الساعة العاشرة من صباح أمس الثلاثاء : غرق المركب البحري او البالانصي «محمد sf1613» على بعد 24 ميلا من سواحل قرقنة وعلى متنه 12 بحارا .. «الشروق» مكتب صفاقس: الساعة الثانية بعد الزوال : وصول جثمان الفقيد محمد الصغير أصيل بير علي بن خليفة يبلغ من العمر 35 سنة إلى منطقة الحرس البحري بصفاقس . الساعة الثانية والنصف بعد الزوال : وصول 9 ناجين إلى القاعدة العسكرية البحرية بصفاقس . الساعة... في انتظار 2 مفقودين بين هذه الساعات الأربع حكايات غريبة وصراع مع الموت يرويه الناجون بلا تركيز ل"الشروق"، بعضهم ومن هول الفرحة بنجاته والحزن على زميله لم يحدد مشاعره ..هي لعبة الموت والحياة في صورتها الحقيقية والملموسة بعيدة عن التنظير .. هذه الكلمات مجرد مقدمة بسيطة لا تعكس الحالة في الفاجعة البحرية الأليمة التي هزت صفاقسوقرقنة صباح أمس في يوم خريفي كانت فيه الرياح عاتية والسحب دكناء توحي بحزن مرتقب وبوجع قريب.. الخبر، وكما انفردت بنشره "الشروق أون لاين " يقول تعرض (صباح اليوم الثلاثاء) مركب صيد بحري على ظهره 11 بحارا، إلى الغرق بسواحل جزيرة قرقنة بسبب رداءة الأحوال الجوية وخاصة الرياح القوية التي هزت سواحل صفاقس. وقد تم انتشال جثة أحد البحارة وإنقاذ 8 آخرين فيما تواصل وحدات جيش البحر والحرس البحري عمليات البحث عن البحارين المفقودين ، انتهى الخبر.. «الشروق» تابعت الموضوع وتحولت إلى الميناء البحري بصفاقس أين كان البحارة في وضع غير عادي، الأعناق مشرئبة للبحر الغادر... وعلى كل لسان ألف سؤال مع إجابة واحدة مركب " محمد " غرق وأحد البحارة لقي حتفه رحمه الله وبحار وحيد أو بحاران في عداد المفقودين والبقية قادمون بعد أن كتبت لهم حياة جديدة.. الجميع كان يردد هذا الخبر بوجوه مصفرة ..هو التضامن بين عائلة البحارة جميعا، فحتى الذي كان منهمكا في ترقيع شباكه او إصلاح مركبه كان ينفث الدخان عاليا ويرفع عينيه إلى الأفق عله يرى المركب البحري الذي يقل الجثة... أو يقل الأحياء قادما من بين أمواج البحر... الجميع كان في الانتظار والكل يترحم على الغريق ويدعو للمفقودين بالنجاة ويحمد الله على سلامة الناجين من الموت المحقق... فعلا الموت المحقق، فعلى بعد 24 ميلا من سواحل قرقنة غرق المركب فجأة ..المركب، انطلق يوم الأحد في أول رحلة له بعد الراحة البيولوجية يقل 12 بحارا من خيرة البحارة، اعمارهم مختلفة وأكثرهم من الكهول المتمرسين على البحر والذين خبروا غدره فاستأمنهم ..لكن متى استقام مع البحر حساب؟.. رياح عاتية اضطرت كل المراكب البحرية التي كانت في «الغريق» أن تتحول إلى «القصير» وهو مصطلح بحري يعني المياه الأقل عمقا ..البعض يتهيأ لرمي « المخطاف» والبعض الآخر مازال يشق الأمواج ويصارعها بتقنية لا يعرفها إلا البحارة للوصول إلى «بحر الأمان» أي القصير، لكن المركب امتلأ بالماء، ومع تواتر الأمواج " موجة بعد موجة "انكسر شموخ المركب ليغرق .. لحظات فاصلة بين الحياة والموت ..الناجون التسعة تعلقوا بمركبي نجاة منتظرين مصيرهم وصائحين الله اكبر الله اكبر..وغير بعيد عنهم زميل لهم يلفظ أنفاسه الأخيرة ..الصورة لا يمكن للعين ان تلتقطها فالرياح كان تقذف بالجميع يمنة ويسرة والأمواج فصلت بينهم.. بقية "البالانصيات " لم تكن بعيدة جدا ..ميل أو ميلان لكن الرياح تمنعهم من الدنو من المركب الذي كان يتهاوى ليستقر في العمق .. الاستثناء كان مع المركب عمر المختار الذي كان الأقرب وتقدم لينقذ 9 بحارة وينتشل جثة الهالك رحمه الله .. هذا في البحر، وفي البر كان الأهالي في الانتظار ..ينتظرون مواليد جددا أو جثة بحار دفعته «الخبزة المرة» للماء المالح .. ورسميا الوالي عادل الخبثاني يقطع كل المواعيد ليترأس خلية أزمة أو لجنة للتوقي من مثل هذه الفواجع .. آخر المعلومات التي استقيناها من الإطار الطبي يؤكد سلامة كل الناجين لتنطلق الأبحاث في هذه الفاجعة البحرية التي خلفت غريقا ومفقودين أثنين مع نجاة 9 بحارة بعضهم قد يعود لمصارعة البحر قريبا بحثا عن رزقه بين الأمواج .. الناجون الصادق بوزميتة محمد بن عمر الهادي النقاطي علي فروح مهدي بن سليمان محمود الرقيق محمد دخيل لطفي الحامدي زياد الحمروني المتوفي رحمه الله محمد الصغير المفقودون نبيل هماني