تونس الشروق – : تعطّل في مجلس هيئة الانتخابات، انقسامات حول شرعية رئيسها المستقيل، خلاف برلماني حول التجديد الثلثي لاعضائها و مواجهة احد اعضائها لأحكام قضائية ،هي أركان تؤثث صورة ضبابية لمناخات التحضير للاستحقاقات الانتخابية 10 أشهر فحسب قبل انطلاقها. ولئن يجمع الرأي العام الدولي على أن العلامات الصحية للحكم بنجاح التجارب الديمقراطية مشروط بمدى احترام الدول للمواعيد الانتخابية وبشكل ادق احترام روزنامة الانتخابات فان الوضع الداخلي بات ينذر بتراكم المشاكل حول هيئة الانتخابات في علاقة باستعدادها لانجاح المسار الانتخابي. عضو مهدد بالسجن وكشف مصدر مطلع ل«الشروق» أن أحد اعضاء مجلس هيئة الانتخابات يواجه حكما قضائيا يرجح سجنه على خلفية قضية جزائية منشورة في المحكمة الابتدائية ببنزرت أثارها أحد اجواره الذي اتهمه بالاعتداء على ملك الغير والعنف الشديد مضيفا بأن قضية الحال باتت محور الحديث داخل اروقة الهيئة على امتداد الاسبوع الفارط سيما وان المتهم قد قضى ليلة قيد الايقاف قبل عرضه على المحكمة التي أجلت النظر في القضية بسبب تقدم الشاكي بطلب تعويضات عن الاضرار الذي لحقته. وكشف «المصدر» أن هذه الحادثة تدعو المؤسسة التشريعية الى التريث عند اختيار الاعضاء المؤتمنين على المسار الانتخابي مشددا على أن قضية الحال هي منشورة اليوم لدى القضاء الذي من دوره التحري واخذ القرارات المناسبة حيث لا يمكن الادلاء بتفاصيل اضافية حولها وأن القانون الأساسي للهيئة يقضي في صورة تثبيت التهم بفقدان عضوية المتهم وانتخاب بديل له في البرلمان بالاغلبية المعززة (145 نائبا). مجلس معطل وعلاوة على القضية الجزائية المثارة ضد عضو من الهيئة يعيش مجلسها حالة من العطالة حيث لم ينعقد منذ تاريخ 4 سبتمبر الماضي، وبالرجوع الى الموقع الرسمي للهيئة العليا المستقلة للانتخابات عقد مجلسها آخر اجتماعين ، الاول بتاريخ 30 اوت بحضور الاعضاء وغياب الرئيس المستقيل والثاني يوم 4 سبتمبر الماضي برئاسة الرئيس المستقيل محمد التليلي المنصري وكان أبرز قراراته المصادقة على مشروع ميزانية الهيئة. ومنذ تاريخ 4 سبتمبر الى الآن دخل مجلس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات في حالة شلل تام نظرا لعدم توفر النصاب القانوني في كل الجلسات التي نوى عقدها وذلك يعود الى الانقسام داخله حول شرعية الرئيس المستقيل بين موقف يقر بعدم شرعية الرئيس المستقيل في رئاسة المجلس واتخاذ قرارات ترتيبية سيما وانه لم يعد له سوى تصريف شؤون الهيئة و المسؤول فقط على التسيير المالي وبين من يرى العكس طالما ان البرلمان لم يعقد جلسة في غرض اعفاء المنصري بعد. إرباك وحالة العطالة التي يعيش على وقعها مجلس الهيئة كانت لها انعكاسات واضحة على إرباك الاعضاء ومازاد الطين بلة ازمة التجديد الثلثي لاعضاء الهيئة ، حيث قضت عملية القرعة التي جرت يوم 23 نوفمبر 2017 بمغادرة كل من رياض بوحوشي ونجلاء براهم وانور بن حسين غير ان البرلمان لم يعقد بعد جلسة لسد الشغور واكتفت لجنة الفرز داخله بفرز الترشحات وحددت قائمة منشورة على موقعه الرسمي تضم 12 مترشحا في صنف مهندس في مجال المنظومات والسلامة و 17 مترشحا في صنف مختص في المالية ومترشحة وحيدة في صنف قاض اداري دون تحديد جلسة في الغرض لغياب التوافق حول مسار حل أزمة الهيئة. ونصف الخطوة التي قام بها البرلمان في فرز قائمة ترشحات للتجديد الثلثي دون الاهتداء الى تحديد جلسة في الغرض مرده عدم توافق الكتل البرلمانية على مسار فض الأزمة حيث اوضح رئيس كتلة نداء تونس سفيان طوبال مؤخرا في تصريح اعلامي أن كتلة النهضة فحسب متمسكة بضرورة انتخاب رئيس للهيئة ثم المرور الى التجديد الثلثي بينما تتمسك باقي الكتل النيابية بضرورة تقديم التجديد الثلثي على انتخاب الرئيس وكان للسجال البرلماني انعكاس واضح على مزيد ارباك مجلس الهيئة الذي لا يعلم الى الآن مصير اعضائه المشمولين بالمغادرة وكذلك مصير منصب رئاسة الهيئة. حسابات سياسية وإزاء هذا الجو المشحون داخل هيئة الانتخابات و الممتد الى أروقة البرلمان يجري الحديث حول امكانية حسم معضلة الهيئة اثر الانتهاء من المصادقة على مشروع قانون المالية غير أن كيفية المعالجة هي مربط الفرس الذي من شأنه الرفع من مستوى التجاذبات، فاذا ما افترضنا أن الاغلبية البرلمانية ماضية في "المرور بالقوة " نحو انتخاب رئيس جديد للهيئة قبل التجديد الثلثي فان العديد من الكتل البرلمانية المتمسكة بتجديد الاعضاء اولا بدأت تعد العدة نحو اطلاق الاتهامات بالمساس باستقلالية الهيئة والتشكيك في الانتخابات قبل خوضها كما ان الصورة العكسية التي تقضي بتقديم التجديد الثلثي لا تبعث على الاطمئنان طالما أن التوافق على منح احد المرشحين باغلبية معززة تكاد تكون فرضية مستحيلة في ظل خارطة التوزنات البرلمانية المتقلبة والتي تطغى عليها الحسابات السياسية.