الشاهد مرشح النهضة، لا هو مرشح الوسطيين التقدميين، لا هو لن يترشح للرئاسية بل سيكتفي بزعامة «تحيا تونس»، لا هو سيعود إلى حزبه الأم «نداء تونس»؟ مستقبل رئيس الحكومة يزداد غموضا ويكاد يتحول إلى لغز فأي وجهة له؟. تونس الشروق: «يوسف الشاهد لن يكون مرشّح حركة النهضة للانتخابات الرئاسية المقبلة». هكذا رد القيادي في حركة «تحيا تونس» مصطفى بن أحمد أول أمس على تصريح لرئيس النهضة راشد الغنوشي لم يستبعد فيه أن ترشح حركته الشاهد للرئاسية القادمة. النهضة لم ترشح بعد شخصية معينة من داخلها أو من خارجها للامتحان الانتخابي الرئاسي، لكن الشاهد وحركة تحيا تونس لم يحسما أمرهما أيضا، والدليل في قول مصطفى بن أحمد إن حركة «تحيا تونس» لم تحسم بعد موقفها من ترشيح الشاهد للرئاسية قبل أن يضيف في تصريح لإذاعة موزاييك إنه «إذا حصل التوافق على ترشيح الشاهد للرئاسية، فسيكون مرشح الأحزاب الديمقراطية الحداثية». الشاهد هو رئيس الحكومة الحالية وهو مجمد في حزب النداء ومحسوب على حركة تحيا تونس ويحفظ للنهضة دفاعها عن حكومته ولكن أي وجهة له؟. «زعيم الحركة»؟ «رئيس الحكومة يوسف الشاهد هو الزعيم السياسي لحركة تحيا تونس»، هذا ما قاله منسق الحركة سليم العزابي يوم 25 فيفري الماضي. العزابي أعاد بالحرف كلام العديد من قياديي الحركة مثل وليد جلاد ومروان فلفال والصحبي بن فرج وزهرة ادريس وليلى الشتاوي قبل أن يصل الحد بالقيادي المؤسس مصطفى بن أحمد إلى تشبيهه بكيندي في وسامته وقيادته لأقوى دولة. أغلب المؤشرات تدل على أن الشاهد، الذي لم يعد يرى نفسه في النداء وفق تصريحه في الحوار الذي بثته قناة التاسعة ليلة 23 ديسمبر الماضي، بات الزعيم الحقيقي ل»تحيا تونس»، وما تجنبه الالتحاق الفعلي إلا لتفادي تهمة استغلال رئاسة الحكومة في خدمة الحزب. دعوة رجوع رسمية «لا أرى نفسي في هذا النداء» ما قاله الشاهد في الحوار التلفزي سابق الذكر لا يمكن فهمه إلا بوضعه في إطاره ومتنه وحواشيه، فقد كان ابن النداء يتكلم عن خلافه مع صاحب القول الفصل في النداء حاليا ونقصد بذلك حافظ قايد السبسي. بلغة أخرى النداء تغير مع حافظ ولا يمكن للشاهد أن يكون جزءا منه ما يعني أنه قد يرجع إليه إذا عاد إلى ما كان عليه. علينا أن نربط هذا المعطى بآخر مهم جدا وهو دعوة الرجوع الرسمية التي وجهها مؤسس النداء الباجي قايد السبسي يوم 20 مارس الماضي للشاهد عبر قوله «لو يرجعلنا الشاهد» قبل أن يوضح بأنه لا يقصد «شاهد العقل» حتى يزيد في تأكيد دعوته. سيكون الباجي وحزبه مستفيدين من رجوع الشاهد على حساب حافظ لكن هل يغامر يوسف بالعودة دون ضمانات لاسيما وأن علاقته بحزب النداء متواصلة قانونيا بما أنه مجمد وليس مقالا ولا مستقيلا. عرض مغر الغموض يلف الشاهد من كل جانب وهذا الغموض لا ينحصر في علاقته بحزبه الأم نداء تونس ولا في الحركة المحسوب عليه «تحيا تونس»، بل يتجاوزهما إلى علاقته بحزب يتحرى الغموض أكثر منه وهو حركة النهضة. بالأمس اشترطت الحركة على الشاهد أن يؤكد عدم التفكير في الرئاسية القادمة حتى تحمي حكومته، واليوم تدفعه دفعا إلى الترشح عبر إقرار الغنوشي بإمكانية ترشيحه. هو عرض لا يمكن رفضه لأن الحصول على تدعيم النهضة ذات المخزون الانتخابي المنضبط يعني الحصول على أوفر شروط النجاح بل إن الحالم بالرئاسة يمكنه مبدئيا أن يضحي بحاضره وماضيه وأن يكون نهضويا، ولكن هل يمكن لتقدمي مثل الشاهد أن يميل كل الميل للنهضة ؟ دراسة العروض يوسف منشغل برئاسة الحكومة، هذا ما يعلمه جميعنا، وهو يثبت يوما بعد آخر قدرته على اكتساب الثقافة السياسية وخاصة الدهاء السياسي والدليل في نجاته من المآزق التي وضع فيها ونجاحه في الفرار من حليف إلى آخر، واستمالة الخصم تلو الآخر وفق ما تمليه المصلحة حتى إننا لا نكاد نعثر على حيلف دائم للشاهد ولا خصم أبدي (تغير علاقاته بالنداء والنهضة واتحاد الشغل وحركة المشروع…). الشاهد لم يؤكد قيادته لتحيا تونس وفي الآن ذاته لم يتهجم على النهضة ولم يقل كلمة سوء واحدة في الباجي ولا حتى في حزبه بل إنه فصل بين مشروع النداء وبين نداء حافظ. هذا يعني أنه سياسي جيد لا يريد الارتماء في خندق قد يصعب عليه الاستفادة منه لهذا يؤجل البت في أمره حتى تتبين له المنفعة. عندما يجد الشاهد نفسه قائدا حقيقيا لحركة تحيا تونس سيصدع بقيادته وعندما تتبين له منافع التنسيق الانتخابي مع النهضة سيعلن عن تنسيقه أما إذا تأكد من صورية انتمائه إلى تحيا تونس وإمكانية قيادة النداء في غياب حافظ فلن يتأخر في العودة… علينا أن ننتظر بعض الوقت لنفهم توجهات شخصية تمارس السياسة بامتياز.