وزارة التجارة تحولت الى «شركة خاصة للتوريد» .. السنة الانتخابية وراء لجوء الحكومة للتوريد وليس النقص، «بارونات» التوريد ينتعشون والانتاج الوطني يضمحل، هذه العبارات وغيرها يتداولها الفلاحون فيما بينهم ردا على لجوء الحكومة لتوريد بعض المنتوجات استعدادا لرمضان. تونس (الشروق) تعالت اصوات الفلاحين خاصة خلال هذه الفترة لرفض التوريد معتبرين انه توريد عشوائي وغير مدروس وانه يخدم مصلحة الموردين ويضر العملة الصعبة بينما الدعم الذي يفترض ان يوجه الى التوريد لابد ان يوجه اولا الى الفلاح للحفاظ على المنتوج الوطني وبالتالي الاقتصاد الوطني. انتقادات وتداعيات انتقد الاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري وزارة التجارة بسبب عدم تشريكه في اللجنة الوطنية الخاصة بتزويد السوق وتكوين المخزونات التعديلية لشهر رمضان التي كان يشارك في جميع اجتماعاتها على امتداد السنوات السابقة. وصرح رئيس المنظمة الفلاحية عبدالمجيد الزار خلال الندوة الصحفية التي عقدها هذا الاسبوع بأن وزارة التجارة تعمل بصفة انفرادية ولا تهتم لرأي المهنيين ولا تهمها مصلحة المنتجين وكل الأرقام التي تصدر عن هذه الوزارة هي أرقام لا تلزم الاتحاد واكد أن الانتاج الوطني في مختلف المواد الفلاحية الأساسية يغطي حاجيات السوق خلال شهر رمضان رافضا خيار التوريد الذي اعتبره عشوائيا وتعتمده وزارة التجارة متخلية عن دورها الوطني في حماية الاقتصاد ومنظومات الانتاج . وقال ان مختلف ارقام الانتاج الفلاحي الوطني تؤكد انها قادر ة على تغطية الحاجيات الاستهلاكية خلال شهر رمضان خاصة في المواد الاساسية على غرار مادة البطاطا حيث تمت خلال السنة الحالية زراعة 2500 هك من البطاطا البدرية بما يوفر انتاجا يقدر بأكثر من 50 الف طن و9 الاف هك من البطاطا الفصلية ستوفر انتاجا يقدر بحوالي 220 الف طن. واضاف انه سيتم تزويد السوق خلال الشهر الحالي بحوالي 25 الف طن متأتية من الزراعة البدرية كما يوجد 2000 طن كمخزون تعديلي لدى المجمع المهني المشترك للخضر الذي يجد صعوبات في ترويج هذا المخزون الذي يتكلف على الدولة 70 الف دينار في الشهر كمنحة خزن وأشار الى وزارة التجارة بسبب انفرادها بالرأي واعتمادها على سياسة التوريد العشوائي لإغراق السوق تسببت في أزمة حادة على مستوى قطاع البطاطا في السنة الماضية ومن يدفع الفاتورة هو الفلاح . وذكر ان الانتاج الشهري العادي من لحوم الدجاج يبلغ 10500 طن إلى جانب توفر مخزون تعديلي ب 1075 طنا ومن المنتظر تسجيل ارتفاع في معدل الانتاج بداية من الشهر الحالي ليبلغ 12000 طن في حين أن معدل الاستهلاك الشهري وطنيا يتراوح بين 10.000 و10.500. واكد ان هذا الاختلال بين العرض والطلب سيساهم بالتأكيد في تسجيل خسائر كبرى في صفوف المنتجين بسبب الانهيار المتوقع في الأسعار والذي تقف وراءه وزارة التجارة التي حطمت كل الأرقام القياسية على مستوى توريد بيض التفقيس وفي الوقت الذي كان من المفروض التفكير في خطة للمحافظة على استقرار منظومة الدواجن افاد "فاجأت المنتجين أخبار عن توقيع هذه الوزارة اتفاقية لتوريد لحوم الدواجن من أمريكا لمزيد إغراق السوق وتدمير منظومة الانتاج". واضاف ان الانتاج الوطني من لحم الديك الرومي يغطي كافة الحاجيات الاستهلاكية على امتداد السنة لكن رغم ذلك فإن وزارة التجارة تقوم سنويا بتوريد 5000 طن أو أكثر من لحم الديك الرومي مشددا على ضرورة القطع مع التوريد العشوائي والاستهتار بصحة المواطن من خلال التثبت من سلامة المواد الموردة. وواصل في نفس السياق ان وزارة التجارة تقوم حاليا باستشارات على مستوى الخارج لتوريد الحليب بسعر 2000 مليم للتر وهو ما يعني دعم الفلاح الأجنبي ب 880 مليم عن كل لتر حليب بينما المنتج التونسي يعاني . وكذا الشأن بالنسبة للحوم الحمراء فان الأرقام الصادرة عن المجمع المهني المشترك للحوم الحمراء والألبان تبين ان انتاجها خلال شهر رمضان سيبلغ 9,5 الاف طن موزعة إلى 5 الاف طن من لحوم ابقار و4.5 الاف طن من لحوم الضأن وهي كميات قادرة على تغطية الحاجيات الاستهلاكية التي تقدر بحوالي 9 الاف طن في شهر رمضان ولكن رغم توفر "العلوش" والأبقار التونسية فإن وزارة التجارة في إطار حساباتها الضيقة وخدمتها لمصالح "لوبيات" التوريد قامت بتوريد 2000 طن من لحم الأبقار المبردة و140 طنا من لحم الضأن. وذكر انه رغم قدرة الفلاحين التونسيين على توفير كل الحاجيات الاستهلاكية خلال شهر رمضان فان وزارة التجارة واصلت الاعتماد على التوريد العشوائي دون اعطاء أي اعتبار او قيمة لمصلحة البلاد ولمصالح الفلاحين التونسيين ودون مراعاة الوضعية المالية الصعبة لتونس وتدهور مخزوناتها من العملة الصعبة حيث كلف توريد البطاطا تونس ما قيمته بالعملة الصعبة 23 مليون أورو . توريد غير مدروس ما يدفعنا الى التوريد في تونس وهدر العملة الصعبة يدفع الفلاحين الى التساؤل عن الاسباب خاصة وان تونس بلد منتج بامتياز لكل المنتوجات الفلاحية ؟ وعوض التفكير في استراتيجية تدعم الانتاج ووضع خارطة فلاحية تنظم القطاعات والتوريد المدروس على غرار توريد عجول التسمين عوض اللحوم وعوض توريد القمح نورد بذوره لانه بهذه الطريقة يمكن الى جانب توفير العملة الصعبة ضمان التشغيلية التي ترافق المنتوج . رد الوزير وزير التجارة عمر الباهي قال في تصريحات اعلامية ردا على تصريحات المهنة بخصوص التوريد انه من واجب الوزارة الحفاظ على منظومات الانتاج الفلاحي لكن من واجبها ايضا توفير التزويد باللجوء للتوريد . وقال "كل دول العالم تصدر و تورد و لم نحدث بدعة بتوريد بعض احتياجاتنا جراء نقص الانتاج". وسيم بوخريص النقابة التونسية للفلاحين «شعبوية» وانتخابات وراء توريد المنتوجات قال وسيم بوخريص رئيس غرفة الدواجن صلب النقابة التونسية للفلاحين في حديثه ل"الشروق" حول رغبة وزارة التجارة في توريد المنتوجات عوض دعم المنتوج الوطني "جل المنظومات الفلاحية حققت تقريبا اكتفاءها الذاتي ما عدا بعض القطاعات على غرار الحبوب حيث تورد تونس ما يناهز 95 %من احتياجاتها من القمح اللين وفي حدود 50 % من القمح الصلب و الشعير العلفي واصرار وزارة التجارة على توريد المنتوجات الفلاحية على غرار البطاطا و اللحوم الحمراء ومنتوجات الدواجن رغم توفر مستويات انتاج تغطي حاجيات السوق المحلية وتسمح حتى بالتصدير فضلا عن المخزونات الاستراتيجية التي تمسكها المجامع المهنية أمر يثير الريبة والشك". واعتبر أن العمل على وفرة التزويد عن طريق التوريد خيار فاشل لما له من انعكاسات سلبية على رصيد الدولة من العملة الصعبة وعلى قيمة العملة الوطنية وفيه ايضا تعسف على الفلاحين وضرب لمنظومة الإنتاج في العمق. واضاف " ما نلاحظه اليوم من تراجع حاد في أسعار دجاج اللحم يعكس السياسة الفاشلة التي ما فتئت تنتهجها وزارة الإشراف وذلك بتعمدها اغراق السوق عبر رفع مستويات الإنتاج الشهرية وتوريد اللحوم البيضاء بغاية الضغط على الأسعار دون مراعاة تكاليف الإنتاج الحقيقية. وفي إطار آخر تمضي الوزارة قدما في توريد الحليب لتغطية النقص الحاصل في الإنتاج المحلي دون الوقوف على الأسباب الحقيقية التي حالت دون توفر المنتوج والمتمثلة اساسا في تلاشي القطيع وهجر العديد من المربين لهذا النشاط جراء المردودية السلبية للقطاع وعدم مواكبة أسعار قبول الحليب وتطور تكاليف الإنتاج الحقيقية دليل آخر على عدم اكتراث وزارة الإشراف لمعاناة المربين واصرارها على دعم المنتج الأجنبي على حساب المنتج الوطني. وخلص الى القول بأن المؤسف هو ان الحكومة تسعى للضغط على الأسعار عبر سياسة التسقيف و التوريد بحجة الحفاظ على المقدرة الشرائية للعائلة التونسية والحال أن دعم المقدرة الشرائية لا يمكن أن يتحقق إلا عبر دعم منظومات الإنتاج الوطنية ورفع الإنتاجية للضغط على تكاليف الإنتاج وتحسين المردودية بما يسمح بالرجوع بالأسعار عند الإنتاج والتفصيل إلى مستويات معقولة. وختم بان اصرار الحكومة على انتهاج سياسة التوريد دون الرجوع للمنظمات والنقابات المهنية وإغراق السوق بالمنتوجات الفلاحية الأجنبية رغم توفر المنتوج هو من باب الشعبوية وهدفه تجنب الصدام مع الأطراف الاجتماعية في سنة انتخابية ولكن تداعياته ستكون حتما كارثية على المنتج والمستهلك على حد السواء وعلى الأمن الغذائي والسيادة الغذائية الوطنية.