كلما توقفت عند حقبة من حقبات تاريخ تونس فستجد ان المرأة راكمت من الإنجازات ما يفوق في بعض الأحيان الرجل فهي التي بنت دولة التأسيس وهي التي تعيد السفينة الى عرض البحر كلما حاد الربان عن مساره...ومع ذلك... تونس الشروق: تحي تونس اليوم، اليوم العالمي للمرأة وهي تتوق الى خوض غمار ثالث استحقاق انتخابي ديموقراطي تشريعي ورئاسي بعد الثورة. استحقاق تنتظر منه المرأة الكثير بالنظر للاوضاع التي عليها اليوم. ورغم ما تتباهى به تونس من حقوق تتمتع بها المرأة فان الواقع مغاير تماما لهذه الصورة الناصعة التي تروج لها النخب الذكورية في تونس.فنسبة الأمية في صفوف الإناث بلغت 25 فاصل 9 بالمائة مقارنة بالذكور التي تقدر ب11 فاصل 2 بالمائة. اما بالنسبة للبطالة فهي أكثر ارتفاعا مقارنة مع الذكور فقد بلغت حسب المسح الوطني الذي أعده المعهد الوطني للاحصاء 27 فاصل 3 بالمائة مقابل 15 بالمائة في صفوف الذكور.الى ذلك لازالت 47 فاصل 6 بالمائة من النساء في تونس تتعرضن للعنف سواء جسدي أو جنسي أو اقتصادي أو نفسي ولم تتقدم بشكاوى إلى القضاء سوى 17 فاصل 8 بالمائة منهن بسبب الضغوطات الاجتماعية التي تمارس ضد المرأة للجم صوتها واسكاتها. وفي مستوى العدالة التشغيلية، اعترفت وزيرة المرأة والاسرة والطفولة نزيهة العبيدي ان نسبة ارتقاء النساء الى الخطط الوظيفية في تونس لا تتعدى 7ر29 بالمائة مقابل 70 بالمائة بالنسبة للرجال. ولا تتعدى نسبة حضور المرأة في الوظيفة العمومية ال37ر4 بالمائة، ورغم ان بعض الارقام تعكس مدى حضور المرأة في المشهد السياسي فان عديد الجمعيات والمنظمات تؤكد ان هذا الحضور لازال خافتا بالنظر الى الامكانيات العلمية والاكاديمية للمرأة التونسية. ويبلغ عددهن في الحكومة الحالية ثلاث وزيرات وكاتبتي دولة بنسبة 8 بالمائة من أعضاء الحكومة بالاضافة الى تطور مشاركة المرأة في السلطة التشريعية حيث يبلغ عدد النساء عضوات مجلس نواب الشعب 73 من بين 217 عضوا بنسبة تقدر ب 64ر33 بالمائة في الانتخابات التشريعية الاخيرة، فضلا عن تطور مشاركة المرأة في السلطة القضائية حيث يبلغ عدد النساء القاضيات 845 من بين 2171 من القضاة مما يجعل نسبة حضورها في القضاء ب 9ر38 بالمائة وهي من أرفع النسب على المستوى العربي والافريقي. الميراث وكشف العورة... من أبرز الدراسات التي تم اعدادها في علاقة بدعوة رئيس الجمهورية للمساواة في الميراث تلك التي اعدها الباحث وجاء فيها «مازالت دعوة الرئيس الباجي قائد السبسي ،يوم 13 أوت 2017 بمناسبة عيد المرأة ،إلى التفكير جديا في إجراء اصلاح تشريعي يضمن مساواة مطلقة بين الرجل والمرأة يثير انتباه الكثيرين لسببين: الاول ديني حيث لا يخفى أن الشريعة الاسلامية لا تقر بهذه المساواة المطلقة في الكثير من الحالات كالميراث على سبيل الذكر وهو ما يجعلنا نعيش تناقضا بين دستور يقر أن الاسلام دين الدولة وقوانين لا تلتزم بأحكامه. أما الثاني فيمكن وصفه بالسياسي ويتلخص في زعم البعض أن هذه الدعوة تخفي العديد من الأهداف السياسية كالعمل على كسب معارك انتخابية قادمة وإحراج الخصوم السياسيين». مضيفا «غلبت على مواقف الكثير من القوى السياسية من دعوة رئيس الجمهورية إلى المساواة التامة بين المرأة والرجل اعتبارات الصراع السياسي والحزبي إذ غاب أو يكاد النقاش الفكري الموضوعي حول هذه المسألة وانحرف بسرعة إلى التشكيك في نزاهة المواقف المتخذة حيال هذه الدعوة من خلال إصرار العديد من الخصوم السياسيين على التمسّك بتعريف نمطي وثابت لبعضهم البعض. إذ لم يتردد بعض المحللين في القول أن دعوة الرئيس تصدر عن ثقافة علمانية معادية للدين وبتحريض من نخب فكرية استئصالية ،في حين لم يجد البعض الآخر بدا من تفسير موقف حركة النهضة غير المعترض علنا على هذه الدعوة إما بالنفاق السياسي أو بالارتداد الديني. وما يهمنا في هذا الصدد هو أن طرح مسألة المساواة بين المرأة والرجل في الميراث لم تناقش من زاوية ما ستحققه من مصلحة أو ما سينجر عنها من مشكلات اجتماعية ،بقدر ما طرحت في سياق مناكفات سياسية يسعى أصحابها إلى الحط من قيمة خصومهم إما باعتبارهم علمانيين استئصالين أو متدينين تقليديين ومتخلفين».