سيظل يوم 22 سبتمبر الفارط عالقا، في ذاكرة متساكني ولاية نابل، بسبب الأضرار، التي لحقتهم جراء الفيضانات، التي شهدتها المنطقة، والتي خلفت حالة من الرعب والخوف. وقد عاد ليطفو هذه الأيام مع عودة نزول الأمطار بكميات هامة. مكتب نابل (الشروق): الكارثة الطبيعية الأسوأ التي عاشتها ولاية نابل خلال شهر سبتمبر الفارط، مازالت آثارها جلية، إلى حد الآن، لا على مستوى البنية التحتية المتضررة فقط. بل تبعاتها النفسية على أغلب متساكني الجهة، الذين أصبحوا يخشون من نزول الأمطار، حتى بكميات قليلة. فالتجربة الأليمة، التي مروا بها، تعلموا من خلالها عدم ترك أي شيء للصدفة. فمع بداية كل تجمع للسحب، ترى الجميع يهرع لسد جميع المنافذ، أمام أبواب المحلات السكنية والتجارية خوفا من تسرب المياه. وتتم الاستعانة بأكياس الرمال، التي تم تجهيزها منذ الفيضانات الأخيرة لاستعمالها في وقت الحاجة. تخوف من سيناريو مماثل بداية نزول الأمطار بوتيرة متسارعة مساء يوم الاثنين، والتي استمرت في الهطل خلال كامل الليل، رافقتها حالة من التأهب ممزوجة بأحاسيس الخوف والذعر، من تكرر سيناريو شهر سبتمبر الفارط. وهو ما دفع العديد من الأهالي الى التزام الحذر والتداول على النوم خشية تسرب المياه الى محلاتهم. ويقول في هذا الصدد، ناجح بن سعد أحد متضرري الفيضانات السابقة وهو من متساكني حي سيدي موسى بنابل «مع كل قطرة مطر يتعزز لدينا الإحساس بالخوف والهلع كيف لا، ونحن مازلنا إلى حد الآن نعاني من مخلفات الفيضانات، التي اجتاحت كامل أنحاء المنزل. وأتت على ما فيه حتى أن التعويضات الزهيدة التي تحصلنا عليها لم تعوضنا ما خسرناه». ومن جانبه، قال عصام بن سعد، صاحب محل تجاري، إن محله تضرر بالكامل خلال الفيضانات الأخيرة، التي تسببت له في خسائر جمة، منتقدا، البنية التحتية المهترئة، التي ساهمت مباشرة في تأزم الوضعية. وتابع محدثنا، أن الكوارث الطبيعية يمكن أن تجتاح أي مكان من العالم وليس للإنسان دخل فيها. لكن شدد على الدور الكبير، الذي كان من المفترض أن تضطلع به أجهزة الدولة من خلال الأخذ على عاتقها مسؤولية تنبيه المواطنين وأخذ جميع التدابير الوقائية والاستباقية. وبعد إقرار، بعض التعويضات المادية للمتضررين، من الفيضانات الأخيرة التي شهدت هي الأخرى لغطا كبيرا وتحرك المجتمع المدني من خلال توفير الملابس والأغطية والحشايا والمواد الغذائية للمتضررين، جاء الدور على السلط المحلية والجهوية، لرأب الصدع وإصلاح ما يمكن إصلاحه وإيجاد الحلول الكفيلة لتجنب الأضرار أو التقليص منها، من خلال إبرام 27 صفقة خاصة بالمناطق المتضررة من ولاية نابل. و شملت توسعة الطريق الجهوية عدد 28 بمنطقة سيدي حماد و "جهر" وادى سيدي حماد ووادي حربون ووادي لسود من معتمدية الحمامات وإصلاح الجسر. كما شملت هذه الأشغال معتمدية بوعرقوب من خلال بناء جسرين وتعبيد 3 كلم بمسلك بوسهم وبناء معبر مائي وتهيئة مسلك الحارثين . أما بالنسبة الى معتمدية بني خيار، فقد انطلقت الأشغال بدورها والمتمثلة في إنجاز مجاري تصريف مياه الأمطار وإصلاح حواشي الطريق الرابطة بين منطقة بئر دراسن من معتمدية بني خلاد ومدينة بني خيار وإنجاز معبر مائي على الوادي الكبير. كما اشتغلت جميع البلديات على إصلاح ما خلفته الفيضانات من خلال "جهر" الأودية وقنوات الصرف الصحي ورفع الأتربة والأوساخ من داخلها لضمان سيلان مياه الأمطار بسلاسة. وفي اطار، متابعة أشغال إصلاح الأضرار، التي لحقت بعض الطرقات بالجهة، قامت والية الجهة بزيارات متتابعة . وعاينت بالخصوص مسار المياه المحولة من الطريق رقم 44 وتقاطع هذا المسار مع بعض الأودية وخاصة منها مجاري وادي علية ووادي مسلة ووادي القبة ببني خلاد. وفي لقائها مع أهالي منطقة زاوية الجديدي، أكدت الوالية أنه بالاتفاق مع المدير العام للمياه العمرانية بوزارة التجهيز والإسكان وبالتنسيق مع المصالح الفنية تم التوصل الى حل يتمثل في تحيين إحدى الدراسات بنية تحويل مياه الأمطار من وسط مدينة زاوية الجديدي الى أحد الأودية المجاورة حماية للمنطقتين المذكورتين. وهو ما أكده السيد مهدي شاشية رئيس بلدية بني خلاد في إحدى تصريحاته الإذاعية، والذي أكد أن مصالح وزارة التجهيز الفنية، قامت بدراسة فنية على مستوى طريق الMC44 ووادي سيدي التومي ووادي الجرابة ومسلك المسلة للتدخل بعد الفيضانات الأخيرة. وقامت بوضع حاجز اسمنتي لأن المصالح الفنية عاينت الأضرار. وقررت أنه من الأفضل استبدال الحواجز الترابية بحواجز اسمنتية. وبيّن أنه وقع "جهر" عدد من الأودية بهذه المنطقة لضمان عدم توجيه أي مياه أخرى الى الأودية بالمنطقة. احتراز وتخوف هذه الإجراءات، قوبلت بنوع من الاحتراز والتخوف، من بعض أهالي المنطقة. حيث يقول أنيس الغناي إن الإقرار بالمخاطر، التي يمكن أن تحدق بمدينة زاوية الجديدي والمنطقة البلدية بوشراي دليل واضح على أن مشروع حماية الطريق المحلية 44 و "جهر" وادي علية كان متسرعا ودراسته منقوصة خاصة أنه لم يتم تحيين الدراسة الخاصة بحماية مدينة بني خلاد وزاوية الجديدي من الفيضانات. وحسب محدثنا، فإنه لم يقع الرجوع الى المجالس البلدية المعنية بتشريكها أو استشارتها عند القيام بدراسة المشروع سالف الذكر. ولم يخف تخوفه من عدم الإيفاء بالوعود والتعهدات خلال هذه السنة بعد أن تم إعطاء إشارة لانطلاق تحيين الدراسة الخاصة بحماية المعتمدية في الأسبوع القادم و التي ترمي الى تحويل وجهة المياه المتأتية من وادي علية الى وادي القبة لحماية مدينة زاوية الجديدي، مع التعهد بتوفير التمويلات اللازمة من ميزانية 2020.