مقدمة مرّة أخرى ، يكون المؤتمر في حركة نداء تونس عامل شدّ و جذب و آنقسام و إنهاك . و لعلّ المعضلة الأولى ، ها هنا ، إنّما هي حلقة مفرغة أشبه بثنائية البيضة أو الدجاجة ، من جهة هل تسبق هذه تلك أو العكس ؟ و ترجمان ذلك في قضيّة الحال : من ينتخب من ؟ هل يستمدّ منتخبون شرعيتهم من ناخبين غير منتخبين ؟ و إذا كان الناخبون في المؤتمر منتخبين ، فمن ينتخبهم ؟ و من يشرف على ناخبيهم ؟ و من ينتخب هؤلاء المشرفين على انتخاب من سينتخبون؟ و هل تجري الأمور على غير توجيه مسبق يتحكّم في مآل الانتخاب قبل الانتخاب ؟ إنّ مردّ ذلك هو ضياع نقطة الابتداء السّليم حين دعا المؤسّس الأستاذ الباجي قائد السبسي ، قبل انتخابات 2014 ، إلى عقد المؤتمر ، فلم تلق الدّعوة تلك عقولا فاهمة ، فضاعت نقطة الارتكاز . لا خلاف في أنّ حركتنا تعيش اليوم ذروة أزمتها ، و لا خلاف أيضا في أنّ مؤتمرها القادم سيكون حدّا فاصلا بين الاستمرار و الاضمحلال . فقبل 2014 ، كانت حركتنا تستمدّ قوّتها من رمزيّة مؤسّسها . أمّا اليوم فلا مصدر لقوّتها بخلاف قوّتها. و لعلّ تجاوز تلك الحلقة المفرغة من الأسئلة يقتضي البحث عن نقطة آرتكاز ، يكون عليها البناء . نقترح أن يكون المرتكز هو أعضاء المجالس البلدية عن حركة نداء تونس . فهؤلاء هم منتخبون بآسم حركتنا ، و صار لهم إشعاع في مناطقهم ، و خاضوا انتخابات بلدية من دون أي إسناد حزبيّ من أيّ نوع كان ، لا بل ثمّة ، من داخل النداء ، من تجنّد لعرقلة حظوظ القائمات الندائيّة . و لنا في ذلك أمثلة و أسماء ، و مع ذلك لم تكن الحصيلة هزيلة ، و إن لم تكن على قدر الطّموح . و نقترح أن ينضاف إلى هذا المرتكز مرتكز ثان ، و هو الباقون من أعضاء المجلس الوطني ، المثبتون قبل 2014 . فلهؤلاء شرعية السّبق و الأقدميّة و الثبات على النهج . و تصريف ذلك على النحو التالي : و طنيّا ، فمحليّا ، فجهويّا . 1 – المؤتمر الوطني المؤتمرون : - أعضاء المجلس الوطني مع بعض الشخصيات الوطنية ، و يقدّر عددهم بما بين 350 و 400. - أعضاء المجالس البلدية الرّاغبون ، و عددهم يقدّر بما فوق ال 1000 . - يكون مجموع هؤلاء و أولئك في حدود 1500 مؤتمر. - ينتخب هؤلاء ال 1500 أعضاء المجلس الوطني على النّحو التّالي : + يتوزّعون على دوائر الإقامة و العمل و الاختيار وفق تقسيم الانتخابات التشريعية ، أي 30 دائرة ، أي 27 مع 3 في الخارج . + يكون المعدّل في كلّ دائرة 50 مؤتمر . و ينتخب هؤلاء ، في نطاق كلّ دائرة على حدة ، أعضاء في المجلس الوطني يساوي عددهم عدد الأعضاء في البرلمان . + إلى هذا الحدّ ، يترتّب على ذلك انتخاب أعضاء في المجلس الوطني يكون عددهم 217 عضوا + ينتخب هؤلاء في ما بينهم أعضاء المكتب التنفيذي . و نقترح أن يكون عددهم ، في هذا المستوى ، 90 عضوا . + يختار أعضاء المكتب التنفيذي بالتّصويت أو بالتّوافق المسؤوليات القياديّة : رئيس ، نائب رئيس ، أمين عام ، أمين عام مساعد ، أمين مال ، أمين مال مساعد ، فضلا على توزيع بقيّة الأعضاء على المجالات المعلومة ، بما في ذلك لجنة التّأديب وفضّ النّزاعات ، و لجنة المراجعة للنّظام الدّاخلي و ضبط الصّلاحيات. 2 – المؤتمرات المحلية تكون مباشرة بعد المؤتمر الوطني ، ضمن جدول متزامن أو متسارع . - تكون الوحدة المحلّية هي المنطقة البلديّة . - في كلّ منطقة بلديّة ، يمثّل أعضاء المجلس البلدي لجنة محلّية لإعداد المؤتمر المحلّي برئاسة أحدهم منتخب . - عند الاقتضاء ، تتوسّع اللّجنة بأعضاء من المجلس الوطنيّ الرّاجعين بالنّظر إلى المنطقة المعنيّة . - يكون مرجعَ الإشراف على أعمال كلّ لجنة و على أشغال مؤتمرها عضو في المجلس الوطنيّ أو المكتب التنفيذي. - لضمان الحياد ، يكون أعضاء المجلس البلدي آليّا ناخبين وأعضاء في المكتب المحلّي إلا من لا يرغب في العضويّة . - يتركّب كلّ مكتب محلّي من 15 عضوا . و يكون آنتخاب أعضاء المكتب المحلّي مفتوحا لكل راغب في التصويت ، شرط التقدّم ببطاقة التعريف الوطنيّة. - يمكن تعديل عدد أعضاء المكتب المحلّي وفق الكثافة السكّانيّة. - ينتخب أعضاء المكتب المحلّي في ما بينهم المسؤولين الأوائل فيه. - يشرف المكتب المحلّي المنتخب على توزيع الإنخراطات و بعث الخلايا النّدائيّة في المناطق و الأحياء . 3 – المؤتمرات الجهوية - في نطاق كلّ دائرة جهويّة ، يكوّن أعضاء المجالس البلديّة لجنة جهويّة لإعداد المؤتمر الجهوي و الإشراف عليه ، برئاسة أحدهم يختارونه بالانتخاب أو بالتّوافق . - يمثّل كافة أعضاء المكاتب المحلّية في دوائرهم الجهويّة مجالس جهويّة قياسا على المجلس الوطني. - ينتخب أعضاء المجلس الجهوي : رئيسا لهم يكون آليّا عضوا في المكتب الجهوي . 10 أعضاء في المكتب الجهوي ، يضاف إليهم رئيس المجلس الجهوي ورؤساء المكاتب المحليّة. 7 أعضاء من داخلهم يلتحقون بعضويّة المجلس الوطني ، ولا يترشّحون لعضويّة المكتب الجهوي . - ينتخب أعضاء المكتب الجهوي فيما بينهم المسؤوليات القياديّة . و لا يترشّح لهذه المسؤوليات رئيس المجلس الجهوي ، إذ يكتفي بالعضويّة الآليّة في المكتب الجهوي و برئاسة المجلس الجهوي . - يكون رؤساء المكاتب الجهويّة ، آليّا ، أعضاء في المكتب التنفيذي . - يكون رئيس المجلس الجهوي ، آليا ، عضوا في المجلس الوطني . - يشرف على أشغال المؤتمرات الجهويّة أعضاء المكتب التنفيذي . - عند أوّل جلسة للمجلس الوطني بتركيبته الكاملة ، ينتخب أعضاؤه رئيسا لهم ، يكون ، آليّا ، عضوا في المكتب التنفيذي . 4 – جداول توضيحيّة 4 – 1 – المجلس الوطنيخاتمة ليس هذا المقترح أفضل ما يكون . لكنّه صيغة استصفاء انتخابيّ تقوم على مرتكز محدّد ، وتمهّد في المستقبل لمؤتمر آخر ، ينطلق صُعُدا من المحلّيات . فعندها ، يكون قد تحقّق نسيج من المنخرطين انخراط انتماء إلى النّداء وليس انخراط انتماء إلى حسابات المؤتمر. ومع ذلك ينهض هذا المقترح على المحلّيات . فهي الوحدات الصُّلبة التي منها يتألف المستويان الجهوي والوطني حزبيّا وانتخابيّا. لقد لقّنتنا الانتخابات السّابقة هذا الدّرس بحُلوه ومره. كما يحقّق هذا المقترح في المستوى المحلّي غايتين هامّتين : الغاية الأولى هي خلق حركيّة ندائيّة من خلال التصويت المفتوح للجميع. وقد يتوسّع الإشعاع النّدائي بتركيز مكاتب اقتراع ، تحت رقابة اللجان المعنيّة والمنظّمات المدنيّة ، في الشوارع والأحياء والفضاءات العامّة. والغاية الثانية هي التّعويل محلّيا على أعضاء المجالس البلديّة النّدائيين و تأصيل انتمائهم إلى حركتنا. فقد أخذ اليوم اليأس من النداء مأخذه من بعضهم. وبدأت فعلا موجات هجرتهم واستدراجهم بمعيّة هياكل بأكملها أحيانا ، وهذا ما سبق لنا التّحذير منه ، في سياق محدّد ، قبل إجراء الانتخابات البلديّة نفسها . كان ذلك في رسالة إلى أربع قياديين أصابهم صمم مزمن. وأخيرا ، نشير إلى أنّنا نشرنا قبل مؤتمر سوسة تصوّرا ملائما لتلك المرحلة وتوازناتها. وكان مدعّما بجداول وأرقام. ونذكر أنّ ندائيين كثرا من القيادة والقواعد استحسنوه ، ومنهم من تعهّد بالاستئناس به على أقل تقدير. لكن الأمر جرى على نحو مغاير ، وثبت لاحقا أنّ التّبعات لم تكن محمودة. نأمل أن ينال هذا المقترح مآلا مختلفا. فهو يسير المنال إعدادا وإنجازا. وفوق ذلك ، لعلّه صيغة الإنقاذ الوحيدة الممكنة.