قريبا من مدينة تبرسق بالشمال الغربي التونسي، تقابلك مدينة دقة، التي تأسست في القرن الرابع قبل الميلاد، ثم صارت عاصمة لملوك نوميديا، ومقرا للأمراء المحليين والسكان الأصليين، بمواقعها الأثرية التي تشرف على هضاب مرتفعة وانحدارات ملتوية لتروي تصاميم مدينة رومانية تم ترميمها والمحافظة على معالمها حديثا، وحقول قمح وزيتون ممتدة حول معالمها التاريخية، مشكلة مشاهد طبيعية خلابة. من مسافات بعيدة، تبدو الآثار ظاهرة للعيان من خلال سواري واجهة «معبد الكابيتول» الشامخة التي تذكّر بعظمة الامبراطور أنطونيوس بيوس الذي حكم البلاد، معبد حدّد طبوغرافية الموقع بعد أشغال الترميم التي تمت في بداية القرن الفارط حيث يشرف بارتفاعه على سهول وادي خالد الذي يحيط بالمدينة. وشُيّد هذا المعبد الذي كان يسكن فيه القيصر الروماني(الحاكم)، ويضم قواعد حجرية فخمة ترتفع بشموخ في بداية النصف الثاني من القرن الثاني ميلادي وتم الانتهاء منه بين 166 و167، ويعتبر هذا المبنى من أجمل المعالم الرومانية في تونس وفي شمال أفريقيا عامة. إضافة إلى معبد «الكابيتول»، تتميز مدينة «دقة» بعديد الاثار الدينية الأخرى، سواء منها المحلية النوميدية أو الوافدة ويعد المسرح الروماني بدقة من أجمل معالم المدينة التي تم اكتشافها بداية القرن السابع عشر مع بداية الحفريات الأثرية سنة 1890، ويقع المسرح في مدخل المدينة الأثرية حيث كانت تقام فيه المسرحيات والطقوس الدينية، ويشمل المسرح ثلاث أجزاء، المدارج، الأوركسترا وخشبة المسرح، كما توجد بعض المدارج للأغنياء. وأصبح هذا المسرح اليوم، مكانا تقام فيه الحفلات والمهرجانات الفنية. جمال دقة لا ينتهي عند أثارها المنتشرة على كامل أرجائها، بل يمتدّ أيضا إلى غابات شجر الزيتون وحقول القمح وعيون المياه العذبة المتدفقة التي لا تنضب مما جعل هذه المدينة مركزا للخيرات منذ القدم فهي تقع في منطقة الشمال الغربي الأكثر خضرة في تونس الذي كان قديما يزود روما بالقمح. وزادت هذه المناظر الطبيعية والسهول الممتدة والهضاب المرتفعة المدينة، جمالا على جمالها الذي استمدّته من أثارها ومعالمها التاريخ.