يحيط بخاصرة المدينة العتيقة بالقيروان سور عظيم يلفت انتباه الزائر بارتفاعه وسمكه وطوله ويعد احد ابرز عناوين التراث المعماري للقيروان. بناؤه ودوره العسكري والاجتماعي فيه أكثر من حكاية. وكان اول سور بني في القيروان سنة 114 م بني من الطوب وقدر سمكه ب7 امتار لكن تم هدمه وخلفه سور في عدة حقبات تاريخية للمدينة. وسور القيروان الحالي يحيط بالمدينة العتيقة من أغلب جهاتها ويفوق طوله 3،2كم. وهو عظيم شاهق الارتفاع مقام من الآجر. ويشتمل على ثمانية أبواب أغلبها من العهد الحسيني وبعضها تم فتحها من عهد قريب تيسيرا لحركة المرور من المدينة إلى خارجها. ومن الأبواب الجميلة باب الجلادين ( باب الشهداء حاليا) وهو مكون من عقدين مقامين على تيجان وأعمدة من الطراز العثماني وتؤرخ لوحة رخامية بها أبيات شعرية تاريخ تجديد البناء من سنة 1185ه/1772م. وحسب الباحثين فانه لم يبق من أول أسوار القيروان التي أحدثها الوالي العباسي محمد بن الأشعث سنة 144ه/762م أي آثار تذكر، كما عفت رسوم الأسوار التي أقامها المعز بن باديس أيام عز المدينة وامتداد عمرانها قبل الزحف الهلالي سنة 449ه/1157م. حصون منيعة وقد جعلت تلك الأسوار لغايات دفاعية تدعمها أبراج دائرية وحصون وتخترقها عدة أبواب وهي مبنية بواسطة الآجر المطهو وجزئيا بتقنية الطابية. يتراوح علو هذه الجدران بين 4 و8 أمتار وتتوجها شرفات مستديرة، في حين يتخللها 20 برجا دائريا وحصنا مستطيلا ومتعدد الأضلاع أعدوا لاستقبال المدافع. وتقدم أسوار القيروان مثالا مميزا للأسوار الإفريقية المبنية بالآجر والتي أعيدت تهيئتها خلال الحقب الحديثة والمعاصرة لتتكيف مع التقنيات الدفاعية كما كان الحال عليه في أسوار قصبة سوسة التي بنيت خلال القرن التاسع وعرفت عدة أشغال للتوسعة خلال الحقبات المتتالية. وقد شهدت الأسوار أشغال ترميم وصيانة قبل أعوام حاولت إلى قدر كبير المحافظة على طابعها المعماري القديم. وقد شهدت مداخل المدينة بدورها أشغال تهيئة أضفت بعدا جماليا ساحرا على المدينة بمحافظته على النمط المعماري من المواد المستخدمة إلى الزخارف الجميلة البارزة . ويبدو السور في مظهره الخارجي اكبر حارس للمدينة يخفي في جوفه أسرار المدينة العتيقة وعشرات المساجد والمعالم الدينية وشهد مؤخرا عدة تحويرات حيث تحول إلى جدار للمعلقات كما أصبح عند ساحة باب الجلادين فضاء للإعلام ويستخدم كشاشة وذلك بعد ان تم تشويهه بالساحة التي أقيمت أسفله.