ودعت الساحة الفنية في تونس أمس الخميس 15 نوفمبر 2018 نجم الاغنية الشعبية في تونس الفنان قاسم كافي الذي وافاه الأجل المحتوم عن عمر 74 سنة قدم خلالها أكثر من 600 أغنية والآف الحفلات الخاصة والعامة التي أسعدت أجيالا متعاقبة. وكان الفقيد قد تعرض في الصائفة الفائتة الى وعكة صحية مفاجئة في احد الحفلات الخاصة بنزل في الحمامات، ولكنه لم يتوقف عن العمل والغناء الا شهرا واحدا قبل وفاته وهوما صرح به الفنان نور شيبة ل» الشروق» . الغناء في الزوايا وانطلقت مسيرة الفنان قاسم كافي في بداية الخمسينات من القرن الماضي حيث بدأ الغناء وهو في الثامنة من عمره الى جانب الفنان محمود بودية المعروف بالشيخ بودية الذي كان يرافقه في الغناء في الزوايا ومقامات الاولياء الصالحين. ويذكر قاسم في حوار للتلفزة الوطنية ان الشيخ بودية كان يطلب منه غناء العروبي وكان يمنحه «زوز دورو» أو ثلاثة، كما لحن له أغنية «على ولد الخالة» وأغنية «عشيري الاول». ومن الأغاني الصوفية دخل الراحل الى إذاعة صفاقس في 1956 وكان عمره 12 سنة، وقدم في الإذاعة أغاني كثيرة من وضع الشيخ بودية، وكان يتقاضى وقتها حسب اعترافاته في حوار للتلفزة الوطنية، 12 دينارا في الشهر. ونشأ قاسم كافي في بداياته في مدينة صفاقس، وتحديدا في مركز قدور ومركز شاكر وهو ما أكّده في حوار التلفزة الوطنية. قاسم كافي من أصول كافية ولعلّ ما لا يعرف عن أصول قاسم كافي انه من جهة الكاف، وقد هاجرت عائلته الى صفاقس حيث عاش يتيما الأمر الذي جعل الشيخ بودية يأويه في منزله وخصوصا خلال العمل معه في الزوايا. ومن صفاقس تحوّل قاسم كافي الى تونس العاصمة لتبدأ مسيرته الكبرى مع كبار المطربين والفنانين حيث لحن لكل من علية وصفوة وزهيرة سالم وليليا الدهماني والشاذلي الحاجي ونورالدين الباجي وعلياء بلعيد … ألم قاسم كافي ورغم مئات الأغاني التي أداها قاسم كافي، ولحنها سواء لنفسه أو لغيره من المطربين لم يكن له اثر في الكتابة او الشعر باستثناء أغنية يتيمة فرضها عليه رحيل ابنه البكر في حادثة مروعة اذ سقط من طابق العمارة الثالث حيث كان يسكن. وكتب الراحل وقتها أغنيته الحزينة «ولدي»، ويذكر حول هذه الاغنية ان ابنه الذي صنعه، صنع منه شاعرا. أمنية لم تتحقق كانت أمنية قاسم كافي أحياء حفل بمفرده على ركح المسرح الأثري في قرطاج، ولكنه رحل دون تحقيق هذه الأمنية حتى انه عندما غنى على مسرح قرطاج في افتتاح الدورة الاخيرة من مهرجان قرطاج الدولي في عرض «فن تونس، 60 سنة من الموسيقى التونسية» للفنان شادي القرفي، أبى ان يغادر المسرح قبل ان يهدي جمهوره ما أمكن من أغانيه الكثيرة متحديا بذلك قوانين العرض التي كانت تفترض ان يقدم أغنيتين لا غير، وهو ما أغضب الفنان شادي القرفي وأغضب قاسم كافي بدوره. رحل قاسم كافي ولكن أغانيه ستظل خالدة تتردد في كل المحافل والأفراح.