إذا رأيت عالماً لم يستعمله علمه فاستعملْ أنت علمكَ في أدبك معَه؛ حتى توفي العالِمَ حقَّهُ من حيث ما هو عالمٌ، ولا تُحجَب عن ذلك بحاله السيّئ؛ فإن له عند الله درجَةَ علمه، فإن الإنسان يُحشَرُ يوم القيامة مع من أحبّ، ومن تأدّب مع صفة إلهية كُسِيَها يومَ القيامة وحُشِرَ فيها. وعليك بالقيام بكل ما تعلمُ أن الله يُحبُّهُ منك، فتبادر إليه؛ فإنك إذا تحلّيتَ به على طريق التحبُّب إليه تعالى أحبّك، وإذا أحبكَ أسعدكَ بالعلم به، وبتجلّيه، وبدار كرامته، فينعمك في بلائك. والذي يحبه تعالى أمورٌ كثيرة اذكر منها ما تيسر على جهة الوصية والنصيحة! فمن ذلك التجمُّلُ لله؛ فإنه عبادة مستقلة، ولا سيما في عبادة الصلاة؛ فإنك مأمور به؛ قال الله تعالى: {يا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ} [الأعراف: 31]، وقال في معرض الإنكار: {قُلْ من حَرَّمَ زِينَةَ الله الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبادِهِ والطَّيِّباتِ من الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا في الْحَياةِ الدُّنْيا خالِصَةً يَوْمَ الْقِيامَةِ كَذلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ} [الأعراف: 32]. وأكثر من هذا البيان في مثل هذا في القرآن فلا يكون ولا فرق بين زينة الله وزينة الحياة الدنيا إلا بالقصد والنية، وإنما عين الزينة هي هي ما هي أمرٌ آخرُ. فالنية روح الأمور، وإنما لكا امرئ ما نوى؛ فالهجرة من حيثُ ما كانت هجرة واحدة العين، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة يتزوجها فهجرته إلى ما هاجر إليه. وورد في الصحيح في مسلم أن رجلاً قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله إني أحب أن يكون نعلي حسناً وثوبي حسناً، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الله جميل يحب الجمال»، وقال: «إن الله أولى مَن يُتجمَّلُ له».