الإنطلاق في تكوين لجان جهوية لمتابعة تنفيذ برنامج الشركات الأهلية    عميد المحامين يدعو وزارة العدل الى الالتزام بتعهداتها وتفعيل إجراءات التقاضي الالكتروني وتوفير ضمانات النفاذ الى العدالة    جمعية "ياسين" لذوي الاحتياجات الخصوصية تنظم برنامجا ترفيهيا خلال العطلة الصيفية لفائدة 20 شابا من المصابين بطيف التوحد    وزير السياحة: 80 رحلة بحرية أي قرابة 220 ألف سائح اختاروا الوجهة التونسية في انتعاشة لهذه السياحة ذات القيمة المضافة العالية    اختتام الصالون الدولي 14 للفلاحة البيولوجيّة والصناعات الغذائية    الدورة الثانية من "معرض بنزرت للفلاحة "تستقطب اكثر من 5 الاف زائر.    بودربالة يجدد التأكيد على موقف تونس الثابث من القضية الفلسطينية خلال مؤتمر رابطة برلمانيون من اجل القدس باسطنبول    الكشف عن مقترح إسرائيلي جديد لصفقة مع "حماس"    بطولة انقلترا - غالاغر يمنح تشيلسي التعادل 2-2 أمام أستون فيلا    بطولة ايطاليا : تعادل ابيض بين جوفنتوس وميلان    2024 اريانة: الدورة الرابعة لمهرجان المناهل التراثية بالمنيهلة من 1 إلى 4 ماي    انطلاق فعاليات الدورة السادسة لمهرجان قابس سينما فن    المدرسة الابتدائية سيدي احمد زروق: الدور النهائي للانتاج الكتابي لسنوات الخامسة والسادسة ابتدائي.    القلعة الكبرى: اختتام "ملتقى أحباء الكاريكاتور"    الكاف: قاعة الكوفيد ملقاة على الطريق    سوسة: وفاة طالبتين اختناقا بالغاز    استغلال منظومة المواعيد عن بعد بين مستشفى قبلي ومستشفى الهادي شاكر بصفاقس    بطولة مدريد للتنس : الكشف عن موعد مباراة أنس جابر و أوستابينكو    تعزيز جديد في صفوف الأهلي المصري خلال مواجهة الترجي    طبرقة: المؤتمر الدولي لعلوم الرياضة في دورته التاسعة    جدل حول شراء أضحية العيد..منظمة إرشاد المستهلك توضح    اليوم.. انقطاع الكهرباء بمناطق في هذه الولايات    عاجل/ الرصد الجوي يحذر في نشرة خاصة..    كلاسيكو النجم والإفريقي: التشكيلتان المحتملتان    عاجل/ مذكرات توقيف دولية تطال نتنياهو وقيادات إسرائيلية..نقاش وقلق كبير..    فضيحة/ تحقيق يهز صناعة المياه.. قوارير شركة شهيرة ملوثة "بالبراز"..!!    اكتشاف أحد أقدم النجوم خارج مجرة درب التبانة    بمشاركة ليبية.. افتتاح مهرجان الشعر والفروسية بتطاوين    ليبيا ضمن أخطر دول العالم لسنة 2024    كلوب يعلق على المشادة الكلامية مع محمد صلاح    إمضاء اتفاقية توأمة في مجال التراث بين تونس وإيطاليا    بن عروس: انتفاع قرابة 200 شخص بالمحمدية بخدمات قافلة طبيّة متعددة الاختصاصات    سوسة: القبض على 5 أشخاص يشتبه في ارتكابهم جريمة قتل    برنامج الدورة 28 لأيام الابداع الادبي بزغوان    بن عروس: حجز 214 كلغ من اللحوم الحمراء غير مطابقة لشروط النقل والحفظ والسلامة الصحية    في اليوم العالمي للفلسفة..مدينة الثقافة تحتضن ندوة بعنوان "نحو تفكرٍ فلسفي عربي جديد"    بن عروس: حجز 214 كلغ من اللحوم الحمراء غير مطابقة لشروط حفظ الصحّة    اعتماد خطة عمل مشتركة تونسية بريطانية في مجال التعليم العالي    الإتحاد العام لطلبة تونس يدعو مناضليه إلى تنظيم تظاهرات تضامنا مع الشعب الفلسطيني    القطب المالي ينظر في اكبر ملف تحيل على البنوك وهذه التفاصيل ..    8 شهداء وعشرات الجرحى في قصف لقوات الاحتلال على النصيرات    البطولة الوطنية: النقل التلفزي لمباريات الجولتين الخامسة و السادسة من مرحلة التتويج على قناة الكأس القطرية    مدنين: وزير الصحة يؤكد دعم الوزارة لبرامج التّكوين والعلاج والوقاية من الاعتلالات القلبية    طقس السبت: ضباب محلي ودواوير رملية بهذه المناطق    القواعد الخمس التي اعتمدُها …فتحي الجموسي    السيناتورة الإيطالية ستيفانيا كراكسي تزور تونس الأسبوع القادم    طقس اللّيلة: الحرارة تصل 20 درجة مع ظهور ضباب محلي بهذه المناطق    وزير الفلاحة: "القطيع متاعنا تعب" [فيديو]    بنسبة خيالية.. السودان تتصدر الدول العربية من حيث ارتفاع نسبة التصخم !    تألق تونسي جديد في مجال البحث العلمي في اختصاص أمراض وجراحة الأذن والحنجرة والرّقبة    منوبة: تفكيك شبكة دعارة والإحتفاظ ب5 فتيات    مقتل 13 شخصا وإصابة 354 آخرين في حوادث مختلفة خلال ال 24 ساعة الأخيرة    عميرة يؤكّد تواصل نقص الأدوية في الصيدليات    خطبة الجمعة .. أخطار التحرش والاغتصاب على الفرد والمجتمع    منبر الجمعة .. التراحم أمر رباني... من أجل التضامن الإنساني    أولا وأخيرا...هم أزرق غامق    انطلاق أشغال بعثة اقتصادية تقودها كونكت في معرض "اكسبو نواكشوط للبناء والأشغال العامة"    ألفة يوسف : إن غدا لناظره قريب...والعدل أساس العمران...وقد خاب من حمل ظلما    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نجيب الشابي في حديث شامل ل «الشروق»..النهضة دمّرت النداء وطوّعت الحكومة
نشر في الشروق يوم 27 - 04 - 2019

السيد أحمد نجيب الشابي رقم صعب في المعادلة السياسية ببلادنا .. يحوز على تجربة طويلة وثرية وعلى رصيد نضالي يمتد على عقود... وهو ما يؤهله ليكون أحد العناوين البارزة للمشهد السياسي... مؤخرا، وبعد وقفة تأمل عاد الى الساحة من خلال حركة «قادرون» التي هي عبارة عن تشكيلة تجمع طيفا من الأحزاب والنشطاء ومكوّنات المجتمع المدني يسعى من خلالها الى تكوين حشد قادر على إحداث التغيير في الاستحقاق الانتخابي القادم.
من معاني القدرة والاقتدار كان منطلق هذا الحوار.
أخيرا استقر السيد نجيب الشابي في ائتلاف "قادرون"، قادرون على ماذا؟ وماهي مرتكزات هذا الاقتدار؟
في كلمة" قادرون "على إحداث التغيير . ائتلافنا جاء استجابة الى حاجتين. الأولى هي محاولة مقاومة العزوف عند المواطنين والثانية محاولة إنهاء التشتت.
كيف ذلك؟
عرضنا على كل الفرقاء السياسيين ان ينتظموا في حركة مدنية واحدة بهدف إحداث التوازن في الاستحقاق الانتخابي القادم. ذلك ان قوة المنظومة الحاكمة ليست من قوة برامجها ولا من قدرتها على التسيير لكن من الفراغ الموجود في الساحة ومن حالة تشظي المنافسين.
حركة مدنية واحدة مع ألوان سياسية مختلفة كيف يصبح ذلك ممكنا؟
بالابتعاد عن المحاصصة. هذه الآفة التي تفرّق ولا تجمع والتي تجعل المواطن ينفر من الاحزاب. الوحدة تكون على أساس المواطنة ويجري اتخاذ القرارات في استقلال عن كل الهيئات الأخرى وبناء على مبدإ الصوت الواحد للشخص الواحد.
لكن في مرحلة ما، لابدّ من تقديم أشخاص وقائمات؟
بالتأكيد، يتم ذلك عبر انتخابات تمهيدية في الجهات لتصعيد مرشحي الحركة . كل الصف الديمقراطي يشارك في انتخابات مباشرة وشفافة والفائزون حسب المقاعد هم الذين يتم ترشيحهم بغض النظر عن خلفيتهم الفكرية سواء كانوا من المسار او من البديل او الجمهوري. هذا يفترض وجود مدوّنة سلوك تلزم الجميع باحترام نتائج الانتخابات وبالحفاظ على انسجامهم ونبذ السياحة الحزبية.
نحن نراهن على تصعيد ممثلين يحظون بثقة القاعدة الانتخابية على أساس نظافة اليد والكفاءة وهما شرطان مفقودان الآن في الحياة العامة ببلادنا وبذلك نعيد بناء الثقة مع الناخبين.
وحسب تحركاتكم واجتماعاتكم هل تبدو المهمة سهلة خاصة أن الروافد فعلت فعلها في احزاب أخرى؟
نحن نصطدم على أرض الواقع بعنصرين هامين، الأول يتمثل في عزوف الناس ولكن هذا العنصر يقاوم والأخطر منه هو عنصر الوقت. لم يبق أمامنا سوى 3 أشهر يتم بعدها تقديم القائمات. إذا لم ننجح في إحداث هذا التغيير النوعي في الحيّز الزمني الضيق لدينا خطة بديلة تتمثل في معادلة بسيطة.
نحن نقول إنه حتى لو احتفظت مكونات الائتلاف بذاتيتها وخصوصيتها فلا مكوّن منها سيكون قادرا بمفرده على إحداث التغيير لذلك فإنه لا مفر لنا من الابتعاد عن المحاصصة والانخراط في انتخابات تمهيدية لاختيار المرشحين والالتزام بقبول النتائج على أساس برنامج مشترك ومدوّنة سلوك مشتركة لنفتح طريقا لتونس.
بالمحصلة نحن نعدّ لفرضيتين. الأولى عنوانها "قادرون" بكل مكوناتها والثانية تبيح الاحتفاظ بالذاتية بشرط الاحتكام الى الانتخابات التمهيدية وفق برنامج الحد الادنى السياسي.
وإذا حققتم هذه الغاية فمن أجل ماذا تتجمعون؟
سياسيا هدفنا تقديم 217 مرشحا للتشريعية ومرشح واحد للرئاسية بالاعتماد كما اسلفنا على أساس الانتخابات التمهيدية ونحن في هذا السياق نعمل على فرضية ان تكون لنا الكتلة الأولى فندعو الى تشكيل الحكومة.. كما نعمل على فرضية ان تكون لنا كتلة هامة وحجم برلماني مؤثر لنكون فاعلين في الأغلبية القادمة على أساس مشروع ورؤية واضحة لتونس وليس على أساس مجرد التموقع في الحكم.
اقتصاديا واجتماعيا نعتبر ان هناك غيابا لرؤية لتونس منذ الثورة ،لا وجود لفاعل سياسي يقول لنا رؤيته لتونس بعد 20 أو 30 سنة. وكأن شخصا يقلع بطائرة وهو لا يعرف اين يتجه فيتيه وتختلط عليه السبل. لابدّ من رؤية لتؤسس في إطارها البرامج المتعاقبة فإذا قلنا ان من أكبر مواطن الضعف والوهن في بلادنا التعليم ونظام التكوين والبحث العلمي وأن اصلاح هذه المنظومة وردم الهوة الكبيرة بيننا وبين الدول المتقدمة والدول الصاعدة فإن الرؤية الشاملة والواضحة تجعل بالامكان برمجة رفع هذا التحدي وفق اجندة زمنية واضحة يمكن بلورتها على أساس برامج اصلاح خماسية.
وإذا قلنا ان ما يهدد وحدتنا اليوم هو هذه الفجوة بين الجهات يكون مطروحا جسر هذه الهوة ولو على مدى 15 عاما من خلال الاستثمار في البنية التحتية والتعليم والثقافة والنقل لإعادة التوازن المفقود والقضاء على التفاوت الجهوي وإعادة اللحمة الوطنية. بإيجاز لابدّ من خطة لإعادة بناء الاقتصاد التونسي على أساس التجديد والمعرفة. أما على الصعيد الآني فإن اقتصادنا يشكو نزيف المالية العمومية ونزيف المبادلات الخارجية وما نتج عنهما من اختلال في التوازن ومن نضوب للعملة الصعبة ومن تهاوي عملتنا الوطنية. وهو ما يستوجب برنامجا واضحا يعتمد على الاستثمار في كل المجالات ومن القطاعين العام والخاص ومن الداخل والخارج.
لكن ما تطرحونه لا يضمن لكم التمايز حيث تشاطركم فيه أحزاب وتكتلات سياسية أخرى؟
نحن داخل "قادرون" لا نسعى الى التمايز ولكن نبحث عن المشترك الذي سنسعى لاقتسامه ايضا مع احزاب ومكوّنات أخرى تنتمي الى الوسط الديمقراطي لإنقاذ بلدنا . وإلا فسنجد أنفسنا أمام شيئين. الأول هو تجديد العهدة للثلاثي الحاكم النهضة والنداء وتحيا تونس والثاني هو ترحيل كل المشاكل والازمات الاقتصادية والاجتماعية للحقبة القادمة بنفس الفريق الحاكم اي بنفس العجز عن حل هذه المشاكل. وهنا أقول ان طاقة الاحتمال لدى المواطن وصلت الى حدها واخشى ان العهدة لا تستمر 5 سنوات.
لماذا؟ وما الذي يجعلها لا تمتد على 5 سنوات قادمة؟
لأن ديمقراطيتنا عليلة لا يمكن لأقلية قليلة ان تتمادى في حكم غالبية الشعب بدون انخراطه الواعي والفاعل. على ضوء نتائج الانتخابات البلدية حزب النهضة الفائز جمع 500 ألف صوت من مجموع 5 ملايين و500 الف مواطن مسجلين إراديا في اللوائح الانتخابية وهو ما يمثل اقل من ٪10. في حين جمع نداء تونس ٪6.5 فقط ،ما الذي سيضيف حزب تحيا تونس، بالتالي أقلية ستحكم 70 أو ٪80 من المواطنين الغاضبين والمحتقنين التونسي الآن متفجّر بسبب ارتفاع الأسعار ومشاكله اليومية لذلك قلت ان ديمقراطيتنا عليلة فهي شكلا ديمقراطية ولا أحد يطعن فيها لكن على الميدان لا يعترف بها المواطن وهذا مدخل اما للفوضى واما للديكتاتورية.
أية وصفة ترونها لعلاج هذه الديمقراطية العليلة؟
لدينا فرصة ثالثة اضعنا فرصة 2011 وفرصة 2014 وأتمنى الا نضيع فرصة 2019 . لا وجود لوصفة خارج صناديق الاقتراع التي بإمكانها حماية البلاد وجعل التغيير ممكنا في إطار السلم والقانون. وإذا أضعنا هذه الفرصة وبقيت النخبة السياسية على حالة العمى فإني أقول لها أنها تخطئ إذا اعتقدت انها سوف تعمّر. ولننظر حولنا الى ماكرون الذي يعاني من ضغط رهيب مع انه لم تمض على انتخابه سنتان لأنه لم ينتخبه الا ٪18.5 من الفرنسيين. الارقام تغطي الواقع وتعري هشاشة تعصف بها الحركات الاجتماعية من قبيل السترات الصفراء في حالة ماكرون او ساحة التحرير بالنسبة لمحمد مرسي في مصر الذي انتخب بصفة شرعية لكن بأغلبية مغشوشة وهشّة وهو ما جعل الاثنين يعيشان مفاجآت غير سارة . فإذا عمت الفوضى او الدكتاتورية فستأتي على الأخضر واليابس ولن تميّز بين هذا وذاك. هناك مخزون متفجر من الشعور بالغبن وبكل المشاعر السلبية الذي لن يميّز لو انفجر لا قدّر الله.
أمام هذه اللوحة السوداء التي رسمتها هل تعتقد ان الفاعلين السياسيين بما نشهده من تجاذبات وصراعات وتراشق بالاتهامات هم في وارد التحسّب لهذه المخاطر؟
المواطن التونسي حين يرى تلك التجاذبات والفوضى في مجلس النواب مثلا يزداد عزوفه عن الشأن السياسي. وحين يرى نفس المشهد في التلفزات وفي المنابر كيف يتشجع على المشاركة في الحياة السياسية، ومع ذلك فإني ازعم وآمل انه خارج هذا المشهد هناك تونسيون خيّرون قادرون على خدمة بلدهم وتوفير البديل شرط تجميع أنفسهم.
يضاف الى هذا نوع من العنف الذي يطل برأسه هل هذا المشهد يجعلك تخشى انحرافات؟
أنا أحيلك على تقرير محكمة المحاسبات وتلك العشرات من المليارات التي صرفت دون معرفة مصدرها فضلا عما صرف بالقنوات الرسمية... هذا المال من أين أتى وكيف تتحدث عن انتخابات نزيهة وشفافة اذا كان المال المشبوه والفاسد هو الحاسم والمقرر في التعبئة الشعبية وإذا كان جزء هام من الإعلام قد فقد استقلاليته.. كيف تفتح الانتخابات على أمل للتونسيين اذا جرت وفق ظروف الازمة السياسية والاقتصادية والأخلاقية. لنتدارك أنفسنا قبل أن يفوت الأوان وننسى ذواتنا قليلا ونجعل طموحاتنا في إطار مشروعنا المشترك.
ومع حاجتنا لإشعال شمعة الأمل، فإن الموجود هو الأنانيات والذاتيات والمصالح الضيقة ان لدى الأشخاص أو لدى الأحزاب؟
هذا مظهر من مظاهر أزمة بلادنا تونس باغتتها الثورة لم تكن مستعدة لها وتولى إدارة البلاد أناس غير مؤهلين إطلاقا وظهرت لديهم الكثير من العاهات ومن الطموحات البدائية فتعفن المناخ السياسي وهذا جزء من المشكل الذي يجب تغييره من التونسيين وحتى الشباب والنخب إذا قدروا على التجمع لإحداث التغيير واستعادة مقاليد الأمور في إطار مشروع جامع يبنى على شيء من الوطنية والتواضع لخدمة الصالح العام.
تثور من وقت الى آخر تساؤلات حول ترشحكم للانتخابات الرئاسية هل حسم نجيب الشابي أمره؟
الحسم يتقرر في اطار الحركة وعبر انتخابات تمهيدية كما اسلفت. انتخابات مفتوحة يترشح لها كل من يأنس في نفسه الكفاءة والاقتدار ويحسمها الصندوق لتحديد مرشح وحيد لحركة قادرون. اليوم ليس لنا مرشح ومرشحنا ستختاره الحركة من خلال انتخابات تمهيدية.
هناك شيء من التشنج في علاقتك بحركة النهضة حتى أن أحد قيادييها اتهمك بانتقاد الحركة في العلن والتقرب اليها في الخفاء في حين تتهمها أنت باختراق أجهزة الدولة... ما سر ها التشنج؟
أنا لا أراها متشنجة... من يدعي اني شخص مزدوج أقول له «من رماك بشيء ففيه مثله»... أنا كنت على تواصل ونقاش مع حركة النهضة من خلال الحوار الوطني وانتهى الى خلاف وخرجنا من الحوار عندما تم تسمية رئيس حكومة انتقالي بالاتفاق بين اتحاد الشغل والغنوشي دون اعتبار المكونات السياسية الأخرى ومن ضمنها جبهة الانقاذ.
اتحدى من قال بهذا الأمر ان يذكر لقاء يتيما تم بيني وبين اي عضو قيادي او غير قيادي في الحركة الاسلامية وأؤكد هنا ان من قال هذا شخص سفيه لأن اي لقاء لم يحصل. وهذا ليس من باب إنكار واقع أنهم تونسيون لكن لأن ليس لي ما أقول لهم . واعتقادي انهم يعرفون ماذا هم بصدد فعله بالبلاد ويعرفون اني اعرف. كل ما هو مطلوب مني ان أسعى الى حشد قوة سياسية توازي قوتهم وتتنافس معهم حول مستقبل تونس، التشنج اذن ليس في جانبي ولكن في جانب من لا يفقه للمنافسة السياسية معنى.
لو تطرقنا الى المناخ السياسي وما يشهده من تصاعد لدرجات الاحتقان والتجاذب مع اقتراب الموعد الانتخابي؟
هناك 3 فاعلين رئيسيين في الحياة السياسية : هناك حركة النهضة التي رأينا كيف انقلبت على حليفها الباجي قائد السبسي وكيف احتوت رئيس الحكومة السيد يوسف الشاهد حتى تكون هي صاحبة اليد العليا في الحكومة.. وهو ما تحقق لها حيث أضعفت حليفها بالمناورة وركنته جانبا هناك ايضا تحيا تونس الذي يتشكل بنفس الطرق التي تشكل بها النداء والذي لا يملك الا نفس البرنامج المطبق خلال الثلاث سنوات الأخيرة والذي أخذ البلاد الى كارثة... اما الفاعل الثالث فهو نداء تونس الذي لم ينفكّ عن التشظي والتشرذم.
الفاعلون الثلاثة هم المشكل والمطلوب هو ايجاد البديل عن هؤلاء وإيجاد ضرورة إحداث التغيير وتحفيز الناس للقطع مع العزوف.
لكن عمليات سبر الآراء تعطي هذه الأطراف الثلاثة المواقع المتقدمة كل مرة؟
عمليات سبر الآراء هي جزء من المناورة.. هناك عمليات إيهام يمكن ان تنطلي على جزء من الناخبين في ظل مقاطعة الناس وعدم التسجيل والعزوف وضغط عامل الوقت يمكن للوضع الحالي ان يعيد انتاج نفسه مع ما يمكن أن يفرزه من سيناريوهات مرعبة.
في سياق السعي لتغيير هذه المعادلة هل تفكرون في ائتلاف مع أحزاب أو أطياف أخرى تقاسمونها نفس الرؤى؟
ليس مجرد تفكير بل هناك محاولات جدية ونقاشات لا تتوقف والى اليوم الأخير سنظل نحاول لأن فشلنا في التوحيد يحوّلنا الى مجرد رقم من بين الأرقام الموجودة.
هل تعتقد أن النظام السياسي والانتخابي يمكّن من بروز كتلة فاعلة وقادرة على التغيير؟
نحن مجبرون على التعاطي مع الموجود لأن الوقت لا يسمح بالتغيير بعد 3 أشهر يتم تقديم القائمات. والأمر اذن مرحّل الى الفترة القادمة ليعيد التونسيون النظر في متسع من الوقت في النظام الانتخابي والنظام السياسي. أنا أرى شخصيا أن نظاما رئاسيا ديمقراطيا يقوم على التفريق والتوازن بين السلطات هوالحل أما أن يشطر رأس السلطة التنفيذية الى اثنين ونطلب منهم العمل فهذا مدخل للتسلل فاما نظام برلماني مثل بريطانيا او رئاسي مثل فرنسا.
في علاقة بالتطوّرات الإقليمية التي نشهدها هل ترى بأن مرحلة الاسلام السياسي قد انتهت؟
أنا متفائل بالوضع الاقليمي لأن الاستثناء التونسي سيصبح قاعدة تونسية في المنطقة العربية. حراك الجزائر واعد جدا بتمكن النخب المدنية من استلام السلطة على أساس الديمقراطية والاحتكام الى صناديق الاقتراع. هذا هو الاتجاه لكن الانتكاسة واردة بحدوث صدام بين الدولة العميقة والحراك الشعبي وهو ما لا يتمناه احد.
لكن الا ترى أن الحراك سواء في الجزائر او السودان بصدد ارتكاب أخطاء ارتكبناها نحن في تونس؟
الاحتمال وارد لأن حالة الكبت لمدة 60 سنة وحالة الانغلاق لا تخلق نخبا ناضجة لكي تنجح بلا أخطاء. لكن في النهاية سوف تنجح ونحن نجحنا في الانتقال الديمقراطي بطرق سلمية وأن تنافسنا في البعدين الاقتصادي والاجتماعي لكن العلاج مكن. أنا سعيد بما يجري في الجزائر وفي السودان. حراك شعبي عارم في وجه الدولة العميقة ويريد إحداث تغيير ديمقراطي. ولو نجح الحراك في هذين البلدين سوف ترتاح تونس التي ستصبح في محيط ديمقراطي.
وبالنسبة للاسلام السياسي؟
هو في موقع لا يحسد عليه . في تركيا اهتز النظام وخسر أكبر المدن في الانتخابات البلدية الأخيرة وهو ما أحدث اهتزازا للنظام السياسي وفي السودان هناك تفكيك للدولة الاخوانية. وما يجري في ليبيا لا يطرح الديمقراطية والاستبداد وإنما يطرح الدولة أم الفوضى، الاتجاه يمضي نحو استهداف الحركات الاخوانية في طرابلس وحتى في تونس. وهو ما يذكره حفتر بالاسم وبالتالي فإن الوضعية الاقليمية والدولية للاسلام السياسي تسوء بدليل المكالمة الهاتفية بين ترومب وحفتر وبلاغ البيت الأبيض بعد زيارة السيسي حول الاسلام السياسي يدل على ان الاسلام الايديولوجي بالأحرى هو في وضعية صعبة.
هل ترى أن ديبلوماسيتنا في علاقة بالأزمة الليبية قد التقطت هذه الاشارات؟
أرى أن تونس الرسمية بمعنى رئيس الدولة ووزير الخارجية هما بصدد الانحياز الى طرف دون آخر وهو ما أتمنى الا نحصد نتائجه السلبية. المفروض الا نتدخل في الشأن الليبي وأن نعمل على رأب الصدع والتقريب بين الفرقاء قدر المستطاع حتى تقوم في ليبيا دولة مركزية أولا ودولة ديمقراطية تحترم حقوق الانسان ثانيا، لأن استقرار ليبيا على هذا الأساس سيجعل من ليبيا وهي شريكنا الثاني بعد الاتحاد الاوروبي تساعدنا كثيرا على تجاوز صعوباتنا الاقتصادية .. لا مصلحة لنا في الزج بأنفسنا في هذا الصراع وبخاصة الانحياز الى طرف على حساب طرف.
لو أعطاك التونسيون ثقتهم وصعّدوك الى الرئاسة ما هي أولوياتك؟
أرى على المدى المتوسط والطويل 3 أولويات كبرى، أولا ثورة في ميدان التعليم والتكوين والبحث العلمي بدونها سنبقى خارج جاذبية الكرة الأرضية... العالم قائم على المعرفة ونحن نسبح في ظلمات الجهل، ثانيا أن نعيد اللحمة الى أبناء الوطن بتكافؤ الفرص أي بالتنمية البشرية التي تستهدف المناطق والأحياء المنسية والتي تعاني من تدهور مستوى التعليم والصحة والترفيه والثقافة والنقل (إلخ) وهذا يتطلب استثمارات ضخمة من الدولة، ثالثا النهوض بالاقتصاد على أساس التجديد باستثمار ثورة التعليم والتكوين والبحث العلمي لتصبح للبضاعة التونسية قدرة تنافسية بفضل ما يتضمنه من قيمة مضافة... هذه الأهداف الكبرى تترجم الى برامج مرحلية.
ولو وجدت نفسك تحكم مع رئيس حكومة من لون سياسي مختلف كيف تتصرّف حتى لا نقع في المآزق التي عشناها؟
هناك أحد حلّين: إما أن يقع التوافق على الطريقة الألمانية على برنامج للنهوض بتونس ويقع التعاون على إنجازه بعيدا عن كل حسابات أنانية لا تليق أصلا بالنخبة او يحلّ المجلس النيابي وننظم انتخابات أخرى ليختار الشعب عن روية فريقا تكون لديه امكانية الحكم، فإما نخبة ترتقي الى مستوى التحديات الوطنية وتضع برنامجا وتنكب على تحقيقه أو أن نعيد الشأن لأصحاب الشأن (الشعب التونسي).
لو سألتك توجيه رسالة سريعة الى التونسيين قبيل المحطة الانتخابية القادمة وكذلك الى الطبقة السياسية؟
بالنسبة الى المواطنين أقول لهم إني أتفهم يأسكم من السياسة وأحسّ بمعاناتكم اليومية بسبب تردّي أوضاعكم الاجتماعية وأقول لكم لا تنتظروا شيئا في الثلاثة أشهر القادمة. دافعوا عن مصالحكم وتحلّوا بالصبر على أن تغتنموا فرصة التغيير بالصناديق وبالنسبة الى الطبقة السياسية أقول لهم إن المسؤولية التاريخية ليست في الفريق الحاكم ولا في المواطن الذي يعزف عن الانتخابات وإنما في عدم تحمّل النخب مسؤوليتها وتجميع قواها والخروج بمشروع بديل يفتح طريق الأمل أمام التونسيين وأمام تونس المسؤولية للنخب ولو وقعت يوما ما محاسبة فستحاسب النخب لأن التاريخ حكم على الطبقة السياسية بالفشل البيّن.
وبالنسبة الى الشباب الذي يعد الشريحة الأكثر استقالة وعزوفا عن الشأن العام؟
أعتقد أنه لا وجود لخطاب يمكن أن يصالح الشباب مع السياسة هذا يتحقق بعمل حكومة وطنية طيلة 5 سنوات تخلق للشباب أملا عن طريق توفير الشغل والنهوض بالتعليم والثقافة والترفيه ومقاومة المخدرات والضرب على أيدي المروّجين بيد من حديد، بدون تغيير واقع الشباب سيبقى الشباب في واد والطبقة السياسية في واد آخر وهو ما ينطوي على أخطار كبيرة تهدّد بسحب شبابنا الى التطرّف والجهادية والى الموت غرقى في البحر المتوسط بفعل «الحرقة» والى المخدرات التي تعصف بشبابنا في كامل أرجاء البلاد والى الانتحار حرقا.. مصالحة الشباب مع السياسة قيمة نبيلة تتحقق بالعمل الجاد والبرامج الجادة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.