«العدالة في خطر» ..تحت هذا الشعار نظم أمس الخميس الفرع الجهوي للمحامين بصفاقس ندوة صحفية لتسليط الأضواء على النقص الفادح في القضاة وهو ما انعكس على تعطيل المرفق القضائي وسير عمل المحامين ومصالح حرفائهم ..بل وربما « جودة العدالة» !. الشروق مكتب صفاقس الندوة الصحفية حضرها عدد كبير من المحامين وممثلي المجتمع المدني، ولقيت مساندة مطلقة من عديد المنظمات والهياكل المهنية وحتى القضاة حسب تأكيدات رئيس الفرع الأستاذ حاتم المزيو الذي قدم أرقاما مفزعة عن واقع المرفق القضائي بصفاقس . الأرقام تقول إنه بمحكمة صفاقس واحد ، و في سنوات 2015 و 16 و 17 ، كان عدد القضاة 42 قاضيا ، لكن في سنة 2018 ، وعوضا أن يرتفع العدد بارتفاع عدد القضايا تراجع ليستقر في حدود 31 قاضيا في حين ان حاجيات المحكمة لا تقل عن 49 قاضيا كحد أدنى ، أي ان النقص مقدر ب 18 قاضيا بابتدائية صفاقس 1 فقط . ذات الأرقام تقول إن ذات المحكمة أي صفاقس واحد ليس بها قاضي مؤسسة في حين ان هناك 111 قضية منشورة تخص المؤسسات التي تمر بصعوبات ..ذات المحكمة تفتقر إلى قاضي سجل تجاري في حين بلغ عدد الوارد شهريا 300 مطلب إيداع ، ..وفي ذات المحكمة لا يوجد قاضي ائتمان وتصفية في حين أن هناك 321 ملفا منشورا . نفس الإحصائيات تؤكد انه لا يوجد بالمحكمة سوى قاض منفرد وحيد ينظر حاليا في 18354 ملفا ، وفي المحكمة دائرة استعجالية وحيدة تنظر في 428 قضية منشورة حاليا وتنتصب مرة واحدة في الأسبوع ، كما انه في المحكمة دائرة شغلية وحيدة تنظر في 344 ملفا وتنتصب مرة واحدة في الأسبوع بعد أن كانت توجد دائرة ثانية سابقا.. في محكمة صفاقس واحد كذلك ، توجد ثلاثة دوائر مدنية وتنظر كل واحدة منها في معدل 1900 قضية تقريبا ، اما الدائرة الشخصية الوحيدة فتنظر في 1114 ملفا ، والدائرة الجناحية الوحيدة للموقوفين تنظر في 741 ملفا مما يضطر رئيس المحكمة إلى تكليف قضاة بمقتضى مذكرات عمل بخطط قاض للسجل التجاري والمؤسسة والائتمان والتصفية مما يزيد من تأخير الفصل في القضايا والمطالب ويعطل أعمال الدفاع ويؤخر إيصال الحقوق إلى أصحابها وهو ما ينضاف إليه النقص الفادح في الموظفين . هذا في محكمة صفاقس واحد ، أما في صفاقس 2 ، فالوضع أكثر قتامة والأرقام الأولى التي قدمها الأستاذ مزيد تنسحب في جزء كبير منها على المحكمة الثانية ، بل وقد تنسحب على فرع المحكمة العقارية التي لا يضمن العدل فيها الا 7 قضاة : رئيس ووكيل رئيس بعد ان كانا وكيلين و6 قضاة 3 منهم جدد عينوا من الملحقين القضائيين ..ذات المحكمة تنظر في 31 الف قضية في المسح الإجباري وعلى مكاتب القضاة 1051 قضية في السنة الحالية تنضاف اليها 423 مطلبا من السنة الفارطة .. الأستاذ حاتم مزيو ، لم يكتف بهذا القدر من الأرقام المفزعة ليتوقف عند محكمة الإستئناف التي توجد بها دائرة جناحية واحدة تنظر في 700 ملف منشور وتنتصب مرتين في الأسبوع ..أما الأحكام المفصولة وغير الجاهزة فعددها 9 آلاف حكم ..الاقام كثيرة ، و ما وراء الأرقام يعكس التشكيك في « جودة القضاء « باعتبار كثرة القضايا وضيق الوقت مما يثقل كاهل القضاة رغم جديتهم واستقلاليتهم و نزاهتهم ، وعن جودة القضاء تحدث الأستاذ مزيو مع عدد من زملائه عن تأثير ذلك على سير عمل المحامين بل و مصداقيتهم مع الحرفاء وأصحاب الحقوق الذي قد يتوفى أحدهم وفي نفسه شيء من حقه الضائع بين الرفوف المكتظة !.. هو استهداف ؟ ..الحضور من المحامين أجمعوا على ذلك ، والوعود في تحسين الوضعية والتي ذابت بين وزارة العدل والمجلس الأعلى للقضاء لم تعد لها رصيد أمام محاميي صفاقس الذين يلوحون بتعطيل كامل لسير المحاكم بتحركات وصفوها بالمدروسة والمتدرجة والرصينة والمسؤولة ..لكن لا خيار اليوم أمامهم ..هي " صيحة فزع " كما جاء في اللافتة التي وضعها المحامون في مكتبهم بالفرع..