في انتخابات 2014، كان المترشح الأفضل للرئاسة يُدعى الباجي قائد السبسي. ظهر فجأة من قلب الزوبعة التي كانت تقصف بالبلاد وتهدّد تواصلها. كانت سفينة تونس تهتزّ وتتأرجح فوق الأمواج العاتية وكان الخوف مسيطرا. ظهر فجأة الباجي فامتدت إليه أيادي الغارقين. رأوا فيه ملامح الزعيم المنقذ. وسريعا ما تحوّل هذا الرجل الآتي من الماضي البعيد بطل الحاضر والمستقبل ووجد فيه التونسيون، الذين عاشوا طويلا تحت سماء دولة الرجل رجل الدولة. واختلط الموضوعي بالذاتي، وأصبح الباجي «بجبوج». وتسارعت الأحداث وكوّن البجبوج حزب النداء في فترة زمنية قياسيّة وربح به الانتخابات التشريعية وانتصب به على كرسي قرطاج. كان الرئيس الباجي قائد السبسي على طريق سريعة ليصل بسرعة فائقة إلى تحقيق الآمال التي علّقها التونسيون عليه. فحقق بعضها ولم يحقق البعض للآخر. وكان فشله الأكبر ضعفه العاطفي أمام نجله حين سلّمه مفتاح حزب النداء دون أن يتحقّق من قدرته على حسن استعمال هذا المفتاح ودون أن يعتبر بأن معضلة الحكّام العرب في كل عصر ومصر هي «عقدة الابن». أول أمس في نابل رشّحه حزب النداء أو ما تبقى منه للرئاسية المقبلة. الاقتراح يبدو جريئا وربما مستفزّا إذا اعتبرنا حصيلة أول فترة رئاسية للجمهورية الثانية والتي يتحمل جزءا كبيرا منها رئيسها الباجي قائد السبسي بالطبع. صحيح أنه أنقذ البلاد، وروّض النهضة، ووطّد أركان الديمقراطية، وصالح التونسيين مع بعضهم، وحافظ على نصاعة صورة البلاد في الخارج. لكنه في المقابل ناور، وتحايل وخصوصا خصوصا، آثر ابنه البيولوجي على ابنه الروحي وذلك ضد كل التوقعات والاحتمالات والانتظارات. هل هو تأثير السنين أم، كما قلنا قدر حكام العرب والمسلمين؟ رشّح النداء الباجي قائد السبسي للرئاسية المقبلة. والغريب اليوم وبعد أكثر من أربع سنوات، أن الباجي قائد السبسي يبدو المرشح الأفضل والأكثر حظا اليوم ليكون الرئيس المقبل. شيء واحد تغير هو الباجي لم يعد «البجبوج».