوجه نشاط المركز منذ أحداثه. و قد ثمن سيادة الرئيس مجهودات المركز خاصة و أنها لا تكتفي بالنقد بل تتعدى ذلك لتقديم الحلول و المقترحات . و لقد أكد رئيس الجمهورية على ضرورة تبسيط المفاهيم المعتمدة و الحرص على تبليغها بالنجاعة المطلوبة. و هو ما سوف نسعى إليه. كما تعرض اللقاء إلى محتوى آخر تقرير تمت إحالته من طرف المركز على رئاسة الجمهورية و الذي جاء تحت عنوان «برنامج للتقويم الاقتصادي». و يتضمن التقرير تقييما للوضع الاقتصادي للبلاد و يعرض مجموعة من الاقتراحات و الحلول. و لقد لمسنا لدى سيادة الجمهورية انشغالا كبيرا بالوضع الاقتصادي و التنموي بالبلاد و حرصا على اصلاح الأوضاع و الدفع من اجل الإسراع في تجسيم الإصلاحات.
أنت تحيلنا هنا مباشرة إلى المشكل الحقيقي.. مشكل الاصلاحات الاقتصادية، لكن وراء هذا المشكل تختفي مشاكل أخرى هيكلية وبنيوية تكبّل اقتصادنا الوطني.. ألا يطرح هذا الوضع تحدّيا أساسيا خصوصا في ما يتعلق بآليات تنفيذ هذه الاصلاحات؟
لا بدّ من التأكيد على أنّ هناك إجراءات قصيرة المدى و سبعة إصلاحات من بينها إصلاح هام في مجال لم يتعرّض إليه الدستور الجديد و لم توله السلطات الاهتمام اللازم خلال الفترة الماضية.
و تتمثل الإجراءات قصيرة المدى خاصة في ضخ منسوب من الثقة ليتسنى دعم الاستثمار و الادخار و هما عنصران هامان لتحسين نسق النمو و تعزيز الرصيد من العملة دون اللجوء إلى التداين٬ و تخفيف الضغط على الدينار و اتخاذ إجراءات للحد من التداين و خاصة الخارجي منه و تحسين صورة تونس بالخارج و السعي إلى استرجاع ترتيبها بالمنتديات الدولية و مؤسسات الترقيم العالمية.
و في مجال الإصلاحات أكدنا على ضرورة الارتقاء بالشأن الاقتصادي إلى أولية وطنية كبرى. وتقدمنا باقتراحات عملية في هذا الاتجاه منها توفير إطار سانح و ناجع للتعمق في الإصلاحات و القوانين بهدف تسيير اعتمادها و ضمان مناقشة جدية للإصلاحات و مشاريع القوانين بما ييسر عمل مجلس نواب الشعب و الحكومة على غرار المجلس الاقتصادي و الاجتماعي سابقا و إحداث آلية لدفع الدبلوماسية الاقتصادية و إضفاء مزيد من الحركية عليها باعتماد أنماط جديدة في مجال توظيف العمل الدبلوماسي في خدمة الاقتصاد التونسي و جعل السفارات بمثابة مراكز تفكير استراتيجي (think tank) و العناية بالذكاء الاقتصادي(intelligence économique) في مختلف المجالات و هي وظيفة شبه غائبة حاليا.
وبخصوص الإصلاحات الكبرى الأخرى التي سبق للمركز أن اقترحها منذ بداية 2017. فلقد أكدنا خلال اللقاء على ضرورة التقدم الفعلي في إدخال هذه الإصلاحات و قدمنا مقترحات عملية لتيسير ذلك و منها بالخصوص إحداث صندوق توظف به موارد عمليات تخصيص المؤسسات غير الإستراتيجية يتم من خلاله تمويل إعادة هيكلة المؤسسات التي ستبقى في القطاع العمومي كتلك التي تقدم خدمات عمومية (STEG/SONEDE/ONAS).
كما أبرزنا جدوى القيام بعملية إعادة توظيف الموظفين الزائدين على الحاجة في الوظيفة العمومية عبر إعادة تأهيلهم و توجيههم إلى القطاعات التي مازالت فيها حاجة (المراقبة الجبائية ٬ الإدارة الجهوية و المحلية خاصة في ظل الإصلاح المزمع القيام به في هذا المجال المراقبة الديوانية و غيرها) و ذلك فضلا عن ضرورة التخفيف من عدد الأعوان بالحث على المغادرة. و أكدنا من ناحية أخرى على أن الإجراءات المالية و تلك المتعلقة بالصرف ليس لها أي مردود في صورة عدم تقدم الإصلاحات في القطاع الحقيقي بل بالعكس يمكن أن تؤدي هذه الإجراءات إلى دوامة التخفيضات المتتالية في مستوى سعر صرف الدينار و الزيادة في نسبة الفائدة المديرية مع ما يرافق ذلك من عدم استقرار في الإطار الاقتصادي و المالي و نظرة سلبية للآفاق التنموية المستقبلية(anticipations négatives) و هي عوامل أساسية في استرجاع نسق النمو من عدمه.
لكن قبل طرح عوامل استرجاع النمو يهمنا أن نعرف في المقابل العوامل الحقيقية التي أدّت إلى هذا الوضع الاقتصادي الصعب والحرج؟
الوضع الاقتصادي صعب. هذا أصبح اليوم معروفا لدى الجميع: نمو ضعيف٬ توازنات مالية غير محكومة٬ تداين في ارتفاع متواصل٬ انخفاض غير مسبوق في قيمة الدينار و الارتفاع المشط للأسعار.
و من أسباب تأزم الأوضاع تهميش الجوانب الاقتصادية و اعتبارها مجرد مسائل ملحقة بالجوانب السياسية و غياب مشروع و رؤية مستقبلية هذا بالإضافة إلى ضعف الكفاءة في المجال الاقتصادي مع توخي عدة أطراف لا تريد الخير لتونس منهج القطع مع الماضي عوضا عن اعتماد قاعدة التراكم و البناء على التجربة و المكاسب.
نحن نعتقد انه لا بد من ايجاد حلقة ايجابية تربط بين السياسة و الاقتصاد إذ أن تدهور الوضع الاقتصادي و الاجتماعي يأتي على كل التطلعات السياسية من حرية و ديمقراطية و حتى على اعتى المعتقدات و الإيديولوجيات. و لنا في نتائج الانتخابات البلدية الأخيرة خير دليل على ذلك.
كما نعتقد انه لا يمكن البناء إلا بتراكم التجارب و رسملة المكاسب واستخلاص العبر من السلبيات إن وجدت. و يمكن تعديد الحالات التي كان فيها بالإمكان أحسن مما كان لو اتعظنا بالماضي و اعتمدنا على التجارب السابقة سواء تعلق الأمر بالمحافظة على التوازنات الاقتصادية و المالية للبلاد التي اكتسبت فيها تونس تجربة كبرى من خلال هياكل التخطيط و البرمجة التي تراجع مردودها خلال السنوات الأخيرة إلى ان تلاشت هذه الوظيفة الهامة منذ سنة ٬2014 أو الحفاظ على الترقيم السيادي للبلاد في حدود مقبولة أو تلافي ترتيب تونس ضمن قوائم البلدان التي تشهد قصورا في بعض المجالات كمنظومة مكافحة غسل الأموال و تمويل الإرهاب و غيرها.
شهدت قيمة الدينار التونسي في الفترة الأخيرة تراجعًا مفزعا مقابل اليورو والدولار، بينما انخفض سعر صرف العملة المحلية في تونس إلى مستويات قياسية، بفعل الصعوبات التي يمر بها الاقتصاد التونسي. فهل من حل لإيقاف نزيف انحدار الدينار ؟
يكمن الحل بالطبع في تحسن نسق الصادرات و التحكم في العجز التجاري و عجز ميزان المدفوعات و هذا أساس الإصلاحات التي عرضناها في البرنامج الذي اقترحناه على سيادة رئيس الجمهوريةعلى المدى القصير ،مقترحنا يتمثل في اعتماد تمشّ يتمثل في عنصرين اثنين:
- دون الرجوع في التوجه المتمثل في إضفاء المرونة على سعر الصرف من المقترح اعتماد طوق(un corridor )يمكن في حدوده أن يتغير سعر صرف الدينار بزائد أو ناقص 2.5 % حول السعر المركزي على غرار التجربة الأوروبية المعروفة بالنظام النقدي الاوروبي( SME) أو التجربة الأخيرة التي اعتمدها المغرب الشقيق.
تطوير الرصيد من العملة على المدى القصير بإجراءات عاجلة (قرض رقاعي لدى التونسيين بالخارج. تشجيع هؤلاء بتوطين مواردهم بالعملة بالبلاد التونسية في حسابات بالعملة قابلة للتحويل. التخلي عن المرسوم 2011 الذي مكن بعض التونسيين العائدين من الخارج من الإبقاء على مواردهم بالخارج حتى عندما يفقدون صفة المقيمين بالبلاد التونسية. إعادة العمل بالتعاون الصناعي compensation industrielle ) و توسيعه. و ذلك فضلا عن إحكام تدخلات البنك المركزي على السوق باستباق عمليات الاقتناء المتأتية من المؤسسة الكبرى التي تتدخل على هذه السوق Steg - ETAP - Office des Céréales
دكتور أنت هنا تُخْضِعُ المسألة الاقتصادية إلى عملية حسابية وعلمية، لكننا اليوم أمام وضع سياسي متقلب يؤثر بشكل آلي ومباشر في الوضع الاقتصادي ويتأثر به أيضا.. في هذه المعادلة.. ألا يتطلب الأمر حلولا اقتصادية استثنائية في ظل وضع سياسي صعب واستثنائي؟
عندما يكون الوضع السياسي صعبا فان الحكومات مدعوّة إلى استنباط الآليات الكفيلة بدعم المسار الإصلاحي و التركيز على أهم هذه الإصلاحات والقيام بكل ما في وسعها لإيقاف النزيف و المحافظة على الآفاق التنموية للبلاد. فمن غير المقبول على سبيل المثال إثقال كاهل الأجيال القادمة بتداين إضافي يحد من أفاق النمو في المستقبل. كما انه من غير المقبول الإضرار بالنسيج الصناعي و المؤسساتي كما كان الشأن خلال السنوات الأخيرة من جراء ارتفاع ظاهرة الاقتصاد الموازي و المزاحمة غير الشريفة. و من ناحية أخرى لا بد من أن نذكر أننا عشنا بين 1984 و 1987 أوضاعا سياسة متشابهة تسابق و حتى تناحر على السلطة بالتزامن مع وضع اقتصادي متدهور. و لقد أمكن بفضل بعض السياسيين الوطنيين على غرار المرحوم إسماعيل خليل و السيد رشيد صفر بمعية مجموعة من الخبراء و الإداريين من وضع برنامج وطني صرف للإنقاذ و الشروع في انجازه مما جنب البلاد الدخول في وضعية اقتصادية و مالية يصعب معالجتها. و لقد مكن هذا التمشي في بحر 5 سنوات (1991-1986) من استصلاح الأوضاع و التسديد المسبق منذ 1991 للقرض المسند من طرف صندوق النقد الدولي وضمان انطلاقة جديدة للاقتصاد.
و لا شك أن الأوضاع الاقتصادية و المالية للبلاد تفاقمت و أصبحت اليوم أصعب العجز الداخلي و الخارجي ارفع- الدين وصل إلى مستويات لم نعرفها في 1986- المؤسسات العمومية أصبحت عاجزة ماليا خلافا لسنة 1986 حيث كانت تشهد فوائض تم استعمال جانب منها لتمويل البرامج الاجتماعية التي رافقت برنامج الإصلاح الهيكلي و خاصة برنامج العائلات المعوزة الذي تم إحداثه في تلك الفترة.الخ...
كما أن الوضع العالمي ما فتئ يزداد صعوبة سعر البترول في ارتفاع و تونس أصبحت غير مؤهلة لإعانات و معظم البلدان تريد التعامل معها معاملة الند للند على أسس تجارية بحتة. كما أن عديد البلدان المنافسة في إفريقيا و البلدان العربية قامت بإصلاحات و تموقعت في الاقتصاد العالمي و أصبحت تزاحم بلادنا في عدّة قطاعات و في استقطاب الاستثمارات الخارجية.
كل هذا يجعلني اعتقد إن الإنقاذ سوف يتطلب وقتا أطول لا يقلّ عن 7 سنوات و تضحيات اكبر لا بد أن يتقاسمها الجميع كل حسب طاقاته.
ونعتبر انه من الضروري ان تتزامن الإصلاحات مع برامج اجتماعية مرافقة ناجعة. و نحن نعتقد أن نجاح عملية الإنقاذ سيتحدد من خلال قدرة البلاد على ضخ منسوب من الثقة و إكساب البرامج المصداقية اللازمة و إقناع مختلف الأطراف بان التضحيات سوف تؤول إلى وضع اقتصادي و اجتماعي أفضل في المستقبل و تفتح أفاقا أرحب للأجيال القادمة.
في هذا المسار... مسار استشراف الآفاق والتأسيس للمستقبل... ما هو الدور الذي يلعبه المركز الدولي الهادي نويرة للاستشراف و الدراسات التنموية على هذا الصعيد؟ وماذا قدّم المركز على هذا المستوى منذ إحداثه قبل عامين؟
المركز الدولي الهادي نويرة للاستشراف و الدراسات التنموية تم التفكير في بعثه مع نهاية 2015 عندما حصلت لدينا القناعة بأن الأوضاع الاقتصادية تتجه نحو الأسوإ. و جاء إحداثه حرصا من المجموعة التي كانت وراء هذه المبادرة على وضع خبرتها و تجربتها على ذمة السلطات بهدف استصلاح الأوضاع و درء المخاطر الاقتصادية التي بدأت تحدق بالبلاد و تسير بها نحو مصير مجهول و مليئ بالمخاطر.
ويضم المركز عددا من المسؤولين السابقين من وزراء و سفراء و رؤساء مديرين عامين و جامعيين و مختصين في المجال البنكي و المالي وكذلك من الإطارات الشابة التي انضمت تباعا إلى هذه المبادرة.
و يعتمد المركز في نشاطه على مبدأين اثنين: التعامل مع كل الأطراف العمومية أو الخاصة دون أي تمييز من ناحية٬ وتوخي الموضوعية في التحاليل و عدم الاكتفاء بالتقييم و التركيز على تقديم الحلول الممكن اعتمادها من ناحية أخرى.
ومنذ تاريخ الانطلاق الفعلي لنشاطه في 2016 اصدر المركز في بداية 2017 كتابا تحت عنوان «عناصر لإستراتيجية الخروج من الأزمة» ومجلة نصف سنوية تحت عنوان:
(Les cahiers du CIPED) و تقريرا تمّ إعداده في جوان 2018 تحت عنوان «برنامج للتقويم الاقتصادي»٬ هذا فضلا عن البلاغات الصحفية و الندوات التي عبر فيها المركز على مواقفه من بعض المواضيع الهامة و المسائل المطروحة على الساحة الوطنية.
وكان للمركز السبق في اقتراح استراتيجية للخروج من الأزمة٬ وهو كذلك أول من نبه إلى مخاطر تصنيف تونس ضمن البلدان ذات القصور في منظومتها المتعلقة بمكافحة غسل الأموال و تمويل الإرهاب. كما بادر باقتراح إصدار قرض رقاعي لدى التونسيين بالخارج لتعزيز رصيد البلاد من العملة الصعبة عوضا عن اللجوء إلى التداين الخارجي الذي أصبح مستواه غير مقبول٬ و هي فكرة لاقت اهتمام السلطات المعنية.
ولقد تخطى المركز مؤخرا مرحلة جديدة باتخاذه أو مساندته لبعض المبادرات لعل أهمها إحداث وكالة ترقيم وطنية (PBR rating) وآلية للتصديق (certification) في مجال امتثال المؤسسات لمنظومة مكافحة غسيل الأموال و تمويل الإرهاب وماجستير رفيع المستوى في اختصاص المهن المالية. و هي مبادرات تساهم في دعم صورة البلاد بالخارج و إبراز اعتمادها لمبادئ الشفافية و مختلف التوجهات العالمية في المجال المالي.
قريبا كتاب جديد للدكتور توفيق بكار
تنتظر الساحة الوطنية صدور كتاب جديد للدكتور توفيق بكّار خلال الفترة القليلة القادمة. هذا الكتاب سيكون تحت عنوان «المرآة والآفاق تونس كما نحلم بها»
«Le miroir et L'horizon» : «rêver la Tunisie»
ويتعرض هذا الكتاب لمختلف مراحل المسار المهني الذي عرفه الدكتور توفيق بكار خاصة خلال الفترة التي قضاها في خدمة البلاد كوزير للتنمية ثم وزير للمالية وكمحافظ للبنك المركزي و إلى قراءته لما حصل في 14 جانفي 2011. لكن الأهم من ذلك أن هذا الكتاب يطرح في بابه الثاني نظرته إلى مستقبل البلاد و يتقدم باقتراحات تفتح لها آفاقا جديدة.
يقول توفيق بكار في هذا الباب ان «تصوراتي لمستقبل البلاد أردتها حلما قابلا للتحقيق٬ حلما يوفق بين الطموح الضروري و الواقعية التي لا بد منها حتى يتسنى تحويل هذا الحلم إلى واقع معاش. كما أن محتوى الكتاب يعكس قناعة راسخة بان رفع الرهانات يتطلب اعتماد إصلاحات هامة و تضحيات لا بد من التخفيف من وطأتها على الفئات الضعيفة وكذلك الارتقاء إلى حلقة ايجابية توفق بين الديمقراطية والتنمية و الرفاه».
6080
دينار هو مبلغ الدين العمومي بالنسبة إلى كل ساكن خلال عام 2017 بعد أن كان في حدود 2430 دينار عام 2010
630
ألف هو عدد الناشطين في الوظيفة العمومية خلال عام 2017 بعد أن كان 435 ألف عام 2010
1,9 ٪
هي نسبة النمو الاقتصادي خلال العام الماضي بعد أن كانت 3٫5 ٪ عام 2010.
68,1 ٪
مليار دينار هو قيمة الدين العمومي بعد أن كان يقدر ب 25٫6 مليار دينار عام 2010.
84,5 ٪
هي نسبة الدين الخارجي عام 2017 بعد ان كان في حدود 45 ٪ عام 2010.
6,1 ٪
هي نسبة عجز الميزانية مسجّلا بذلك ارتفاعا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.