أكد المحلل السياسي الجزائري، الدكتور إسماعيل خلف الله، في حوار مع الشروق بالهاتف من الجزائر أن الحراك الجزائري سيستمر حتى تحقيق كل المطالب مشيرا الى أن الاحتجاجات حققت بعض الأهداف لكن جزءا من مطالب المتظاهرين لم تتحقّق بعد. تونس –الشروق – وأشاد اسماعيل خلف الله بدور المؤسسة العسكرية خلال الاحتجاجات مطالبا هذه المؤسسة بمواصلة تأطير المرحلة الانتقالية . كما اثنى خلف الله على مواقف دول الجوار من أحداث الجزائر . وفيما يلي نص الحوار : في البداية ، رغم رحيل بوتفليقة وحكومة احمد اويحي مازالت المظاهرات تتواصل للأسبوع العاشر على التوالي ، فماهي المطالب الرئيسة للحراك ؟ اعتقد ان الحراك الى حد هذه الساعة لم يحقق هدفه الرئيسي والاساسي الذي يتمثل في الذهاب الى تغيير حقيقي والى تأسيس الجمهورية المنشودة ودولة القانون والعدل والحق ،هذه الدولة التي نعمل على أن يحترم فيها رأي الشعب .اليوم نستطيع ان نقول ان المتغير الوحيد في المشهد هو استقالة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة تحت الضغط الشعبي .لكن منظومة بوتفليقة مازالت باقية . اليوم حكومة نورالدين بدوي موجودة رغم أنه قام بتزوير الانتخابات السابقة التشريعية والمحلية كما قام بتزوير ما بين 5 او 6 ملايين استمارة لترشيح بوتفليقة للعهد الخامسة . كذلك اليوم المجلس الدستوري مازال يشتغل رغم ان اغلب اعضائه تم تعيينهم من طرف بوتفليقة . وفي العموم منظومة بوتفليقة هي من تتحكم اليوم في المشهد السياسي وتفرض اجنداتها وهي من تقرر . لذلك فإن الحراك مازال متواصلا لأن الهدف الرئيسي للحراك لم يتحقق بعد . ماهي الاجراءات المطلوبة من الرئاسة من اجل تهدئة الشارع والذهاب في مسار سياسي ديمقراطي وفقا لرغبة المحتجين ؟ اعتقد ان الازمة الجزائرية هي ازمة سياسية في العمق رغم ان ظاهرها يوحي بكونها ازمة دستورية. وقد تم تطبيق المادة 102 من الدستور. وقد وافقنا على هذا الاجراء في مسألة استقالة بوتفليقة لكن يجب ان نذهب الى قرارات سياسية جريئة للخروج من هذه الازمة .ومن بين هذه القرارات هو تأسيس مجلس رئاسي أو اختيار شخصية اعتبارية لها قبول شعبي والكفاءة اللازمة لقيادة الدولة خلال هذه الفترة الانتقالية. ومن جهة اخرى يمكن الذهاب الى تكوين حكومة كفاءات وطنية مكونة من شخصيات توافقية لتصريف الاعمال .ومن النقاط الضرورية الاخرى هي الذهاب الى تعديل قانون الانتخابات وهيئة مستقلة للانتخابات للإشراف على القوائم الانتخابية والنتائج النهائية. وإذا حققنا هذه الشروط نستطيع الذهاب الى انتخابات رئاسية نزيهة وهادئة . ونستطيع بذلك هيكلة الحراك في احزاب لأنه اذا قمنا اليوم بالانتخابات فسوف نقصي ملايين الشبان الموجودين في المسيرات اسبوعيا . . المحتجون يطالبون برحيل «الباءات» الثلاث أي نور الدين بدوي(رئيس الحكومة الحالي) وعبد القادر بن صالح (الرئيس المؤقت) و الطيب بلعيز رئيس المجلس الدستوري (استقال مؤخرا)، هل استقالتهم تحل الازمة في الجزائر وينهي الاحتجاجات ؟ نعم الحراك الشعبي ركّز في مطالبه على رحيل «الباءات» . وأولها الباء الكبيرة أي بوتفليقة الذي قرر الرحيل وكذلك الطيب بلعيز الذي استقال . ومازالت «باءات» اخرى وهي نورالدين بدوي رئيس الحكومة وعبد القادر بن صالح الرئيس المؤقت ومعاذ بوشارب الذي يرأس المجلس الوطني. أي ان الحراك يركز على رحيل كل المنظومة المحسوبة على بوتفليقة .والحراك يريد عند رحيل احدى الشخصيات المذكورة ان لا يعوض بشخصية اخرى من النظام بل يجب التوافق على شخيصات نظيفة من خارج منظومة بوتفليقة .وكما قلنا ازمة الجزائر تنتهي بعد تركيز لجنة حكماء او اختيار رئيس دولة توافقي او مجلس دستوري للإشراف على المرحلة الانتقالية.كما ان من المهم اعداد دستور جديد للبلاد . هل الجزائر قادرة اليوم على اجراء الانتخابات في 4 جويلية ؟ في اعتقادي انتخابات 4 جويلية هي عملية عبثية ولن تتم في موعدها ، وان جرت سيكتب لها الفشل. أغلبية رؤساء البلديات وكذلك نادي القضاء المشكّل من 1500 قاض قرروا عدم الاشراف عن هذه الانتخابات . والسؤال هو من سيشرف على هذه الانتخابات ؟. فحتى المعارضة والحراك الشعبي يرفضان هذه الانتخابات. وللتذكير فإن الرئيس المؤقت بن صالح اقترح ندوة تشاور حول الانتخابات وقلنا انها لن تنجح وفعلا فشلت. فالشخصيات والاحزاب التي تم استدعاؤها لم تلبّ الدعوة .والملاحظ ان بن صالح نفسه غاب عن العرس الذي دعا اليه لأنه مقتنع بانها عملية عبثية . ونتأسف للذين لبوا تلك الدعوة لأنهم انتهازيون ومنافقون وأرادوا الركوب على الحراك لأن همهم الوحيد مصالحهم الشخصية لا مصلحة الجزائر. هل تعتقد أن هناك اطرافا داخلية او خارجية تريد السطو او تحويل أهداف الحراك الجزائري ؟ ما من شك أن اطرافا خارجية وداخلية تريد تفخيخ هذا الحراك وافشال المظاهرات عبر تشويهها بأعمال العنف للدفع بالبلاد نحو حالة الطوارئ .وقد اتهم رئيس اركان الجيش احمد القايد صالح اذرع الدولة العميقة او العصابة ومنهم رئيس المخابرات السابق الجنرال توفيق بمحاولة تفخيخ الحراك .بعض الاطراف لها مصلحة في افشال الحراك السلمي وهناك اطراف اخرى تريد الركوب على الاحداث واجهاض مطالب المحتجين في بناء الدولة المنشودة .التجربة اثبتت ان الاطراف الخارجية تدخلت في احداث الربيع العربي . وفي المحصلة الحراك الشعبي يستطيع التغلب على هذه الاطراف عبر مواصلة التحرك السلمي والتوحد بين مكونات الشعب .هناك جهات تريد التغلغل وسط الحراك عبر بث افكار جهوية للتأثير على سلمية الاحتجاجات . كيف تقّيم مواقف دول الجوار من احداث الجزائر ؟ ما نستطيع أن نسجله من مواقف دول الجوار هو انها مواقف مشرفة خاصة من الشقيقة تونس او المغرب او موريتانيا . وفي ليبيا هناك انقسام وصراع لم يفرز موقفا واضعا ونأمل ان ينتهي الصراع هناك قريبا. وكل دول الجوار تتمنى الخير والاستقرار للجزائر. كيف ترى دور المؤسسة العسكري في الاحداث الجارية في الجزائر منذ بداية الحراك ؟ موقف الجيش كان ايجابيا حيث كان حاميا للحراك وحرص على عدم التصادم مع الشارع والمحتجين .فالمؤسسة العسكرية سجلت موقفا تاريخيا بوقوفها الى جانب شعبها .والمطلوب من الجيش اليوم هو مرافقة العملية الانتقالية كي لا يتم اجهاض مطالب التحركات. فالجيش هو الضامن للذهاب الى انتخابات نزيهة .وبعد وضع الجزائر على سكة الامان سوف ترجع المؤسسة العسكرية الى مهامها الاصلية المتمثلة في حماية سيادة ووحدة الجزائر . المؤسسة الامنية ايضا كان لها دور ايجابي ووقفت مع الشعب ولم تصطدم بالجماهير وكانت حامية لهذا الحراك رغم تسجيل بعض المناوشات البسيطة التي تم تجاوزها بسرعة .مصلحة كل الاطراف هو بناء دولة العدالة والقانون والديمقراطية .