اثار قرار الدائرة الجنائية المختصة في قضايا العدالة الانتقالية بمحكمة تونس الابتدائية مؤخرا والصادر في حق احمد فريعة بصفته وزيرا للداخلية بتحجير السفر عليه عديد التساؤلات حول طبيعة المحاكمة هل هي في اطار العدالة الانتقالية ام العدالة الانتقامية؟. تونس «الشروق»: وجهت اصابع الاتهام بدرجة اولى الى هيئة الحقيقة والكرامة بكونها هيئة اشتغلت على "انتقاء " الملفات واختيار بعض الشخصيات دون غيرها حتى وصفت اعمالها بالانتقامية الغاية منها تصفية حسابات لا غير . وازدادت الشبهات حول اعمال هيئة بن سدرين اثر موجة الاستقالات التي عرفتها من قبل اعضائها نتيجة الصراعات والخلافات داخل الهيئة وصلت حد اروقة القضاء الاداري . محاكمات استثنائية قال المحامي عادل كعنيش في تصريح ل"الشروق" ان ما تقوم به هيئة الحقيقة والكرامة من ممارسات خطيرة تندرج في اطار عملية «انتقامية» وليس محاكمة قانونية. وأضاف ان الاحالات الاخيرة التى شملت عددا كبيرا من الشخصيات التي سبق ان تمت مقاضاتها امام المحاكم العدلية والعسكرية الغاية منها ارباك هؤلاء وجعل العدالة الانتقالية سيفا مسلطا على رقابهم. وأضاف الاستاذ كعنيش ان هيئة بن سدرين اقحمت القضاء في مسارات خطيرة وذلك من خلال تخصيص محاكمات لرجال دولة سابقين من وزراء وسفراء وولاة وأمنيين ومسؤولين كبار بإحالتهم على محاكم خاصة "استثنائية " في إشارة الى الدوائر الجنائية المتخصصة في العدالة الانتقالية ملاحظا ان هيئة الحقيقة والكرامة انتهت مهامها بعد القرار الذي اتخذه مجلس النواب يوم 26 مارس2018 بعدم التمديد في صلاحياتها . وأشار الاستاذ كعنيش الى ان المشكل الاساسي في تونس ان القانون منح اختصاصات واسعة لهيئة الحقيقة والكرامة مما اضر بمفهوم العدالة الانتقالية وسيفتح باب الاحتقان من جديد عوض باب المصالحة وتجنب تصفية الحسابات. وأضاف الاستاذ كعنيش ان ودادية قدماء البرلمانيين عبرت عن مساندتها المطلقة لأحمد فريعة ( قضي في حقه بعدم سماع الدعوى من قبل القضاء العسكري ) خاصة وان الملف احيل على القضاء بعد انتهاء اعمال الهيئة. كما عبرت عن مساندتها لكل المعنيين بهذه المحاكمات وطالبت الحكومة بصفة عاجلة بوضع حد لهذه الاحالات التى تتم امام محاكم استثنائية كما طالبت بجعل كل القضايا من اختصاص المحاكم العدلية وفي سياق متصل اضاف مصدر قانوني اخر ل"الشروق" ان قانون العدالة الانتقالية لا يعمل "بمبدإ اتصال القضاء " اي انه لا يعفي من سبق وان صدر في حقه حكم قضائي من اعادة محاكمته. مخالفة للدستور من جانبها اعتبرت الجبهة الوطنية للنقابات الامنية ان اعادة محاكمة عدد من الامنيين في اطار العدالة الانتقالية رغم صدور احكام في حقهم من قبل القضاء العسكري يعد امرا مخالفا للمعاهدات الدولية ولدستور الجمهورية الثانية كما ان المحاكمات تفتقد لضمانات المحاكمة العادلة ولمبادئ حقوق الإنسان خاصة وان قيم العدالة الانتقالية تفرض أولا توفر شروط المحاكمة العادلة. وأكدت الجبهة ان المحاكمات الحالية تكتسي صبغة انتقامية الغاية منها ترهيب الامنيين . إذا اشكاليات عدة تطرحها محاكمات العدالة الانتقالية اولها غياب شروط "المحاكمة العادلة " في بلد يفرض دستوره ألا تجري في ظله محاكمات «استثنائية».