– قالت "هيومن رايتس ووتش" ومنظمة "مواطنة لحقوق الإنسان" اليوم، إن مستودعاً تسيطر عليه جماعة أنصار الله المسلحة (الحوثيون)، يخزنون فيه مواد متطايرة بالقرب من منازل سكنية ومدارس، اشتعلت فيه النيران وانفجر في العاصمة اليمنية صنعاء، في 7 أفريل 2019، مما تسبب بمقتل 15 طفلاً على الأقل. كما أدى الانفجار الهائل إلى إصابة أكثر من 100 طفل وبالغ. لم تتمكن المنظمتان من تحديد السبب الأولي للحريق في المستودع. فيما لم ير أو يسمع الشهود طائرات، لكن قناة "العربية" المملوكة للسعودية بثّت – ثم حذفت – تقريراً يفيد بأن التحالف بقيادة السعودية نفذ غارة جوية على المنطقة في ذلك اليوم. وفي الظهيرة التي أعقبت الانفجار، قال شهود عيان إن العشرات من قوات الأمن التي تتبع الحوثيين وصلوا إلى موقع الانفجار في حي سعوان السكني، وباشروا إطلاق رصاصات تحذيرية في الهواء، كما أقدمت على ضرب واحتجاز عدد من الأشخاص الذين كانوا يحاولون تصوير المستودع. ولعدة أيام تلت الانفجار، نقلت قوات الجماعة بواسطة شاحنات كميات كبيرة من مواد غير معروفة من داخل الموقع. كما منعت باحثي حقوق الإنسان من الوصول إلى المنطقة حتى 11 أفريل. وقالت رضية المتوكل، رئيسة مواطنة لحقوق الإنسان: "يجب على سلطات الحوثيين تقديم معلومات موثوق بها، وعليها التوقف عن تخزين كميات كبيرة من المواد المتطايرة في المناطق المكتظة بالسكان. لقد لعب الحوثيون دوراً في هذه المأساة، وعليهم محاسبة المسؤولين عنها وتقديم التعويضات للضحايا". وبناءً على مقابلات الشهود ومقاطع الفيديو وصور الأقمار الصناعية، توصلت مواطنة وهيومن رايتس ووتش إلى أن نيران اشتعلت بمحتويات المستودع الأمر الذي أدى إلى حدوث الانفجار. ولم تتمكن المنظمتان من تحديد محتويات المستودع، ولكن المعلومات المتاحة تبيّن أنها قابلة للاشتعال والانفجار، مما يشكل خطراً متوقعاً على المدنيين الذين يقطنون المنطقة ويرتادون المدارس فيها. قال شهود إنهم لم يتمكنوا من معرفة السبب الأولي للحريق في المستودع، نظراً لأنهم لم يشاهدوا أو يسمعوا طائرة مقاتلة أو ذخائر قادمة قبل بدء الحريق، أو في وقت الانفجار الكبير بعد عدة دقائق. فيما لم تُشر أربعة مقاطع فيديو، صّورها مارة وقاموا بتحميلها على الإنترنت خلال ساعات، إلى سبب الحريق، ولا تُظهر ما يدل على وقوع غارة جوية أو ذخيرة قادمة. ولم يشاهد الباحثون حفراً قد تشير إلى سقوط قنبلة جوية عندما تمكنوا للمرة الأولى من الوصول إلى الموقع بعد أيام من الانفجار. كما لم يلاحظ وجود حفر في صُوَر المنطقة المنشورة على وكالة أنباء "شينخوا" في 9 أفريل. في يوم الانفجار، غرّدت قناة العربية على تويتر بأن التحالف بقيادة السعودية – والذي يقاتل الحوثيين منذ 2015 – شنّ غارات جوية على "معسكر للشرطة العسكرية في ضاحية سعوان" شرق صنعاء، وتكرر نشر خبر في الساعة 12:59 مساءً على الموقع الإخباري. وفي نشرة إخبارية متلفزة، ذكرت قناة العربية أن "القصف طال معسكراً للشرطة العسكرية شرقي العاصمة صنعاء … بالإضافة إلى أحد المخازن التابعة للحوثيين في جولة الأربعين"، وهو اسم تقاطع يبعد حوالي 250 متراً جنوب المستودع الذي انفجر. تحدث الباحثون إلى سكان بالقرب من معسكرين للشرطة العسكرية في شرق صنعاء، أحدهما يقع على بعد 3 كيلومترات جنوب غرب المستودع والآخر يبعد 2 كيلومتر جنوب المستودع، وكذلك إلى سكان آخرين بالقرب من الدوار الآخر في صنعاء الذي يدعى الأربعين، على بعد حوالي 10 كيلومترات جنوب المستودع، غير أن السكان أوضحوا أنهم لم يعلموا بوقوع أي غارات جوية حدثت في 7 أفريل. حذفت قناة العربية في وقت لاحق التغريدة وأزالت مقطع الأخبار المتلفز عن موقعها الإلكتروني. وأفادت على لسان المتحدث باسم التحالف العقيد الركن تركي المالكي في مساء يوم 7 أفريل أن التحالف لم يستهدف مناطق سكنية في صنعاء. فيما عزا الحوثيون وبعض التقارير الإخبارية الانفجار القاتل إلى غارة جوية للتحالف. دمر انفجار المستودع منزلاً قريباً تسكنه ثلاث عائلات وألحق أضراراً بالغةً بمنزل آخر. وقد أدى الانفجار أيضاً إلى انخلاع الأبواب، وتحطيم النوافذ في أربع مدارس قريبة. ذكرت "منظمة الأممالمتحدة للطفولة" (اليونيسف)، "كان وقت الغداء تقريباً وكان الطلاب في الصفوف"، حيث قُتل وجُرح العشرات. من بين الأطفال القتلى ال15، حددت مواطنة أسماء وأعمار 10 فتيات وصبي توفوا في مدرستين. في حين جُرح 17 فتاة و12 فتى، تتراوح أعمار معظمهم بين11 و12 عاماً. كما أصيب 45 طفلا على الأقل، 5 منهم في حالة خطيرة، وكذلك 58 من البالغين على الأقل، بناءً على مقابلات أُجريت مع أشخاص كانوا في المدرستين وفي ثلاث مستشفيات خاصة استقبلت القتلى والجرحى. وقد تكون الأعداد الفعلية للقتلى أعلى من ذلك. تم إجلاء بعض ضحايا الانفجار الذين كانوا بحالة حرجة إلى مستشفيات عامة تديرها سلطات الحوثيين، ورفض مسؤولو المستشفيات التحدث إلى المنظمات الحقوقية. وحدد طلاب ومدرسون في "مدرسة الراعي" الحكومية، التي تضم حوالي 2000 طالب وطالبة، وتقع على بعد حوالي 250 متراً إلى الغرب من الانفجار، وفاة تسع طالبات في المدرسة. وقال شهود إن الانفجار تسبب في فرار العديد من الفتيات هلعاً عبر الشرفات الموجودة خارج الصفوف الدراسية إلى السلالم، حيث سقط بعضهن وتعرضن للدوس. وجراء انسداد السلالم، أقدمت بعض الفتيات إلى القفز والسقوط من الطابق العلوي للمبنى المكون من ثلاثة طوابق. قال العاملون في إحدى المستشفيات إنهم قد استقبلوا جثث ثلاث فتيات تعرضن للدوس حتى فارقن الحياة، وإن معظم الأطفال المصابين الذين نقلوا إلى المستشفى قد جُرحوا بسبب تناثر شظايا الزجاج المهشم للنوافذ. قالت "منظمة رعاية الأطفال"، إن بعض الأطفال في مدرسة الراعي "ماتوا داخل فصولهم الدراسية"، على ما يبدو بسبب الجروح الناجمة عن الانفجار. ولقيت تلميذة أخرى حتفها لأسباب مجهولة "بسبب نقص المعدات والإمدادات في المستشفى". أنقذ موظف في (منظمة رعاية الأطفال) طفلة مصابة (14 عاماً) وقالت له: "لن أذهب إلى المدرسة أبداً بعد الآن". لم تتمكن هيومن رايتس ووتش ومواطنة من تحديد المواد التي كانت مُخزّنة في منشأة سعوان بشكل قاطع. لاحظ الباحثون أضراراً واسعة النطاق جراء الانفجار، إذ عثروا على صاعق قنبلة يدوية كانت موجودة بالقرب من المستودع. إذا ما خزنّت قوات الحوثيين مواد مثل الذخائر أو الوقود لأغراض عسكرية في ذلك الموقع، فسيكون ذلك انتهاكاً لالتزامات قوانين الحرب، ويجب عليها اتخاذ جميع الاحتياطات الممكنة لتجنب وضع أهداف عسكرية داخل المناطق المكتظة بالسكان أو بالقرب منها، وحماية المدنيين من الخطر الناتج عن العمليات العسكرية. قال بيل فان إسفلد، باحث أول في مجال حقوق الطفل في هيومن رايتس ووتش: "أدى قرار الحوثيين تخزين مواد خطيرة بالقرب من المنازل والمدارس على الرغم من الخطر المتوقع للمدنيين، إلى مقتل وإصابة العشرات من أطفال المدارس والبالغين. على الحوثيين التوقف عن تغطية ما حدث في سعوان والبدء ببذل المزيد من الجهد لحماية المدنيين الخاضعين لسيطرتهم".