تشهد المناطق الحدودية في الشمال الغربي والقصرين مع كل موسم شتاء توافد «أرتال «من الشاحنات المحملة بكل أنواع المساعدات الاجتماعية تحت شعار نشر الدفء في نفوس السكان وإدخال الفرحة الى قلوبهم. هذا المشهد ألفناه كل سنة. لكن خلف الصورة الجميلة لمبدإ المد التضامني والمشاعر النبيلة تختفي الصورة الحقيقية القاتمة لاستغلال فقر وحاجة تلك العائلات وإخضاعها لمنطق التجارة. هنا كل شيء جائز في عالم السياسة. والمهم الظفر بالمزيد من الأصوات ولو بحفنة مساعدات أو أحضان تدعي أنها تملك الحل السحري .. هذه المشاهد تتجدد مع كل موسم انتخابي , لتكون الجهات المفقرة عنوانا للمساعدات وكأن قدرهم أن يكونوا لقمة سائغة لتجار السياسة وسماسرة الأحلام ...حلمهم بدولة عادلة يعيشون فيها بأنفة دون أن يضطروا الى بيع أصواتهم في سوق الذل والمهانة مقابل حفنة من المساعدات. و الأفظع أن الدولة تعاملت أيضا مع السكان بمنطق المساعدات. ومع كل كارثة يخرج علينا أحد المسؤولين ليصرح «لقد وفرنا المساعدات الكافية لسكان المناطق الحدودية « ...من أين تأتون بهذه الجرأة ؟؟...تريدونهم حطب حملات انتخابية , ويطالبون بقليل من الحطب لنشر الدفء في بيوتهم. دفء حرمته منهم قوانين مجلة الغابات التي تفرض عقوبات صارمة عليهم اذا تجرؤوا على قطع شجرة ,من حقكم حماية الغابة ,هذا لا جدال فيه ,ومن حقهم حماية أنفسهم , وتحقيق هذه المعادلة يكون بتنقيح مجلة الغابات التي ظلت سيفا مسلطا على رقابهم ,ومن واجب السلط توفير سبل العيش الكريم للأهالي بتمكينهم من الخدمات الصحية والتعليمية وفك عزلتهم , عوض تحويلهم الى لا جئين داخل حدود الوطن ... ألم تقولوا إن التمييز الإيجابي سيعيد الى هذه المناطق حقها في التنمية. لكن على أرض الواقع مازالت سياسة التهميش متواصلة. بل تعمقت أكثر . لذا اتركوهم يعيشون بكرامة.. وبشموخ جبالهم وكفى استغلالا لآلامهم وتجارة بمآسيهم , وارفعوا أيديكم عن فقراء الجهات .