احتفت مدينة عقبة بن نافع بالقصيد العربي. واستحضرت على امتداد ثلاثة أيام توهّج الشعر وألقه الذي أراد الحياة وانتصر للمعاني الجميلة في الوجود. هي القيروان رابعة الثلاث كانت الحاضنة للإبداع الشعري العربي على امتداد 3 أيام (7 و8 و9 ديسمبر 2018) من خلال الدورة الثالثة لمهرجان القيروان للشعر العربي في تنظيم وتنفيذ لبيت الشعر بها بإدارة الشاعرة الكبيرة جميلة الماجري. ألق القصيد العربي انتصرت الدورة الثالثة لمهرجان القيروان للشعر العربي. ورسّخت وعزّزت أهداف هذا المهرجان منذ دورته التأسيسية الأولى من خلال احتضان القصيد المفعم بالحياة والحب والأمل وقضايا الراهن اليوم بعيدا عن الخطابات الحماسية المباشرة بالحرص على المضامين الانسانية النبيلة والصورة الابداعية التي فيها بحث وتطوير ومتعة وجدانية بلغة عربية متوهجة. لذا لا غرابة أن يكون حرص الهيئة المنظمة للمهرجان بإدارة فاعلة للمبدعة العربية الكبيرة جميلة الماجري على الانتقاء الدقيق للمشاركين على اعتبار أن الأولوية تبقى لألق القصيد مضمونا وتجديدا بعيدا عن منطق المحاباة.. فقد ارتقت المشاركات الى مستوى إبداعي عانق الروعة من خلال قصائد مشعة، مفعمة بالحياة الجميلة: ابتسام الخميري، ولطفي عبدالواحد، ومحمد البرهومي، وحافظ محفوظ، ووهيبة قوية، وكمال قداوين، وعبيد العياشي، ومحمود النجار ود. حسين العوري... الى جانب عدد من الشعراء الشبان الباحثين بجد عن مكان تحت شمس الابداع الشعري الصانع للحياة في أجل مظاهرها انطلاقا من بيت الشعر القيرواني. عبيد العياشي والشيخ أحمد بيسو سيحفظ التاريخ لهذه الدورة من المهرجان أنها أعادت الى المهد والوطن شاعرا قيروانيا مهاجرا... بادرة رائدة في أن تستعيد القيروان شعراءها المهاجرين من خلال عبيد العياشي الذي كانت أشعاره معبّرة عن أحاسيس مشتاق لحضن الوطن بدرجة أولى. وقدمت الدورة لأول مرة شاعرا طالبا في احدى الكليات بالقيروان من السينغال الشيخ أحمد بيسو الذي كان مفاجأة إبداعية صفق لها الحضور بحرارة مثمنا دور المبدعة الكبيرة جميلة الماجري التي منحت الفرصة لموهبة شعرية أفريقية. الشعر والذاكرة الجانب الفكري في هذه الدورة كان حاضرا من خلال ندوة «الشعر والذاكرة» في إدارة للدكتور المنصف الوهايبي ومداخلتين للدكتورين بسمة نهى الشاوش ومعز الوهايبي. الندوة كانت على قدر كبير من الأهمية والطرافة. إذ شرّحت وناقشت الشعر في علاقته بالذاكرة عبر العصور التاريخية وصولا الى الزمن الراهن.. الندوة أثارت نقاشا مستفيضا تم خلاله تبادل الرأي في هذه الاشكالية الفكرية الابداعية الشعرية ليخلص الجميع الى أن صناعة الشعر تبني الذاكرة وذلك بحفظ أساليب العرب في النضد من خلال أشهر ما قالته العرب في الشعر ثم تأتي الدربة والذاكرة هي القدرة على تثبيت المعلومة سواء كانت معرفية أو حسية وإعادة استرجاعها عند الحاجة. ومن هذا المنطلق يوظف الشعر من أجل حفظ المعرفة. الموسيقى حضور متوهج كان للموسيقى حضورها المتوهج في هذه الدورة من خلال الفنان المثقف وعازف العود جمال الشابي الذي شدى في يوم الافتتاح ب 3 قصائد تولى تلحينها: قدر أنت لنزار قباني وأراك لأبي القاسم الشابي ودعوني لحالي لأولاد أحمد. قاعدة عريضة ما شد الانتباه في هذه الدورة أن بيت الشعر القيرواني من خلال مهرجانه السنوي ونشاطه الابداعي الفكري الأسبوعي المتواصل بكل جدية أسس لقاعدة جماهيرية عريضة عاشقة للشعر وحافظة له.. مترنمة به... وهو رهان كسبه هذا البيت بفضل جهد وحرفية وعلو همة كل المشرفين عليه بإدارة حكيمة للمبدعة الكبيرة جميلة الماجري. من داخل المهرجان واكب فعاليات المهرجان وفد رفيع المستوى من إمارة الشارقة متكون من السادة عبد الله العويس رئيس إدارة الثقافة بإمارة الشارقة ومحمد القصير مدير إدارة الشؤون الثقافية بالإمارة ومحمد البريكي مدير بيت الشعر بالشارقة الى جانب فريق تلفزيوني من قناة الشارقة الفضائية. تنويه وتحية واعتراف بالجميل من كل المشاركين في المهرجان لصاحب السمو الدكتور سلطان بن محمد القاسمي حاكم الشارقة صاحب المبادرة الرائدة في تأسيس بيوت للشعر في كامل أنحاء الوطن العربي. شهد المركب الثقافي أسد بن الفرات بالقيروان الذي احتضن افتتاح الدورة الثالثة للمهرجان معرضا وثائقيا بعنوان «حصاد 3 سنوات من نشاط بيت الشعر». أكدت الشاعرة جميلة الماجري في كلمة افتتاح المهرجان على الحاجة الضرورية اليوم الى الشعر «نطلقه أجنحة في طوق الحرية والسلام» مقدمة بسطة على نشاط البيت وتعدّد محطاته الابداعية منوهة بفخر بمبادرة حاكم الشارقة الدكتور سلطان بن محمد القاسمي المنتصرة للقصيد واللغة العربية. تم توزيع إصدار طريف متمثل في كتاب شعري لبراعم نادي الشعر الذي يشرف عليه في بيت الشعر بالقيروان الشاعر المبدع التهامي الجوادي. انسجام وتناغم بين كامل أعضاء الهيئة المشرفة على المهرجان وقد كان ذلك محل تقدير المشاركين والضيوف. كانت السيدة جميلة الماجري مديرة البيت والمهرجان متابعة دقيقة لمختلف فعاليات الدورة. وهي التي حرصت على استقبال كل المشاركين في بهو النزل. برز الأستاذ عبد المجيد فرحات بحسه الإبداعي المتميز عند تنشيط وتقديم اليوم الافتتاحي في حين كان الأستاذ عبد العزيز الهمامي حريصا على مراقبة ومتابعة حاجيات الضيوف والمشاركين وتذليل كل الصعوبات التي تعترضهم. حظي الشاعر الكبير نورالدين صمود بحفاوة كبيرة من كل المشاركين والجمهور العريض في المهرجان. أهدى الشاعر نور الدين صمود الى مديرة المهرجان الشاعرة جميلة الماجري تسجيلا إذاعيا نادرا لها. وهو عبارة عن حوار لها يعود الى أكثر من ثلاثين سنة مع الاذاعي الراحل بوراوي بن عبدالعزيز في برنامجه الشهير «سهرات لا تنسى». حضرت الطرافة التي صفق لها الجمهور بحرارة في تنشيط الشاعر المبدع عبد الرحمان الكبلوطي الذي برز بحسه الإبداعي الراقي وسعة الخيال في ارتجال الأشعار من وحي اللحظة. وحضر عادل الجريدي بثقافته العميقة وصفاء فكره الإبداعي. كان والي القيروان والمندوب الجهوي للثقافة بها من المتابعين لحفل الافتتاح بالمركب الثقافي أسد بن الفرات.