سلطعون البحر، عقرب البحر، سرطان البحر و"داعش" البحر، هي اسماء تطلق على واحدة من الكائنات البحرية، التي حولت حياة البحارة الى كابوس، اذ انها تسببت ما بين سنة 2014 ونهاية 2016، في أضرار فادحة للبحارة، لتتحول الى ثروة سنة 2017. مدنينجرجيس (الشروق) وتعود تسمية السلطعون ب"داعش" البحر، لسلوكه العدواني، ومهاجمته الأسماك والصيادين، وهو سريع التكاثر، وفي وقت وجيز يخلف الخراب، اذ يختار بعناية ما يأكل، وإن بقيت في الشباك أسماك يقطعها بمقصّه الحاد إلى جزأين. هذا الكائن البحري الذي لم يكن مألوفا قبل خمس سنوات يعلق بشباك الصيادين في منطقة خليج قابس، والزارات وجربة وجرجيس وسرعان ما انتشر وتحوّل إلى مشكلة تؤرقهم لكونه يلتهم السمك ويمزق الشباك، فهو لا يكتفي بأكل الاسماك، بل يهاجم البحارة اثناء تخليصه من شباكهم ويلحق الأذى بهم. خسائر بالمليارات تضرر ما يزيد على ثلاثة الاف صياد بسواحل ولاية مدنين من سلطعون البحر، واضطروا الى تجديد الشباك، ثلاث مرات في السنة، بعد ان كانوا يستخدمونها طيلة سنتين. نداءات استغاثة للسلطات المعنية واحتجاجات متواصلة بالمدن الساحلية لتخليصهم من هذا الكائن العدواني بسبب الخسائر المادية الكبيرة، التي يسببها في معدات عملهم وخصوصا الشباك، حيث يمزقها ويلتهم الأسماك، ويؤثر على موارد رزقهم، بسبب أعداده الكبيرة وتكاثره بسرعة. وعن طريقة تنقله واجتياحه السواحل التونسية حسب تصريحاتهم كان عبر البواخر الناقلة للسلع من ايطاليا. السلطعون من نقمة الى نعمة مقترحات عديدة من اهل الاختصاص، لمزيد البحث عن طرق لاستغلال هذا الكائن البحري لمنافسة الشركات العالمية وتحويله من آفة إلى منتج غذائي صناعي خاصة، وان النوعية الموجودة بتونس مطلوبة بكثرة في الأسواق الخارجية، وهو ما يضمن قدرة تشغيلية عالية ودائمة ويوفر عملة صعبة لدعم الاقتصاد الوطني وليتحوّل إلى ثروة وطنية، بعد أن كان مشكلة، فاهتمام البحارة تحول إلى صيد هذا النوع وأصبحت قواربهم مخصصة لصيده، بتقنيات جديدة تتأقلم مع طبيعته العنيفة، ورغم ان ثمنه لا يتجاوز 2.500 دينار غير ان تصديره ساهم في خلق موارد هامة للبحارة. مستثمرون جدد على الخط وقد استقطب هذا المنتوج البحري مستثمرين لمنطقة جرجيس وهو من القشريات التي تتأثر بالحرارة وتتطلب جهدا وعملا دقيقا خلال عملية الإنتاج من مرحلة الصيد وصولا الى التصدير، وتركزت في قابس أول منشأة صناعية لتصديره. وأصبحت شاحنات جمعه تصطف لإفراغ الصناديق لتمر مباشرة إلى عملية الفرز بين الأنثى والذكر، وبين السليمة والمتكسرة ارجلها، ثم احالتها الى المعالجة والتعليب، ثم الشحن والتصدير نحو اسواق آسيوية وأندونسية وغيرها، من الاسواق العربية ايضا. وفي إطار مزيد التعريف بالخطة الوطنية للتشجيع، على صيد وترويج وتثمين سلطعون البحر بخليج قابس، تتواصل جهود المجمع المهني المشترك لمنتوجات الصيد البحري بولاية مدنين، بالتعاون مع مستثمر تركي للقيام بتجارب بمنطقة سدويكش وقلالة. تشجيعات للبحارة يعمل المجمع المهني لمنتوجات الصيد البحري، على الاحاطة بالبحارة، وتنظيم دورات تكوينية في كيفية التعامل مع السلطعون وتمكينهم من معدات العمل كالدراين والطعم وهي الى حد الان تجارب ناجحة بالنظر الى الكميات والاحجام الكبيرة التي تم صيدها. وفي نفس الاطار قام للمجمع المهني المشترك لمنتوجات الصيد البحري، بطلب عروض لصنع 4000 درينة ستوزع مجانا للبحارة، وسيكون نصيب ولاية مدنين 1300 درينة. وطالب المجمع وكالة النهوض بالاستثمارات الفلاحية APIA بتفعيل منحة تقدر ب 55 % من كلفة شراء وسائل صيد انتقائية (الدراين). واكد فتحي النالوفي كاهية مدير مكلف بالجودة بالمجمع المهني المشترك لمنتوجات الصيد البحري بولاية مدنين أن باقي وحدات التصنيع ستعمل على الانخراط في هذا التوجه، لحماية المنتوجات البحرية من السلطعون من ذلك ان وحدة صنع منار تن بجرجيس، ستعمل خلال هذه السنة على صنع وتعليب السلطعون وحث بحارة حاسي الجربي وبوغرارة على الانخراط في تنفيذ الخطة فضلا عن امضاء عقود من قبل مصنع البحار لبحارة الجهة. صادرات هامة لعدة وجهات ونظرا للمردودية الاقتصادية والاجتماعية، لهذا المنتوج، الذي يقع تصديره إلى أكثر من 20 وجهة، تضاعفت قيمة صادرات تونس من سلطعون البحر في شكله المجمد، وخلال شهر مارس 2019، بلغت 6,2 مليون دينار مقابل 3,3 مليون دينار خلال نفس الفترة من سنة 2018، مما يشكل ارتفاعا بنسبة 88 بالمائة. وحسب معطيات وزارة الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري، فقد ارتفعت صادرات تونس من سلطعون البحر المجمد، على مستوى الكمية بنسبة 36 بالمائة لتصل الى 707.2 طن في مارس 2019 مقابل 520 طنا في سنة 2018.وتحل كوريا الجنوبية في المرتبة الاولى من الدول الموردة لسلطعون البحر المجمد في آسيا بنحو 191.3 طن، تليها اندونيسيا بنسبة 37 طنا، ثم تايوان بنسبة 33 طنا، والفيتنام تورد حوالي 8 طن وتايلندا بنسبة 3 طن والسعودية تورد حوالي 2 طن.من جهة اخرى، يقوم المجمع المهني المشترك لمنتوجات الصيد البحري بولاية مدنين بمسابقات وحصص تذوق لأكلات معدة من سلطعون البحر، بغرض ادخال هذا المنتوج للمطبخ التونسي وحث العائلات على استهلاكه في اكلات مختلفة.