تونس الشروق: اذا كان من حلم يراود شعوب بلدان المغرب العربي فهو بلا شك بناء صرح مغاربي تذوب فيه الحدود و تنتفي منه الخلافات ما تناوله الندوة المغاربية الثانية المنعقدة بتونس يومي 2 و 3 فيفري 2019 بمبادرة من المرصد الدولي للإعلام و حقوق الإنسان فرع تونس.... بحضور وفود مثلت البلدان الخمس المكونة للمغرب العربي، افتتح والي تونس، الشاذلي بوعلاق، الندوة المغاربية الثانية حول دور الهيئات الحقوقية والمجتمع المدني في توطيد علاقات الشعوب المغاربية التي ينظمها المرصد الدولي للإعلام و حقوق الإنسان فرع تونس الذي يرأسه الأستاذ و الحقوقي رضا كرويدة. و كان رئيس المرصد، نور الدين ذاكر، قد أعرب عن امتنانه باستضافة تونس لهذه التظاهرة الحقوقية الهامة و التي تندرج في إطار إعادة إحياء فكرة المغرب العربي عبر تفعيل مكونات المجتمع المدني في كل بلدان المنطقة من اجل تعبئة الشعوب المغاربية و الوصول بها إلى الحلم المنشود ألا وهو الاتحاد المغاربي بما هو فضاء اجتماعي و إنساني و اقتصادي و سياسي. و كان رئيس المرصد مكتب تونس رضا كرويدة قد خص الشروق بحديث مطول استهله بتوجيه الشكر للاستاذة سعيدة العامري الرئيس المدير العام لدار الانوار للدور الذي لعبته جريدة الشروق في التعريف بالمرصد و مواكبة كل نشاطاته سواء في تونس او في الخارج. و اعتبر كرويدة ان الاعلام مطالب اليوم بلعب دوره كاملا في مساندة مكونات المجتمع المدني من اجل ترسيخ المبادئ العامة لحقوق الانسان و هو المدخل الرئيس لبناء المغرب العربي على اساس شعبي و ليس نخبويا. و استشهد كرويدة باستنتاجات الباحث و الكاتب ادريس ولد القابلة الذي انتقد في مقالاته و بحوثه عجز النخب السياسية عن انجاز المشروع الذي تطمح له كل شعوب المنطقة مبينا « لقد أضحى واضحا الآن أن قادة المغرب العربي لم يبذلوا الجهد الكافي واللازم لإعادة تفعيل مشروع الوحدة المغاربية، وهو المشروع الذي ما زالت الشعوب المغاربية تنتظر تحقيقه منذ سنوات خلت، ومن غير المفهوم، وليس هو موقف القادة المغاربيين، وإنما إهمال النخبة المغاربية لإشكالية الوحدة المغاربية والتعامل معها بلا مبالاة غير مسبوقة، بل القلة القليلة التي اهتمت بها تناولتها من زاوية نعيها ليس إلا.» مضيفا «فقد تأكد بما لا يدع أي مجال للشك، غياب أية مبادرة تفيد بسير البلدان المغاربية في اتجاه السعي نحو الوحدة أو على الأقل تعزيز التعاون بينهم. فهل يعني هذا الوحدة المغاربية انتهى أمرها ؟ وأن انتظارات الشعوب المغاربية في هذا المضمار قد ذهبت سدى بالرغم من أن فكرة الوحدة المغاربية برزت في خضم التصدي للاستعمار والاحتلال ؟ «. و ذكر كرويدة بماجاء في ابحاث الباحث من زاوية تاريخية موضحا «ففي منتصف عشرينات القرن الماضي تأسس حزب بباريس يحمل اسم « نجم شمال إفريقيا» طالب باستقلال بلدان شمال إفريقيا ( المغرب والجزائر وتونس )، كما نادى لإقامة ولايات متحدة شمال إفريقية. وبإيعاز من هذا الحزب تأسست جمعية الطلبة المسلمين لشمال إفريقيا، وفي أعقاب الحرب العالمية الثالثة تجذرت فكرة الوحدة المغاربية لدى الشعوب المغاربية، إذ عرفت سنة 1947 انعقاد مؤتمر المغرب العربي الذي انبثق عنه مكتب المغرب العربي ولجنة تحرير المغرب العربي، كما أن المناضل النقابي فرحات حشاد توجه بنداء للعمال المغاربيين في مارس 1947 لدعوتهم لإقامة فدرالية نقابية لعمال شمال إفريقيا، وقد دأبت لجنة تحرير المغرب العربي برئاسة عبد الكريم الخطابي منذ تأسيسها على الصعيد المغاربي. إلا أن هذا مشروع الوحدة المغاربية بدأ يتبخر منذ الربع الأخير من خمسينات القرن الماضي .» حلم و تحديات... على خلفية ما تقدم، اكد الاستاذ رضا كرويدة ان بضم صوته الى صوت المفكر ادريس ولد القابلة معتبرا انه « اراد من أراد وكره من كره، وحدة دول المغرب العربي أضحت مسألة ضرورية ولا غنى عنها، إذا أرادت الدول المغاربية الخروج من النفق، إنها ضرورة تاريخية وشرط وجود الآن، أقوى وأهم من الاختلافات العقائدية والسياسية والمصالح القطرية والحسابات الضيقة. وباعتبار أن الحل السياسي لهذه المسألة، من الوجهة السياسية، وجب الآن اعتماد الرؤية الاقتصادية المحضة، ولتذهب الخلافات السياسية وصراعات القائمين على أمور هذه الدول إلى الجحيم، لأنه لا مخرج الآن إلا بالانفتاح الاقتصادي وفتح الأسواق، هذا هو السبيل الذي سيفرض على الساسة الأخذ بعين الاعتبار ضرورة تفعيل التكامل بين مكونات المغرب العربي، للتمكن من الاستمرار ضمن الركب العالمي، وليس تحت مظلة هذه القوة أو تلك كسند لاستدامة الحال».يذكر انه شارك في هذه الندوة عديد المفكرين و المختصين.