خلال افتتاحه لمؤتمر نداء تونس أمس أطلق رئيس الجمهورية رسالتين مهمتين أفصح فيهما عن عدم رغبته في الترشح الى الرئاسة مرة أخرى وعن دعوته الصريحة لرفع التجميد عن يوسف الشاهد، فماهي مدلولات هذه الرسائل وكيف كان التفاعل معها؟ تونس الشروق: وقال رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي أمس بشكل صريح انه لا يرغب في الترشح الى الرئاسة مرة أخرى معتبرا أن تونس تزخر بالعديد من الاكفاء الذين لم يضطلعوا بمسؤوليات، ودعا في نقطة ثانية حزب نداء تونس الى رفع التجميد عن رئيس الحكومة يوسف الشاهد، فماهي مدلولات هذا الخطاب ؟ عودة الشاهد الى النداء غير ممكنة من جهته اعتبر القيادي في حزب تحيا تونس والنائب في كتلة الائتلاف الوطني الصحبي بن فرج في تصريحه ل››الشروق›› أن خطاب رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي يبشر بفترة نهاية الصدام بينه وبين يوسف الشاهد ، ويعيد في رأيه الاعتبار الى يوسف الشاهد في سياق اعلاء مصلحة الدولة والانتقال الديمقراطي، خاصة وأنه كان من الممكن ان يعبّرعن ذلك في مجالس خاصة غير أنه خير الافصاح عن هذا الموقف في مجلس علني وبحضور قيادات نداء تونس. ولفت بن فرج الى ان دعوة رئيس الجمهورية لرفع التجميد عن يوسف الشاهد يمكن اعتبارها من الناحية الاعتبارية والمعنوية والاخلاقية ذات أهمية في اطار تصحيح مسار العلاقة بينهما مؤكدا أن مسألة عودة الشاهد الى نداء تونس أصبحت من الماضي تقريبا ومن غير الممكن توقع حدوثها. واضاف الصحبي بن فرج أن إعلان رئيس الجمهورية عدم رغبته في الترشح الى الانتخابات الرئاسية اذا ما وقع مقاربته بتصريحاته السابقة يؤكد الالتزام بتسليم الباجي قائد السبسي المشعل للشباب في قيادة البلاد. شحنة معنوية للمّ الشمل وتفاعلا مع هذه التصريحات اعتبر القيادي في حزب نداء تونس فؤاد العزابي أن تصريح رئيس الجمهورية بخصوص عدم رغبته في الترشح اراد من خلاله اعطاء شحنة معنوية وجرعة تماسك للندائيين ليكون المؤتمر تنافسي وديمقراطي وشفاف بعد حالة التململ التي يسعى البعض الى ايجادها في رأيه. وبخصوص الدعوة الى رفع التجميد عن الشاهد اعتبر فؤاد العزابي أن نداء تونس وقع الزج به نحو المشاركة في الانتخابات البلدية السابقة قصد اضعافه وخلق مجموعة كبيرة من الغاضبين الذين بنوا حزب تحيا تونس في رأيه، مضيفا بأن دعوة الباجي قائد السبسي في هذا السياق تعكس وعيا فائقا بأن كل فروع نداء تونس والأحزاب التي تأسست من رحمه وإن اختلفت اتجاهاتها فانها تلتقي في الهدف نفسه والذي من الممكن استئناف العمل عليه مجددا مناورة سياسية؟ ومن جانبه يرى استاذ القانون العام والمستقيل منذ فترة من نداء تونس توفيق بوعشبة في تصريحه ل››الشروق›› أن تصريح رئيس الجمهورية يمكن أن يفهم منه وجود المناورة السياسية، وتساءل في هذا السياق عن الاسباب التي حالت دون تحرك رئيس الجمهورية ضد قرار تجميد يوسف الشاهد ابان وقوعه. واعتبر بوعشبة أن ما صدر أمس عن الرئيس المؤسس لنداء تونس من توجيه للمؤتمرين نحو طلب رفع التجميد عن يوسف الشاهد ليرجع من جديد إلى الحزب والحال ان الجميع يعرف انه من الباعثين الأساسيين لحزب «تحيا تونس»، يبدو في رأيه مندرجا ضمن تكتيك سياسي جديد. وشدد بوعشبة على ‹›التكتيك›› الجديد يتمثل في جلب الشاهد إلى النداء مقابل ترشيحه لرئاسة الجمهورية عن حزب النداء خصوصا ان التوجيه الذي اسداه الرئيس المؤسس للمؤتمرين ارتبط بإشارته إلى أن هناك شبابا يجب أن يفتح أمامهم الطريق. وتابع بالقول :» فهل سيقبل الشاهد ترك الحزب الذي ينتظر ان يكون فيه ويلتحق بنداء تونس إستجابة لخطة الرئيس المؤسس إن صدقت سيما وان الباجي قايد السبسي لم يعلن بصورة قطعية انه لن يترشح لعهدة ثانية، بل أبقى على ضبابية في هذا الخصوص...هذا ما ستكشفه الأيام القادمة». تحالف مرتقب ومن جهته اعتبر المستشار السابق لرئيس الجمهورية بولبابة قزبار في تصريحه ل››الشروق» ان رئيس الجمهورية عبر عن رغبته عدم الترشح للرئاسية وترك الباب مفتوحا لعدة سيناريوات اخرى ستوفرها الظروف القادمة مستغلا في ذلك حنكته السياسية المرتكزة على تقديم الاشارات والرسائل وتغليب سياقات الوحدة الوطنية المطلوبة. كما اعتبر قزبار في دعوة الباجي قائد السبسي الندائيين لرفع التجميد عن يوسف الشاهد حضور لفكرة الوحدة الوطنية البورقيبية في رأيه مضيفا بأن قائد السبسي يطمح الى عودة النداء الى اشعاعه بما اتيح من ظروف وتطورات ، وأن عودة اشعاع نداء تونس في الظروف المتاحة حاليا لا تعني انصهار الاحزاب الوليدة من رحمه بل تتمثل في احياء التكامل بينها جميعا والتحالف من أجل اعادة التوازن في المشهد السياسي.