ما الفرق بين الدولة التي تقتل مواطنيها بالمدافع ومن تقتلهم بسوء تصريفها لشؤونهم واهمال حقوقهم في الرعاية الصحية والتعليم والعمل والحياة الكريمة؟؟؟ اجل الحياة الكريمة التي من اجلها تنتفض الشعوب وتطلب التغيير، ما الفرق بين من يجوع شعبه ويقتل اطفاله ويتمسك بالكرسي ويقول انا منتخب ومن يبيد شعبه وهو ديكتاتور غير منتخب؟؟؟. لقد عرف «ماكس فير» الدولة على انها تمثل « احتكار العنف المشروع» في المجتمع، وانه بدون هذا الاحتكار ودرجة المركزية التي تستلزمها، فان الدولة لا يمكنها ان تلعب دورها كمنفذ ومطبق للقانون والنظام، ناهيك عن تقديم الخدمات العامة وتشجيع النشاط الاقتصادي وتنظيمه. عندما تفشل الدولة تقريبا في تحقيق أي درجة من المركزية السياسية، يتحول المجتمع عاجلا ام اجلا للفوضى ،منذ نشأة الدولة الوطنية في الدول المتقدمة ثم انتشرت في العالم الثالث ، تشكل كيانا جديد يعرّف نفسه طبقًا لوجود جماعة قومية محددة، وهو ما استتبع أن يكون كل منتمٍ لها مواطن لتلك الدولة، في نفس الوقت الذي أقسمت فيه الدولة على خدمة هذا المواطن طبقًا لمُثل وقيم الحداثة الجديدة، والتي نبذت القواعد السياسية الفاسدة للعصور القديمة ، معتبرة أن الكيانات السياسية في تلك العصور كانت ناقصة، أولًا لغياب المساواة بين البشر الموجودين تحت إمرتها، وثانيًا لغياب المبدإ القائل بأن الدولة ككيان يقوم على خدمة شعبها فقط، وليس العكس وهنا أتساءل لماذا قد تقتل الدولة مواطنيها وهي جعلت لخدمتهم؟؟؟ إن الإجابة على السؤال الذي طرحناه،هوأنها ببساطة لحظة قتلهم لا تراهم مواطنين لها، بل وحتى خارج إطار تلك اللحظة فإن حسابات المواطنة المثالية لا تكون سارية، فالدولة الوطنية على أرض الواقع، وعلى مدار العقود الماضية، اكتسبت نفس السمة التي وسمت كل الكيانات السياسية في التاريخ البشري، وهو انحصارها بين مجموعة من شبكات المصالح السياسية والاقتصادية، وتمثيلها لنطاق محدود من الجماعات الدينية والإثنية إن لم تكن واحدة فقط، بشكل يستحيل معه تحقيق مبدإ الدولة الوطنية غير الواقعي، وهو ما يحوّل شرائح واسعة لاعتبارات ثقافية أو جغرافية أو سياسية إلى درجة ثانية فعليًا في نظر الدولة، ثم إلى عدو واضح مع تبلور أي حراك لها يطالب بحقوقها. والسؤال الثاني الذي اطرحه ما السبب الذي يجعل الأمم المتشابهة تختلف في تطورها الاقتصادي والسياسي. والجواب هو ان المصير الاقتصادي لأي امة ما لا تحدده الجغرافيا او الثقافة الخاصة بها فلا طبيعة الأرض التي يعيش فيها او العقيدة التي يدين بها الأجداد هي التي تحد ما إذا كانت دولة ما تصبح غنية اوفقيرة بل المؤسسات التي يبنيها الانسان والسياسات، ان المؤسسات السياسية الشاملة التي تدعم المؤسسات الاقتصادية الشاملة تعتبر أساسية لتحقيق الازدهار الدائم في الدولة، لتحقق الدول تطورها الاقتصادي وترفع من شانها بين الأمم عليها ان تقيم في الواقع المؤسسات السياسية الداعمة للنمو والتطور الصحيح وتفشل الدول عندما تتصلب وتتحجر تلك المؤسسات او تفشل في التكيف مع الواقع. في كل الدول يسعى الأشخاص النافذين السيطرة على الحكومة بشكل تام واضعاف التقدم والتطور الاجتماعي من اجل مطامعهم الشخصية ومن هنا يجب ان يظل مثل هؤلاء الأشخاص تحت السيطرة مع تطبيق الديمقراطية الفاعلة والا فترقب فشل الدولة وسقوطها.