تونس (الشروق) ما يزال مصير الهيئة العليا المستقلة للانتخابات يكتنفه الغموض. وهي المؤهلة تقنيا للإشراف على الاستحقاقات الانتخابية القادمة. حيث مازالت المؤسسة التشريعية تراوح مكانها بحثا عن توافقات صعبة التحقق في ظل الصراع السياسي المتواصل. والتجديد الثلثي المُبين في الفصل ال9 من القانون الأساسي المتعلق بالهيئة العليا المستقلة للانتخابات، اضافة الى انتخاب رئيس جديد لها خلفا لمحمد التليلي المنصري المستقيل منذ 5 جويلية الماضي معضلتان في طريق الهيئة ومؤشر لأزمة طال أمدها أملا في أن يهتدي البرلمان الى حلها قبل بداية الاستحقاقات الانتخابية لسنة 2019. اختلافات والمطروح على البرلمان في علاقة بأزمة هيئة الانتخابات سد شغور مجلسها طبقا لمبدإ التجديد الثلثي كل سنتين والذي قضت عملية القرعة فيه منذ سنة(23 نوفمبر 2017) بمغادرة كل من رياض بوحوشي ونجلاء براهم وأنور بن حسين. وفي هذا الاطار كانت اللجنة الخاصة المكلفة بفرز الترشحات قد أجرت الفرز الإداري للترشحات. وحددت قائمة في الأصناف الثلاثة تضم 12 مترشحا في صنف مهندس مختص في مجال المنظومات والسلامة و17 مترشحا في صنف مختص في المالية ومترشحة وحيدة في صنف قاض إداري. والمطروح على المجلس أيضا، انتخاب رئيس جديد للهيئة. حيث شقّ الاختلاف مكتب البرلمان مؤخرا حول أي المسارات الواجب اتباعها في معالجة أزمة الهيئة بين ضرورة انتخاب الرئيس قبل سد الشغور كما يتمسك بذلك نواب النهضة والجبهة الشعبية وبين من يرى العكس من نواب كتل الائتلاف الوطني و المشروع والنداء والكتلة الديمقراطية. هذا الاختلاف الذي عطل معالجة أزمة الهيئة أشهرا، اهتدى مؤخرا الى مقاربة توافقية اقترحها ممثل الكتلة الديمقراطية في مكتب البرلمان غازي الشواشي. حيث تقضي بضرورة التوافق أولا على سد شغور مجلس الهيئة لاسيما أن الأغلبية المطلوبة فيها هي معززة (145 صوتا) ثم المرور الى انتخاب رئيس الهيئة الذي يتطلب تحصيل أغلبية مطلقة (109 نواب). وعليه قرر البرلمان أمس عقد اجتماع رؤساء الكتل يليه اجتماع مكتب المجلس أملا في إحراز التوافقات المطلوبة قبل المرور الى تعيين جلسة في الغرض والتصويت. استمرار الأزمة ولم يهتد رؤساء الكتل البرلمانية أمس الى التوافق حول تقديم انتخاب رئيس الهيئة على انتخاب أعضاء مجلسها أو العكس. حيث تمسك كل طرف بالمقاربة التي يدافع عنها في اجتماع رؤساء الكتل مما حدا بهم نحو المرور الى الحسم بالتصويت في اجتماع مكتب البرلمان الذي تلاه. وبالمرور الى اجتماع المكتب سيطر على أشغاله زخم الأحداث السياسية المتعلقة بالإضراب العام للوظيفة العمومية. حيث تقرر تأجيل الجلسة العامة التي كانت مقررة اليوم لبداية مداولات الميزانية الى السبت كما تقرر أيضا تأجيل التصويت لحسم مسألة الهيئة أيضا الى الاجتماع القادم المرتقب عقده يوم الخميس القادم على الأرجح. وفي المحصلة لا تبدو التوافقات الأولية المتعلقة بحسم ملف هيئة الانتخابات واضحة وفق تأكيد النائب غازي الشواشي الذي شدد على أن أغلب التوافقات التي يقع إحرازها في ملف الهيئة يقع التراجع عنها في كل مرة بما يجعل الملف برمته مرتهنا للصراعات السياسية وحسابات 2019 الانتخابية. فهل سيكذب البرلمان التوقعات الأسبوع المقبل نحو بداية حسم أزمة الهيئة أم أن الحسابات السياسية ستستمر مهددة عملية الانتقال الديمقراطي في تونس؟