لكل مدينة مفاتيحها ولكل ذاكرة طلاّبها ... حتى اذا عييت واصابها الزمن تمسكت باقباس تشرع لوجودها حيز التاريخ بعد ان حفل بها الواقع « شذرات مطوية « للبشير التيجاني الرقيقي ،،شيء من التذكر والشعور بالانتشاء بغية الاعتزاز وتحيين فعل التذكر الذي منه تناسل القول بعد الفعل وعليه سنبني قراءتنا هذه لهذا الاصدار الذي جاء ليعزز النوافذ التي سبق وفتحها صاحب الاثر حتى تكون لنا اطلالة على مطوية الاعماق ومقوّماتها الحضارية ، ولئن ضاق بنا الوقت ولم تشا الظروف ان نطلع على ما فتحت النوافذ عليه من خصائص وعلامات دالة فان الشذرات جاءت مدعمة لتمشّي الكاتب وادمانه لمطويته فاراد لنا هذه الرحلة التي عادت بنا الادراج الى بداية القرن العشرين بالمطوية وحيثما مد المطويون الخطى على ذلك العهد وصولا الى ايامنا هذه . فافرد صاحب كتاب « شذرات مطوية « ابوابا اربعة: اولها عنونه بصفحات مطوية من تاريخ الحركة الوطنية وما زخر به هذا الباب من الوان الاخبار والوقائع عن شخصيات مجتمعية مطوية سواء داخل الواحة اوخارجها بالعاصمة وغيرها من المدن التي كانت قبلة المطويين بحثا عن الرزق ومصادر العيش وما املته تلك الحقبة الحسّاسة من التاريخ الوطني حيث ذكر كاتبنا شخصيات رجالية ونسائية وما اتسمت به من طرافة وتشكل وعي نضالي وسياسي وحتى اجتماعي كان له بالغ الاثر على المدينة الواحية في تلك الفترة، فعدد لنا الاحداث والاشخاص على حد سواء . وقام بجرد تاريخي لذكر مناقب كل شخصية على حدة وما تحلت به من قيم وميولات علمية وسياسية مشرفة اكسبت تلك الفترة من تاريخ بلدة المطوية بعدا توثيقيا وقيميا يجعل المطلع على ايامنا يفتخر بانتسابه الى هذه المدينة وما جبل عليه اهلها من امجاد واستبسال في الذود عنها والسعي الى اعمارها بالانخراط المبكر صلب الكفاح الوطني ضد المستعمر والاسهامات المتنوعة في خلق مدينة ذات ملامح حضارية متنوعة سواء بالتشجيع على العلم اوالانخراط في منظمات شبابية اواجتماعية كاشفا بذلك طبيعة المرحلة وما املته على المطويين من ظروف بعينها اتسمت بالاهتمام والتفاعل الايجابي استنادا على ما شبوا عليه من قيم. فنذكر على سبيل العد لا الحصر : الشيخ حميدة محمد الحمداني . صالح بن علي الحسومي ....ومن النساء الحاجة شريفة فياش...الى جانب تطعيم هذه الوثائق بجرد لاحداث ووقائع تاريخية كان للمطويين مواقف واسهامات بينة من ذلك : حادثة الكاردينال لافيجري نوفمبر 1925 ، وموقف مناضلي المطوية من الانشقاق صلب الحزب الحاكم وقتها ، وآثار الحرب العالمية الثانية على المطوية ووما خلدته تلك الواقعة وروادها ومناضلوها الذين ابدوا مواقف بينة استبسلوا في تبنيها والدفاع عنها فلا يمكن الا الاتيان عليها كلها وذلك بالعودة الى هذا الاثر ولعلّ ابرزها مواقف : محمود الدريدي ، علي بن محمد الغنوشي ...وغيرهما ممن اتت عليهم الاحداث . وللحق هذا الجزء المهم من هذا الكتيب وان بداه كاتبه بتتبع تاريخي منذ مطلع القرن العشرين وصولا الى اواخره الا انه في نهايته ولعله لشرح المادة اوانه يكشف عما تكبده الباحث من استنطاق للوقائع ومحاولة اتباع الصبغة التجميعية هذه الروافد من تاريخ البلدة جعله يهمل في آخر هذا الباب الترتيب ولكن اجمل ما حصّله يصلح كمادة بحثية في مستوى الجامعات التي تعنى بالتاريخ اوالاعمال الفنية المنقبة على الطريف غير المستهلك حتى تنصفه وتعطيه ما يستحق من اشادة . كما تطرّق الكتاب الى العادات والتقاليد الاجتماعية وابناء المطوية من المبدعين والمهرجانات والتظاهرات الثقافية في المطوية .هذا وختم الكتاب بفقرات منثورة من هذا الباب اوذاك مؤكدا على تلقائية البحث وخاصيته التجميعية كما سلف وذكرنا . تبقى « شذرات مطوية « صفحة صادقة عن حب هذا الرجل للمطوية وتفانيه في تاثيث ذاكرة ظلت تشكوبعض الثقوب فاراد لها التئاما بما ذكر من اخبار اهلها وما غاب عن ذاكرتهم متوسما في ذلك صدق حدسه وقيمة منجزه في القاء حصى في مياه نهر ظلت تنتظر حافزا ليحركها . المطوية في 15/ 07 / 2018