خلق الله آدم بيده ونفخ فيه من روحه وأسجد له ملائكته. وقد خلق الله آدم من تراب كما قال سبحانه {إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال كن فيكون} (آل عمران 59) ولما أتم الله خلق آدم أمر الملائكة بالسجود له فسجدوا إلا إبليس فقد كان حاضراً ولكنه أبى واستكبر عن السجود لآدم {إذ قال ربك للملائكة إني خالق بشراً من طين فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين فسجد الملائكة كلهم أجمعون إلا إبليس استكبر وكان من الكافرين} . ثم أخبر الله الملائكة بأنه سيجعل آدم خليفة في الأرض بقوله {وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة} (البقرة 30) وعلم آدم جميع الأسماء. ولما امتنع إبليس من السجود لآدم طرده الله ولعنه {قال فاخرج منها فإنك رجيم وإن عليك لعنتي إلى يوم الدين} ولما علم إبليس بمصيره سأل الله أن ينظره إلى يوم البعث {قال رب فأنظرني إلى يوم يبعثون قال فإنك من المنظرين إلى يوم الوقت المعلوم} ولما أعطاه الله ذلك أعلن الحرب على آدم وذريته يزين لهم المعاصي ويغريهم بالفواحش {قال فبعزتك لأغوينهم أجمعين إلا عبادك منهم المخلصين} وقد خلق الله آدم، وخلق منه زوجته وجعل من نسلهما الرجال والنساء كما قال سبحانه {يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالاً كثيراً ونساء} (النساء 1) ثم أسكن الله آدم وزوجه الجنة امتحاناً لهما فأمرهما بالأكل من ثمار الجنة ونهاهما عن شجرة واحدة {وقلنا يا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة وكلا منها رغداً حيث شئتما ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين} (البقرة 35) وقد حذر الله آدم وزوجه من الشيطان بقوله {يا آدم إن هذا عدو لك ولزوجك فلا يخرجنكما من الجنة فتشقى} (طه 117) ثم إن الشيطان وسوس إلى آدم وزوجه وأغراهما بالأكل من الشجرة المنهي عنها فنسي آدم وضعفت نفسه فعصى ربه وأكلا من الشجرة {فوسوس إليه الشيطان قال يا آدم هل أدلك على شجرة الخلد وملك لا يبلى فأكلا منها فبدت لهما سوءاتهما وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة وعصى آدم ربه فغوى} (طه 120 و121) فناداهما ربهما وقال {ألم أنهكما عن تلكما الشجرة وأقل لكما إن الشيطان لكما عدو مبين} (الأعراف 22) ولما أكلا من الشجرة ندما على فعلهما وقالا {ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين} (الأعراف 23). وقد كانت معصية آدم عن شهوة لا عن استكبار لذا أرشده الله إلى التوبة وقبلها منه {فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه إنه هو التواب الرحيم} (البقرة 37) فكانت هذه سنة جارية لآدم وذريته من عصى ثم تاب صادقاً تاب الله عليه {وهو الذي يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات ويعلم ما تفعلون} (الشورى 25) . أهبط الله آدم وزوجته وإبليس إلى الأرض وأنزل عليهم الوحي وأرسل إليهم الرسل فمن آمن دخل الجنة ومن كفر دخل النار {قلنا اهبطوا منها جميعا فإما يأتينكم مني هدى فمن تبع هداي فلا خوف عليم ولا هم يحزنون والذين كفروا وكذبوا بآياتنا أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون} (البقرة 38 و 39). ولما أهبط الله الجميع إلى الأرض بدأ الصراع بين الإيمان والكفر بين الحق والباطل بين الخير والشر وسيبقى إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها {قال اهبطوا بعضكم لبعض عدو ولكم في الأرض مستقر ومتاع إلى حين} (الأعراف 24). .