تتجه الإنظار خلال هذه الإيام الى شمال سوريا، أين يمر تنظيم داعش المتشدد بآخر أيامه في تلك المناطق، بعد أن اشتد عليه الخناق، لكن السؤال المطروح الآن هو: هل أن المجتمع الدولي قادر فعلا على مجاراة مرحلة ما بعد «داعش» في سوريا؟. ورغم أن التنظيم المتشدد لم ينته رسميا في سوريا، إلا أن جدلا دوليا واسعا انفجر خلال هذه الفترة حول كيفية تعامل الدول الأوروبية وأمريكا والعرب مع معضلة عودة الارهابيين إلى بلدانهم فبعض الدول ترى أن عودة إرهابييها شر لا بد منه، في حين ترى دول أخرى أن الضغوط الشعبية تمنعها من استعادتهم .وبين هذه الخيارات وتلك يبقى المطلوب على المجتمع الدولي اليوم الإسراع في وضع استراتيجية واضحة للتعامل مع هذا الملف. ويبدو أن تصريح الرئيس الامريكي دونالد ترومب الاسبوع الماضي الذي طالب خلاله أوروبا باستعادة دواعشها قد كان المنطلق الرئيسي لهذا الجدل حول عودة الارهابيين الى دولهم الاصلية، لكن مع ذلك قوبل تصريح ترومب بعدة تساؤلات اخرى حول توقيت هذا التصريح والهدف من وراء التعجيل بارجاع الدواعش الى بلدانهم، فالسوريون وهم المتضررون الرئيسيون من ارهاب داعش حملوا أمريكا مسؤولية نشأة هذا التنظيم الدموي، واتهموا ترومب بمحاولة حماية الارهابيين قبل أن يتم القضاء عليهم في معاقلهم. وتؤكد بعض التقارير الاستخباراتية السورية في هذا السياق أن واشنطن تحاول انقاذ الإرهابيين الأجانب بعد أن انتهى دورهم في سوريا حيث سرعت خلال الأسابيع القليلة الماضية خططها لمساعدة هؤلاء الإرهابيين بحجة إعادتهم إلى بلدانهم الأصلية وبدأت ممارسة الضغوط على دولهم الأصلية لاستقبال بضاعتها. وفي المحصلة ستكون هناك عدة نقاط دولية حساسة سيتم تناولها بعد تحرير كل الاراضي السورية من التنظيمات الارهابية وأول تلك النقاط هو كشف الاطراف العربية والاقليمية التي كانت وراء ارسال المسلحين لاسقاط الدولة السورية، والأكيد أن عدة حكومات سواء عربية أو اوروبية متورطة في هذا الملف وقد تكتوي بنار الارهاب الذي صنعته بعد أن تسترد بضاعتها الداعشية.