مكتب الساحل: لمسجد بوفتاتة بالمدينة العتيقة بسوسة حكاية، فخلال العهد الأغلبي ولما كثر عدد السكان بمدينة سوسة وانتشر العمران أمر الأمير أبوعقال الأغلب فتاه المسمى فتاتة المكلف بالإشراف على بناء الجانب القبلي من السور ببناء مسجد وقد نُسب إليه (فتاتة) ثم وقع تحريف في الاسم فصار يعرف ب «بوفتاتة» وهو مسجد بسيط البناء له أعمدة من الحجارة المتينة ولم يعتن فتاتة بزخرفته الداخلية لوقوعه في منطقة حربية ولانهماكه في إنجاز السور الدرع الواقي للمدينة من خطر الغارات العدوانية، ورغم ذلك فقد زينه بكتابة كوفية تحيط بجدرانه الخارجية من جهاته الأربع. وقد أدخلت على المسجد حديثا بعض التحسينات كالطلاء بالدهن والتبليط لكن جوهره الأصلي لم يتغير.وإذا ما تأمل الإنسان مليا في بنائه يلاحظ الشبه في الطراز المعماري مع الجامع الكبير، وقد وقع اعتماده كنموذج لبناء عديد المساجد عبر العصور، ولعل أهم ما يميز هذا المسجد الصغير أسبقيته التاريخية، إذ يعتقد المؤرخون والباحثون أنه شُيد قبل الجامع الكبير في أواخر القرن الثاني للهجرة وقد حافظت بيت الصلاة السفلى على شكلها الهندسي ومساحتها ونمطها الأصلي. ويحمل أحد جدران المسجد كتابة كوفية رائعة تؤرخ المبنى وتخلد ذكرى مصممه الملقب بأبي فتاتة، أما المئذنة فقد تمت إضافتها لاحقا في عهد الأتراك... ويقع المسجد بالمدينة العتيقة بسوسة.