مُؤشرات كثيرة وأحداث عديدة تؤكد أن «الحَرقة» المُرتقبة ل «السُوبر» التونسي والافريقي إلى قطر الشقيقة لم تكن مجرّد صدفة وإنما الأمر مُخطّط له بدقة كبيرة في «دهاليز» جامعة الجريء وكنفدرالية أحمد أحمد. هذا «الداهية» الملغاشي الذي قَضى على أشهر وأخطر «الدَيناصورات» الرياضية والكَلام طبعا عن «عيسى حياتو». لَو سَلّمنا بأن قَرار تحويل وِجهة «السُوبر» التونسي والافريقي من رادس إلى «الدوحة» يدخل في نطاق الصُّدف فإن مِثل هذه المُصادفات لا يُمكن إلاّ أن تحصل مرّة واحدة في القرن تماما كَوِلادة نجوم بسِحر «بيليه» و»مَارادونا» و»ميسي» و»كريستيانو». سلطة المصالح العَقل الرَّاجح يَقول إنّ «تَهجير» مُواجهتي الترجي للنادي الافريقي والرّجاء المَغربي نحو إمارة قطر يندرج في لُعبة المصالح التي تَحكم كرة القدم بل العَالم بأسره. فما الذي قد يَدفع جامعتنا «المُوقّرة» إلى بعث الحَياة في مسابقة محلية أصبحت نَسيا منسيا منذ عام 2001 وهو تاريخ آخر لقاء في كأس «السُّوبر» التونسي الذي يَجمع بين حَامل البطولة وصَاحب الكأس؟ وما الذي يَفرض على الجامعة «تَسفير» الترجي والافريقي إلى قطر في عزّ الشتاء للتنافس على مسابقة تونسية خَالصة وكان المنطق يرجّحُ تنظيم هذا «الدربي» الاستعراضي في مُستهلّ المشوار لا في وسط الموسم الشيء الذي يُثير جملة من الاستفهامات والاستفسارات حول مسرح اللّقاء وتَوقيته حتى أن البعض يؤكد أن نفض الغُبار عن هذه الكأس كان لغاية في نفس وديع. الاستفسار ذاته يُطرح على أحمد أحمد بعد تَعيين «السُوبر» القاري بين الترجي والرجاء في العاصمة القطرية. وهذه سابقة تاريخية لا عهد لنا بها خاصّة أن الأعراف والتَقاليد جَرت بإقامة هذه الكأس في بلد الفريق الفائز برابطة الأبطال أوفي ميدان «مُحايد» دون الخروج عن الحدود الافريقية خاصّة أن اتّحاد اللّعبة يملك أكثر من خميس عُضوا (أي أنّ عدد الدول المُنخرطة في كنفدرالية أحمد أحمد يُضاهي أويَفوق بقليل البلدان المُنتمية للإتحاد الأوروبي والجَامعة العربية معا). الجَواب واضح وسَهل بما أن أسباب تَرحيل «السُّوبر» التونسي والافريقي إلى «الدوحة» خَاضع لعلاقات مُتشعّبة وحسابات مُعقّدة يُمكن أن نختزلها في الاغراءات المالية والامتيازات الترويجية التي سَتُوفّرها «لُوبيات» الاشهار لجامعة الجريء وكنفدرالية أحمد أحمد بدعم من «المَاكينات» الإعلامية (هُنا وهُناك) والسَّلطات القطرية التي تُضحّي بالغَالي والنَفيس لإستقطاب أشهر النُّجوم العَالمية وكلّ التظاهرات الرياضية المُمكنة في سبيل التَسويق لمونديال 2022 الذي سيحتضنه الأشقاء بعد أن واجهوا عَاصفة من الانتقادات على خَلفية شُبهات الفَساد التي رافقت ملف الترشّح لإستقبال العَالم في المَوعد المذكور. الجريء يُكمل ما بدأه معلول لاشك في أنّ المُتابعين لتسلسل الأحداث في علاقة جامعتنا بالجَانب القطري سيفهمون في لمح البَصر بأن نَقل «السُوبر» التونسي إلى «الدوحة» كان امتدادا للحَملات التَمجيدية والعَلاقات الثنائية التي وضع أسسها الأولى نبيل معلول أثناء فترة إشرافه على المنتخب. ففي نوفمبر من عام 2017 بَادر معلول بكلّ «عَفوية» بإهداء الفرحة التونسية بالترشّح إلى المونديال إلى شُيوخ الإمارة القطرية هذا قبل أن يأخذ عناصرنا الدولية إلى «الدوحة» لفكّ الحِصار ونَيل «جائزة الامتياز» في «التَبندير والتطبيل» وهما من الخَدمات الجَليلة التي يحرص «السّيد خُماسيات» على تقديمها لأولياء نِعمته بمناسبة أودونها (الأمر نفسه ينسحب على المُنخرطين في هذه الحملة الدعائية ونستحضر منهم على سبيل الذِّكر لا الحصر الاسباني تشافي). وهذه الخَدمات ليست لوَجه الله وإنّما تَرتكز على مَنطق «كلام بدراهم» فَضلا عن التَبجيل والتَكريم والتَشغيل بدليل أن معلول تسلّم مَهامه على رأس «الدحيل» قبل أن تَجفّ دُموع التونسيين من فَضيحة المُونديال. ومن جِهتها غَضّت الجامعة الطَّرف عن الرحلة «المَشبوهة» لمنتخبنا إلى «الدوحة» وما رافقها من جدل بسبب اختراق «السَماسرة» للمُعسكر التَرفيهي الذي «انحرف» ب»النسور» عن المَسار الصحيح دون أن ينال من «العلاقة الثلاثية» بين معلول والجريء والجَانب القطري المُرتبط مع جامعتنا بعقود استشهارية في الاتّصالات ونَقل المُقابلات وأخيرا وليس آخرا الاتّفاقية المُتعلّقة برعاية كأس «السُوبر» التونسي الذي سينهض من «قَبر النِسيان» لِيُضيء سَماء «الدّوحة» في الأسبوع الرابع من شهر جانفي 2019 وذلك مُقابل تنزيل «حَفنة» من الدُولارات في خَزينة الجَامعة. لعبة سخيفة الرّحلة التونسية إلى الإمارة القطرية لن تَتوقّف على «السُوبر» التونسي بل أنها ستشمل «السُوبر» الافريقي الذي سيدور أيضا يوم 20 فيفري في «الدَوحة». ومن الواضح أن القمّة الكروية الكبيرة بين الترجي والرجاء وقع حشرها في الحِسابات الخَفيّة ل «الكَاف» التي ما كان لها أن «تَنفتح» على بلد آسياوي لتمنحه شرف احتضان إحدى مسابقاتها الكروية لولم تَقتنع بأن السّفرة الخليجية مُربحة وستَدرّ على جَماعة أحمد أحمد «الذّهب الأصفر» وربّما حتى «الذّهب الأسود» خاصة أن بعض أصدقاء وشركاء الاتحاد الافريقي يشتغلون في مجال البترول ولهم موطىء قدم في قطر. الطريف أن خبر اقامة «السُوبر» الافريقي في «الدوحة» كان مسبوقا بمسرحية مُضحكة في الأوساط التونسية بما أن جامعتنا المُوقّرة كانت على علم بقرار التَعيين لكنها تعمّدت لعب دور «شَاهد ما شَافش حاجة» خاصّة أن الجماهير الترجية سيطر عليها الغضب وألحت إصرارا على استقبال الرجاء في رادس بما أن فريقها هو الفائز برابطة الأبطال ومن حقه حسب التقاليد والأعراف أن يستضيف حَامل كأس الكنفدرالية على أرضه. وحتى تُتقن الجامعة اللّعبة بادرت بتمرير القرار الرسمي والنهائي ل»الكَاف» في «الأحد الرياضي» دون أن تسمح لمنشط الحصّة بالكشف عن هُوية المصدر وهو دون شك وديع الجريء الذي لم يكن بوسعه أن ينتقد أحمد أحمد على نقل «السوبر» الافريقي إلى قطر لأن رئيس جامعتنا سَيُقيم بدوره «السوبر» التونسي في المكان عينه. ومن الواضح أن الجريء كان على اتفاق مُسبق مع مسؤولي الترجي على عدم التصعيد خاصة أن المرء لا يُمكنه أن يُبيح لنفسه ما يُحرّمه على غيره والأهمّ أن الطرف التونسي ليس من مصلحته الدخول في صِدام خاسر مع «الكَاف» التي يؤكد العارفون بالكواليس بأنها تملك الكثير من «الأوراق» لشنّ هُجوم كاسر للعظام على جامعتنا التي كان رئيسها قد «حُرم» من الصعود على «البوديوم» عند تتويج الترجي برابطة الأبطال في رادس وذلك بسبب تأزّم العلاقات مع أحمد أحمد. الشائع أن السياسة لا تَعترف بالأخلاق لكن يبدو أن الكرة بدورها تخضع للمنطق نفسه خاصّة عند التقاء المَصالح التي يَستحيل مُراقبتها حتى لو أجبرنا أصحابها على التَصريح صباحا مساءً بمكاسبهم «المَرئية والخَفية» لدى هيئات مُكافحة الفساد وهو «ورم دائم» في جسد الكرة.