رغم الصعوبات الاقتصادية التي تخيم على البلاد، يبدو أن قطاع النسيج في طريقه نحو الانتعاش والتحسن بعد التفاف حوله من خلال مجموعة من الإجراءات التي تم وضعها في 2017 على خمس سنوات. تونس (الشروق) وهو ما يبشر بتحسين المعاملات وتشغيل 50 ألف تونسي إلى حدود سنة 2023. وهو ما لاحظه رئيس الجامعة التونسية للنسيج حسني بوفادن في حديث له مع «الشروق». اعتبر رئيس جامعة النسيج حسني بوفادن أن القطاع الذي يضم 1678 مؤسسة ويشغل 160 ألف عامل وإطار، قد شهد انتعاشة لأول مرة في 2018 بعد سنوات من «التعب» والإشكاليات الخانقة. وقد تحسن التصدير ليعرف تطورا بحوالي 3.4 بالمائة أي ما يعادل 2.4 مليار أورو. وهو ما يشجع على البناء ومواصلة مسار إنقاذ القطاع الذي انطلق منذ 2017. وفي المقابل رغم انتعاشة التصدير فإن القطاع مازال يشكو من صعوبات عديدة في السوق المحلية. وقال : «صحيح أن هناك جزءا بدأ يتعافى في قطاع النسيج. وهذا الجزء يهم التصدير. لكن هناك إشكاليات تتعلق بالسوق المحلية مازالت قائمة رغم بوادر الانتعاشة. ومازال هناك الكثير من العمل يجب القيام به». وقال إن النتائج التي تم تسجيلها تعود إلى مسار مشترك لإنقاذ القطاع مع الحكومة منذ انعقاد المجلس الوزاري المضيق في 28 نوفمبر2017، وذلك بعد الصعوبات التي عاشها قطاع النسيج منذ 2011 الى 2015. وكان المجلس الوزاري المضيق قد أفرز 22 إجراء لإنقاذ القطاع. وتم وضع استراتيجية تشاركية بين القطاع العام والقطاع الخاص على خمس سنوات قصد العودة إلى الأسواق العالمية. وتهدف الاستراتيجية إلى عودة تونس إلى مكانتها كخامس مزود للسوق الأوروبية بالنسيج، وتحسين الفائض في الميزان التجاري، من خلال تحسين كفة التصدير مقارنة بالتوريد، ليمر من 126 بالمائة حاليا إلى 146 بالمائة. لكن في المقابل -مع تحسين التصدير- يتوجب ترشيد الواردات وتعويضها بصناعات محلية للأقمشة لها كفاءة ولها قدرة تنافسية. وحول توريد الأقمشة والنسيج وتأثيرها في السوق المحلية، قال إن الحكومة تفاعلت في ما يتعلق بنقطة ترشيد التوريد من خلال قرار نوفمبر 2018 المتعلق بإخضاع توريد النسيج والملابس الجاهزة إلى كراس شروط. فلا يمكن إغلاق السوق أمام التوريد. ويخضع توريد الملابس الجاهزة عموما إلى ترخيص مسبق وجملة من الشروط. وتسعى الجامعة إلى تحسين الشروط الفنية الموضوعة حاليا من خلال تحسين معايير التوريد وشروطه . ويذكر أنه -لأول مرة- تم الإعلان عن ميثاق شراكة بين القطاع العام والقطاع الخاص في النسيج. وتجمع هذه الشراكة بين الحكومة الممثلة من وزارة الصناعة والمؤسسات الصغرى والمتوسطة والجامعة التونسية للنسيج واتحاد الصناعة والتجارة. واقترحت الجامعة تحسين ترتيب تونس على المستوى العالمي وإحداث 50 ألف موطن شغل واقترحت آليات إحداثها، وتحقيق 4 مليارات أورو من التصدير وتحقيق نسبة امتلاك ب4 بالمائة من السوق الأوروبية وعودة تونس الى احتلال المرتبة 5 في تزويد السوق الأوروبية، وترشيد التوريد وتحسين التغطية في السوق. أما دور الدولة فهو وضع إجراءات تمكن القطاع من تحقيق أهدافها. وقال إن من الأهداف وضع الدولة برامج التكوين والتشغيل. فهناك نقص ما بين 8 و10 آلاف موطن شغل مطلوبة. ولم يجدها أصحاب المؤسسات بسبب غياب اليد العاملة المتكونة. وهنا يندرج دور الدولة في تحسين التكوين. وقال إن كل نقطة زيادة في السوق الأوروبية تمكن من تشغيل قرابة 40 ألفا من اليد العاملة. والهدف هو المرور من 2.5 بالمائة من السوق الأوروبية حاليا إلى 4 بالمائة. وهو رقم سبق تحقيقه سابقا. ويسعى المهنيون إلى تغيير بعض القواعد مع السوق الأوروبية وتحسين تصنيع الأقمشة لبلوغ هذه الأهداف. وقد تم الاتفاق مع الحكومة على دعم مشاريع تصنيع النسيج والأقمشة من خلال صندوق الاستثمار المشترك بين القطاعين الخاص والعام. واعتبر حسني بوفادن أن 80 بالمائة من الإجراءات المتفق عليها عموما مع الحكومة والتي تم تضمينها ضمن استراتيجية عمل،تم القيام بها وتطبيقها على أرض الواقع، ومنها إجراءات تتعلق بجدولة جملة من الديون منها ديون مع الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي. والاتفاق على برامج في التكوين المهني بما يلبي حاجيات المؤسسة. وعموما يتضمن مسار إصلاح قطاع النسيج ستة محاور كبرى منها التكوين وتوفير اليد العاملة المختصة، والاستثمار، وترشيد التوريد، وتحسين ميناء رادس. وشدد حسني بوفادن على أن استراتيجية الإصلاح هي بالشراكة بين الحكومة واتحاد الصناعة والتجارة وكذلك اتحاد الشغل. حيث تعهدت الجامعة بزيادات في الأجور بحوالي 7 بالمائة ستصرف للأجراء وذلك من منطلق الإيمان بأن النجاح في القطاع يتطلب ظروفا تشغيلية ومناخا اجتماعيا طيبا في المؤسسات، حسب تعبيره. وكان رئيس الحكومة يوسف الشاهد قد أشرف خلال هذا الأسبوع بقصر الحكومة بالقصبة على التوقيع على الميثاق القطاعي للشراكة بين القطاع العام والخاص في قطاع النسيج والملابس للفترة الممتدة بين 2019 و2023 بحضور وزير الصناعة والمؤسسات الصغرى والمتوسطة ورئيس الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية ورئيس الجامعة التونسية للنسيج والملابس. وسوف يمكن هذا العقد من خلق حوالي خمسين الف موطن شغل في هذا القطاع في أفق سنة 2023، و استرجاع حصة 4 بالمائة من السوق الأوروبية، و- الارتفاع بصادراتنا إلى 4 مليارات أورو، و العودة إلى ترتيب الخمس الأوائل بين الدول المصدرة في قطاع النسيج إلى الاتحاد الأوروبي. كما سوف يفتح هذا العقد المجال أمام توقيع عقود أخرى تشاركية تشمل قطاعات الصيدلية ومكونات السيارات والصناعات الغذائية.