تعيش تونس اليوم على وقع عديد الفعاليات المخصصة لليوم العالمي للبحر ومع ارتفاع حدة الانحباس الحراري وارتفاع مستوى البحر فان مناطق تونسية عديدة مهددة بالاختفاء من الخارطة... تونس الشروق حسب دراسة أعدتها وكالة حماية وتهيئة الشريط الساحلي فان البحر سيغمر السواحل التونسية في السنوات القادمة ليغرق ما يناهز ال 16 ألف هكتار من الأراضي الزراعية الواقعة بخليج الحمامات وجزيرة قرقنة وغار الملح وجزيرة جربة وأراضي متاخمة لوادي مجردة و700 ألف هكتار من الأراضي السكنية المتاخمة للسواحل التونسية. ذات الدراسة كشفت ان 21 بالمائة من السواحل التونسية مهددة بالانجراف خاصة في مستوى تونس العاصمة وبنزرت والمنستير وسوسة وصفاقس وجربة وقرقنة والحمامات. وكانت كتابة الدولة للتنمية المستدامة قد نبهت منذ سنة 2014 الى ان السواحل التونسية تعد من أكثر المناطق المهددة بارتفاع مستوى البحر في الكرة الأرضية. الى ذلك تؤكد الدراسات العلمية ارتفاع مستوى مياه البحر في تونس بنسبة تتراوح بين 30 صم ومتر واحد في نهاية القرن 21 في وقت يمكن أن يؤدي فيه ارتفاع ب 5 صم فقط الى كوارث طبيعية قد تكون أعنف من الفيضانات الأخيرة التي شهدتها منطقة الوطن القبلي. اما عن أسباب ارتفاع مستوى البحر في تونس فان الدراسة التي أعدتها الوكالة الوطنية لحماية وتهيئة الشريط الساحلي فترجعها الى ارتفاع درجات الحرارة التي من المتوقع ان تسجل ارتفاعا يناهز الخمس درجات بحدود سنة 2070. كما أظهرت الدراسة ان الاستغلال العشوائي للشريط الساحلي وعدم احترام امثلة التهيئة التي اعدتها الوكالة اذ تطور عدد السكان الذين يعيشون بالقرب من الشريط الساحلي الى 65 بالمائة من مجموع السكان في تونس كما أثر التلوث وخاصة التخلص في عرض البحر من المياه المستعملة في الصناعة وفي المنازل من ارتفاع مستوى البحر. كوارث وخسائر بالجملة... في ظل هكذا توقعات، يخشى خبراء المناخ والبيئة في الوكالة الوطنية لحماية وتهيئة الشريط الساحلي ان لا تأخذ الدولة التونسية مأخذ الجد التأثيرات الكارثية لارتفاع مستوى البحر على عديد القطاعات وعلى جودة الحياة في تونس. والحقيقة ان اولى هذه التأثيرات تتعلق بالجغرافيا التونسية والتي قد تتغير كليا خلال العقود الثلاثة القادمة. فشواطئ حلق الوادي وصلامبو واميلكار وقمرت ورواد الواقعة بالضاحية الشمالية للعاصمة التونسية لن يبقى منها سوى بعض الذكريات. اذ سيغمرها البحر مثلها مثل شواطئ الضاحية الجنوبية الممتدة من مقرين الى برج السدرية في حين ان هضبة سيدي أبي سعيد ستتعرض الى انهيارات أرضية بفعل الانجراف. وستعرف سواحل سوسة والمنستير والمهدية وصفاقس وقرقنة وبنزرت وجربة تقريبا نفس المصير وهو ما يعني غرق مئات المنشآت السياحية والمنازل. اما على المستوى الفلاحي فان الامن الغذائي لتونس مهدد بشكل خطير حتى ان وزارة الفلاحة تتوقع بان «يؤدي الانحباس الحراري الى ارتفاع مستوى البحر وهو ما سيتسبب بدوره في غرق الاف الهكتارات من الاراضي الفلاحية وارتفاع معدلات الحرارة وانخفاض هام لمعدلات تهاطل الأمطار وزيادة حدة وتواتر الظواهر المناخية القصوى على غرار الجفاف طويل المدى وموجات الحر الشديدة والعواصف والفيضانات. هذا الوضع سيؤثر سلبا على الموارد المائية والبحرية والنظم البيئية والفلاحية للبلاد التونسية والتي من شأنها أن تزيد من الضغوطات الحالية على الفلاحين والمستغلات الفلاحية والبحارة ومصائد الأسماك». وحسب الخبير في الموارد المائية محمد بن السقا فان تراجع جودة المياه في أكثر من مائدة مائية مرده تسرب مياه البحر الى تلك الموائد الواقعة على طول الشريط الساحلي وخاصة في المهدية وقابس. ويبقى الخطر الأكبر هو ذلك الذي يتعلق بانتشار الأوبئة والامراض وظهور أنواع جديدة من الحشرات بفعل تشكل عشرات السباخ ومجامع المياه الراكدة. انقاذ... امام هذه المخاطر المحدقة، اعدت الدولة خطة تندرج في إطار الاستراتيجية حول أقلمة قطاع الزراعة والنظم الايكولوجية في تونس مع التغيرات المناخية اعتمادا على دراسة حول تأثيرات ارتفاع مستوى سطح البحر على المنظومات البيئية البحرية وعلى اقتصاد المناطق الساحلية. وتهدف هذه الخطة التي نشر تفاصيلها موقع البيئة والتنمية الى تركيز مرصد للسواحل لمتابعة تطورها وتقليص التأثيرات على الأنشطة الاقتصادية في المناطق الساحلية وتحديد الملك العمومي البحري وإعداد مخططات الاشغال ومراقبة الأنشطة الاقتصادية فيه، بقصد إحكام التصرف به وضمان توازنه واستمراريته والمحافظة على النظم البيئية الساحلية وإعداد برنامج وطني لإدارة المناطق الرطبة الساحلية يهدف إلى حمايتها من التلوث واستصلاحها وتهيئتها. وقد تم لهذا الغرض إعداد نماذج إدارية شملت سبع سباخ ساحلية هي: أريانة وقليبية وسليمان والمكنين وبني غياضة ورادس والسيجومي كما شملت هذه الخطة إعداد برنامج وطني لحماية السواحل من الانجراف، وقد أنجزت دراسة أولية حددت نحو 100 كيلومتر من السواحل المعرضة للانجراف البحري، منها نحو 40 كيلومترا ذات أولوية. وسينفذ قسط أول من التدخلات باعتماد تقنية التغذية الاصطناعية للشواطئ. أرقام ودلالات 16 ألف هكتار من الأراضي الزراعية مهددة بالغرق 70 ألف هكتار من الأراضي السكنية ستختفي