لا يكاد يمر يوم دون يحدث اكتشاف جديد في مجال الطب وانتصار جديد ضد الأمراض وتطور تكنولوجي جديد يسهم في تخفيف آلام الناس ويسهل شفاءهم. ولكن رغم كل هذا التطور في المجال الطبي فإن إعلانات المداواة عبر الأعشاب أو الطب القرآني ومراكز الحجامة والطب الروحاني... تغزو كل الفضاءات. وتنشر حتى في المواقع الاجتماعية وتلقى إقبالا منقطع النظير. وهو أمر يثير الحيرة فكيف يمكن لمجتمع يدعي الحداثة والتطور ومواكبة العصر أن يقبل على هذه الممارسات رغم مخاطرها وتأكد تلاعب الدخلاء بصحة الحرفاء. لعل الأمر في حاجة الى مزيد التعمق عبر إجراء دراسات نفسية واجتماعية تحلل سلوك التونسي وتحدد الدوافع التي تجعله يلتجئ الى هذا القطاع الهامشي ويكون بذلك ضحية للتحيل وعرضة لمخاطر عديدة هو في غنى عنها. إن الالتجاء الى الطب الروحاني عامة من الممكن أن نجد له مبررا عند الأشخاص الذين يعانون من أمراض مستعصية عجز الطب عن إيجاد دواء لها. ففي تلك المرحلة يصبح الانسان في حالة يأس تدفعه الى البحث عن الحل دون إعمال للعقل والمنطق. أما أن يصبح الأمر ساريا على كل الأمراض وممارسة مألوفة من قبل الجميع فإن ذلك يثير الاستغراب ويجعلنا نتساءل هل نحن فعلا ننتمي الى عصر الحداثة و العقل أم أننا نسير الى الخلف؟