كشفت دائرة المحاسبات عن إخلالات كبرى في الملفات المالية للأحزاب ، إخلالات تُهدد بإسقاط قائمات تمكنت من الفوز في الانتخابات البلدية .كما تهدّد الأحزاب بعقوبات زجرية . تونس -الشروق أثار التقرير الذي نشرته دائرة المحاسبات مؤخرا ،جدلا واسعا في الشارع التونسي خاصة أن بعض مضامين هذا التقرير تتعلق بخروقات واخلالات كبرى تكشف ما بلغه المشهد السياسي في تونس من تلوّث وفساد. متوفون يتبرعون تقرير دائرة المحاسبات تضمن تأكيدا أن وصولات التبرع وقائمة التبرعات لحركة النهضة، بين سنوات 2016 و2018، «تضمنت هويّات وأرقام بطاقات تعريف 68 متبرّعا، بيّنت سجلاّت الحالة المدنية أنهم متوفون في تاريخ التبرّع. ومن هؤلاء المتوفين 25 شخصا تراوحت تواريخ وفاتهم بين 3 سنوات و11 سنة قبل موعد التبرّع. التقرير أضاف أن نتائج مراقبة تمويل الحملة الانتخابية لعضوية المجالس البلدية، كشف أن هؤلاء المتبرعين وعددهم 68 شخصا، قدّموا تبرّعات بمبالغ متفاوتة. فيما برّرت حركة النهضة ذلك، ب «تولّي أحد أقارب الشخص المتوفى، التبرع باسمه». التقرير أشار أيضا الى أن حركة النهضة تولت أيضا في حالات أخرى، تقديم أرقام مغايرة لم ترد أصلا بوصولات وسجلات التبرع في شأن الوضعيات التي تتضمن أخطاء في تدوين المعطيات وتنزيلها.وأرجعت حركة النهضة «عدم وجود بطاقات تعريف بعض المتبرعين، بسجلات الحالة المدنية، إلى أخطاء في تسجيل الأرقام من قبل مصالحه»، وفق ما دوّنه التقرير ذاته. وما قامت به حركة النهضة يعتبر مخالفة واضحة لاحكام الفصل 24 من المرسوم عدد 87 ، المتعلق بالأحزاب السياسية، على أن «الحزب السياسي يمسك سجل المساعدات والتبرعات والهبات والوصايا، ويذكر قيمتها وأسماء الأشخاص الصادرة عنهم». مخالفات بالجملة المخالفات المتعلقة بالأوضاع المالية للأحزاب لم تتعلق بحركة النهضة فقط. بل تضمن التقرير تأكيدا على أنه خلال فحص سجل المساعدات والتبرعات والهبات والوصايا المتعلق بالحزب الدستوري الحر، لم يتم التنصيص على التبرعات العينية التي تحصل عليها الحزب. كما لم يلتزم كل من حزب البناء الوطني وحركة الشعب وحزب بني وطني، بمسك السجل المذكور. وهو ما لم يسمح بالتعرف على مشروعية مصادر تمويل هذه الأحزاب، حسب ما أكده التقرير أما في ما يتعلق بالانتخابات البلدية فأكدت دائرة المحاسبات أن 138 قائمة انتخابية، دخلت الانتخابات البلديّة الماضية (ماي 2018)، لم تلتزم بإيداع حساباتها الماليّة في الآجال القانونية. وأضافت أنّ من ضمن القائمات المخالفة للقانون ، 80 قائمة مستقلّة و 43 قائمة حزبية و 15 قائمة ائتلافية. تقرير دائرة المحاسبات أكد أيضا أنّ من بين القائمات التّي لم تلتزم بآجال إيداع الحسابات المالية، تحتل قائمات حركة نداء تونس المرتبة الأولى ب 15 قائمة، تحصلت على 63 مقعدا، تليها 7 قائمات من حركة مشروع تونس، تحصّلت على 19 مقعدا، ثمّ قائمات من ائتلاف الاتحاد المدني وائتلاف الجبهة الشعبية، ب 6 قائمات لكل منهما (12 مقعدا لائتلاف الاتحاد المدني و10 مقاعد للجبهة الشعبية). تمويل الحملات الانتخابية التقرير أكد أيضا أن عدم تقديم الحسابات المالية من قبل القائمات المترشّحة، يحول دون التأكد من مشروعية مصادر تمويلها و تأدية نفقاتها و احترامها للمبادئ الأساسيّة لتمويل الحملة الانتخابية. وهو ما يجعلها عرضة للعقوبة التّي ينصّ عليها الفصل 98 من القانون الانتخابي. كما أكد التقرير على أن 170 قائمة انتخابية مترشّحة، قدمت كشوفات بنكيّة لا تُغطي كامل الفترة الانتخابية. ولا تتضمّن جميع العمليات البنكيّة المنجزة. وفي المقابل تولّت 1936 قائمة، من بين 2074 قائمة مترشّحة، إيداع حساباتها الماليّة في الآجال القانونية. ومن المخالفات التي تحدث عنها تقرير دائرة المحاسبات أيضا ،تمويل حزبي افاق تونس ومشروع تونس قائمات مستقلة في الانتخابات البلدية . ويؤكد التقرير أن رئيس قائمة افاق تونس قدم تبرعات لخمس قائمات انتخابية . وقدم حزب افاق تونس دعما ماليا لقائمة انتخابية بألفي دينار في حين قدم مشروع تونس دعما ماليا لقائمة انتخابية يقدر بألف دينار . التقرير أشار أيضا الى أن عضوا من افاق تونس قدم تبرعات بمبلغ جملي قدره 43 الف دينار لفائدة 11 قائمة ترشحت 10 منها بالدوائر الانتخابية الراجعة بالنظر الى ولاية سوسة 3 منها ترشحت في نفس الدائرة . النهضة ترد أكد الناطق الرسمي باسم حركة النهضة، عماد الخميري تفاعل الحركة ايجابيا مع تقرير دائرة المحاسبات الأخير.وأضاف في تصريح اعلامي أن تقرير دائرة المحاسبات ايجابي ويصب في صالح حركة النهضة حيث أن من بين 135 ألف تبرع خلال ثلاث سنوات لم يتم تسجيل الا 68 حالة اخلال، مشيرا الى أن معدل الاخلالات ضعيف جدا. وتابع الخميري أن النهضة كانت توجهت بالرد على هذا التقرير إلا أن دائرة المحاسبات لم تتفاعل مع رد الحركة، مؤكدا أن حركة النهضة أكثر الأحزاب شفافية. "آفاق تونس" يستنكر أكد حزب آفاق تونس في بيان توضيحي بخصوص تقرير دائرة المحاسبات حول تمويل الحملة الانتخابية البلدية سنة 2018 أنه من الأحزاب القليلة التي تنشر كل تقاريرها المالية بما في ذلك تقرير 2017 الذي هو موجود بالموقع الإلكتروني للحزب بعد أن تم نشره في الصحف منذ أشهر. وعبر الحزب عن استغرابه من ذكره ضمن التقرير في حين لم يخالف أي نص قانوني. بل كان من الأحزاب التي سهلت عملية مراقبة حساباتها ووفرت كل الوثائق التي تمكن من المراقبة في إطار القانون والشفافية. وذكّر الحزب أنه من حق أي من قيادييه مساندة قائمات مستقلة. وقد سبق له أن صرح بذلك علنا معتبرا أن تسليط الأضواء كأنه خالف القانون يعتبره الحزب استهدافا ممنهجا له ولقياداته ورئيسه. وهذا غير مقبول. ويتضمن مغالطة للرأي العام حسب ما جاء في البيان.